الرسائل المتبادلة مع زملائك في مكان العمل ليست خاصة كما تعتقد
نحتاج جميعًا إلى التنفيس عن أنفسنا والحديث عن مهام العمل أو عن زملائنا بحرية في بعض الأحيان، لكن إذا استخدمنا أجهزة العمل في تبادل الرسائل، هل يمكن لرؤسائنا قراءتها؟
هل سبق لك أن مررت بيوم سيء في العمل، واشتكيت من ذلك إلى زملائك عبر أحد تطبيقات المراسلة الداخلية، ثم شعرت بالقلق من أن مديرك قد يكون قادرًا على قراءة جميع رسائلك؟
لقد اتضح أن لديك كل الحق في أن تشعر بالقلق، فنادرًا ما تكون الاتصالات عبر أجهزة العمل خاصة كما قد تبدو!
في يوليو/تموز الماضي، أقالت شركة نيتفليكس الأمريكية ثلاثة مديرين تنفيذيين يعملون في مجال التسويق بسبب تبادلهم رسائل تنتقد زملائهم عبر ما كانوا يعتقدون أنه قناة خاصة للاتصالات على منصة “سلاك”.
وقال الرئيس التنفيذي المشارك لشركة نيتفليكس، تيد ساراندوس، في منشور على موقع “لينكيد إن” إن الأمر لم يكن مجرد حالة لموظفين يتبادلون الحديث فيما بينهم عبر منصة “سلاك”، لكنه كان عبارة عن “تعليقات شخصية انتقادية تم الإدلاء بها على مدى عدة أشهر حول أقرانهم في العمل”، بما في ذلك أثناء اجتماعات كان هؤلاء الأقران يقدمونها.
وأضاف: “من الجدير بالذكر أيضًا أننا لا نراقب منصة سلاك أو البريد الإلكتروني بشكل استباقي. لقد كانت قناة سلاك مفتوحة، لذا كان يُمكن لأي شخص الدخول إلى المحادثات، على الرغم من أن الموظفين المعنيين كانوا يعتقدون أنها خاصة أو سرية”.
وغالبًا ما يتوهم العمال بأن الاتصالات عبر أجهزة العمل سرية وتتحلى بالخصوصية، معتقدين خطأً أنه يمكنهم الدردشة بشكل خاص أو إرسال رسائل بريد إلكتروني أو حتى التواصل من خلال مؤتمر عبر الفيديو على كمبيوتر الشركة دون أن يشاهد صاحب العمل هذه المعلومات بعد ذلك.
ومع ذلك، يمكن رؤية ما يبدو خاصًا وسريا في الوقت الحالي بنقرة زر واحدة. والحقيقة هي أن أصحاب العمل لديهم التكنولوجيا التي تمكنهم من تتبع جميع الاتصالات التي يجريها الموظفون في مكان العمل تقريبًا في جميع الأوقات، حتى لو كانت الشركات نادرًا ما تتحلى بالشفافية بشأن المستوى الذي تفعل به ذلك.
إذا، ما هو الخط الفاصل الذي يجب أن تلتزم به الشركات، وما الذي يجب أن يضعه العمال في الاعتبار قبل تبادل هذه الرسالة غير المحمية؟
لا تفترض أن شيئًا خاصًا
يقول هيذر إيغان سوسمان، المقيم في بوسطن ورئيس شركة المجموعة العالمية للإنترنت والخصوصية وابتكار البيانات: “يجب على الموظفين أن يفترضوا أنه عندما يستخدمون أدوات وأجهزة العمل، فإن أي شيء قد يفعلونه – بما في ذلك الاتصالات المكتوبة أو المواقع الإلكترونية التي قد يزورونها – يخضع للمراجعة”.
بالطبع هناك أسباب مشروعة وراء مراقبة الشركات للاتصالات الداخلية. يقول سوسمان إن الشركات التي تعمل في قطاعات مثل الخدمات المالية تخضع لتنظيم شديد وتحتاج إلى مراقبة الاتصالات بشكل استباقي كجزء من برامج الامتثال الخاصة بها.
ويمكن أيضًا أن يكون أي شخص يتعامل مع مواد حساسة (مثل السجلات الصحية أو العقود الحكومية) مراقبا بشكل استباقي لحماية أعمال الشركة وسمعتها ومواردها.
وغالبًا ما تتخذ الشركات التي تعمل خارج هذه القطاعات نهجًا أكثر تفاعلًا، حسب سوسمان، إذ تلتقط الاتصالات من خلال برنامج الاحتفاظ بالبيانات والسجلات (الذي يعمل على تسجيل البيانات لفترة زمنية محددة)، ثم تراجع تلك المعلومات عندما يكون ذلك ضروريًا لمعالجة مشكلة ما.
ولا يشمل هذا الرسائل ورسائل البريد الإلكتروني فحسب، بل يشمل أيضا مكالمات الفيديو عبر تطبيقات مثل “سكايب” و”زوم” و”تيمز”، والتي يمكن تسجيلها كذلك.
وتحتوي العديد من أدوات مكان العمل – بما في ذلك “سلاك”، و”غوغل ورك سبيس” و”مايكروسوفت تيمز” – على ميزات تسمح للإدارة بتخزين الرسائل والبحث بداخلها، خاصةً إذا دفعت الشركة مقابلا ماديا للحصول على ميزات أكبر في تلك البرامج والتطبيقات.
هذا يعني أنه حتى إذا أنشأت محادثة جماعية خاصة بين شخصين أو ثلاثة – أو أرسلت رسائل مباشرة – فلا يزال من الممكن للإدارة رؤية هذه المحادثات التي تبدو خاصة (على الرغم من أن المديرين سيضطرون غالبًا إلى العودة إلى قسم تكنولوجيا المعلومات أو الموارد البشرية للوصول إليها، وعادةً ما يكون ذلك لسبب وجيه).
وفي كثير من الحالات، بما في ذلك على “سلاك”، يُمكن للشركات حتى رؤية المحتوى والرسائل التي حذفها الموظف. وبالمثل، تعمل بعض أنظمة البريد الإلكتروني على إنشاء نسخة تلقائية لجميع الرسائل التي تمر خلالها، بينما تحتفظ أنظمة أخرى بنسخ احتياطية من الرسائل الجديدة بمجرد وصولها إلى صندوق الوارد الخاص بك.
وعلى هذا النحو، لا يتعين على المرء أبدًا أن يفترض أن الرسالة المحذوفة قد اختفت إلى الأبد!
يقول بريان كروب، رئيس قسم الأبحاث العالمية في شركة غارتنر للموارد البشرية التي تتخذ من واشنطن العاصمة مقرا لها، إن الحالة الوحيدة التي تعود فيها الشركات حقًا وتبحث في هذه الاتصالات هي عندما يكون هناك سبب للاعتقاد بوجود مشكلة في إدارة الأداء أو سرقة بيانات أو تحرش، أو شكوى أخرى تستدعي إجراء تحقيق داخلي.
وبالمثل، لا يمتلك المديرون العاديون عادةً القدرة على إجراء عمليات بحث بكلمات رئيسية عن أشياء مثل أسمائهم.
يوضح كروب الأمر قائلا: “هناك الكثير من المعلومات التي تجعل الأمر يستحق المجهود الذي يبذلونه في رؤية وتحليل كل شيء. بالإضافة إلى ذلك، إذا اكتشف الموظف أن الإدارة تراقب بريده الإلكتروني الخاص – وإذا جرى الكشف عن ذلك – فإن الأضرار التي ستلحق بسمعة الشركة ستكون هائلة. هل يمكن أن يحدث ذلك حقا؟ نعم، لكنه نادر جدا”.
وعندما تشك الشركات في حدوث سلوك غير مهني، فهناك حد أدنى من القيود التي تمنعها من مراقبة اتصالات الموظفين في مكان العمل. وعلى الرغم من أن القوانين الأمريكية والأوروبية تحمي الاتصالات المتعلقة بأشياء مثل المفاوضة الجماعية (العملية التي يتفاوض فيها العاملون، من خلال نقاباتهم، على العقود مع أصحاب العمل لتحديد شروط توظيفهم)، يقول كروب إنه “لا توجد في أي مكان في العالم شروط قانونية تُلزم أصحاب العمل بالإبلاغ عن البيانات التي يجمعونها عنك”.
إذا، كيف يمكنك الحديث مع زملائك في العمل دون القلق بشأن استخدام هذه الرسائل ضدك؟
تقول بونس ديل كاستيلو، باحثة في وحدة الاستشراف بمعهد النقابات الأوروبية، إنه يتعين على الموظف أن يفترض أن معظم الاتصالات على كمبيوتر العمل يمكن تسجيلها وتخزينها، لذا فإن الطريقة الأكثر أمانًا لتبادل الرسائل يجب أن تكون “وجهاً لوجه أو عبر هاتف محمول خاص غير مرتبط بعملك”.
وتشير بونس ديل كاستيلو إلى أن حتى البريد الإلكتروني الشخصي أو الحسابات الشخصية التي يدخل الموظف عليها من خلال أجهزة العمل يمكن أن تكون مُراقبة.
وبالتالي، قد يكون من الأفضل أن تفترض دائما أنك تخضع للمراقبة وأن تتصرف وفقًا لذلك.
فإذا كنت تريد التعبير عن شكوى من زميل في العمل أو موقف تعرضت له في العمل، فيتعين عليك أن تفكر جديا فيما إذا كانت هذه الشكوى بناءة ومفيدة للمؤسسة ككل أم لا. فإذا كان الأمر كذلك، فإن استخدام أجهزة العمل للتعبير عن مشاعرك لن تسبب لك المشاكل. لكن إذا لم تكن هذه الرسالة بناءة، فمن الأفضل أن تكشف عنها لصديق لك أثناء تناولك القهوة معه أو على هاتفك الخاص أو في مكان الاستراحة بعد الانتهاء من العمل.
وبشكل عام، يقول خبراء إن الشركات نادرًا ما تراجع الاتصالات في مكان العمل لمجرد معرفة من يتذمر. فعمليات البحث هذه، عند حدوثها، غالبًا ما تبحث عن التعليقات المسيئة أو التمييزية أو التي قد تعرض الشركة لخطر التقاضي.