ماذا تعرف عن حركة طالبان؟
المصدر: موقع الخنادق
استطاعت حركة طالبان طيلة 27 عامًا من تأسيسها على بقائها رقمًا صعبًا ان كان على صعيد الصراع العسكري في أفغانستان أو بالمعادلة السياسية التي بدأت تترجمها فعليًا بسيطرتها على العاصمة كابل، والقصر الرئاسي ومطار المدينة، والتي تسببت بفرار الرئيس الأفغاني أشرف غني إلى طاجيكستان، حتى باتت الأطراف الدولية تدرك ان لا خطوة جديدة تُتخذ لتحديد مستقبل البلاد من غير التفاوض والتفاهم مع الحركة كلاعب أساسي ومؤثر على الساحة الأفغانية، وسط مخاوف من استلام الحركة زمام السلطة وغموض المرحلة القادمة، رغم طمأنتها بأنها “تريد السلام”.
تعتبر الحركة الإسلامية لطلبة المدارس الدينية -طالبان- والتي نشأت عام 1994 في قندهار جنوب غربي البلاد، حركة إسلامية سنيّة تعتنق المذهب الحنفي، كان أبرز مؤسسيها الملّا محمد عمر مجاهد بعد مبايعة طلاب المدارس الدينية ليكون “أميرًا” عليهم. رغبةً “بإعادة الأمن والاستقرار إلى البلاد والقضاء على الفساد الديني والأخلاقي”.
مرّت الحركة بالعديد من المحطات منذ تأسيسها حيث ظهر التجمّع الأول لها بعد اجتماع 53 من طلبة المدارس الدينية بـ “سنج سار” في قندهار وسيطرتهم على أرغستان. بعد شهر من تلك الحادثة بايعت المجموعة محمد عمر لتبدأ بعدها بالتوسع في بقية المناطق الأفغانية حتى اعترفت باكستان في أيار 1997 بحكومة طالبان وبعدها السعودية والامارات لتعودان عام 2001 بعد الغزو الأميركي للبلاد وتسحبان اعترافهما بها.
بعد الغزو الأميركي لأفغانستان اتخذت الحركة قرار التصدي لواشنطن ورغم انها بدأت تخسر وقتها بعض المناطق، إلا انها استطاعت عام 2002 اسقاط مروحيتين ثم الهجوم على قاعدة عسكرية عام 2004 مع تصاعد وتيرة تنفيذ عمليات انتحارية حتى عام 2006.
في أيار 2007 أعلنت الحركة مقتل القائد العسكري لها الملا داد الله، لتعود بذلك وتيرة العمليات الانتحارية للتسارع عام 2009 حيث أعلنت القوات الأجنبية مقتل ما يقارب 3000 من جنودها منذ الغزو.
عام 2014 توصلت الحركة والولايات المتحدة إلى صفقة -بوساطة قطرية- تقضي بالإفراج عن جندي أميركي مقابل 5 من قياديها كانوا قد اعتُقلوا في غوانتانامو. ليتم بعدها “انتهاء المهمة القتالية لحلف الناتو بالهزيمة” كما أعلنت طالبان. بعدها بعام واحد قتل الملا عمر لكن الحركة أخفت خبر الوفاة عامًا كاملًا وتم تعيين بعد الإعلان عن الوفاة الملا هبة الله أخندزاده زعيما لها.
مع بداية 2019 وبعد ختام الجولة الرابعة من مفاوضات السلام في قطر، اتفق كلا الطرفين -طالبان والولايات المتحدة- على مسودة اتفاق يتضمن “انسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان”.
عام 2021 أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن ان الانسحاب من أفغانستان سيبدأ مع بداية أيار. لتندلع بالتوازي مع هذا الانسحاب معارك بين الحركة والقوات الأفغانية وتبدأ الحركة بذلك السيطرة السريعة واللافتة على غالبية المدن الأفغانية خاصة الاستراتيجية منها كالعاصمة كابل. وسط مساع سياسية ودبلوماسية “لتسليم السلطة بشكل سلمي”.
بالنسبة لعلاقتها مع القاعدة من أسامة بن لادن إلى أبو مصعب الزرقاوي وعلى الرغم من انهم متقاربون فكريًا، إلا ان طالبان لم تشاركها بالأعمال القتالية، ولا تتوافق رؤيتها بإقامة الدولة الإسلامية ضمن أفغانستان مع رؤية القاعدة في التوسع ونشر “التطرف الديني” في العالم.
غير ان الفترة التي تسلمت بها طالبان زمام السلطة قبل 2001 كانت الأكثر عنفًا ودموية، حيث كانت تطلق أحكامًا بالجلد والرجم والشنق، وتمنع الفتيات عن الالتحاق بالمدارس أو العمل بمختلف الميادين، إضافة لارتكابها جرائم عديدة بحق الأطفال والنساء، ونذكر في هذا الصدد الفتاة “ملالا” التي أصيبت برتق خطير بالجمجمة، جراء تعرضها لهجوم من طالبان -فرع باكستان- لمنعها من مواصلة تعليمها. والسجل التاريخي حافل.
هيكلية الحركة
تتشكل الهيكلية العامة لطالبان من خطوط إدارية عريضة، فلا نظام إداري أو تنظيمي بالمفهوم العام لديها، الا انها تتألف من: القائد أو “أمير المؤمنين” يتمتع بصلاحيات واسعة ولا يتم عزله أو تعيين خلفًا له إلا بعد وفاته أو عجزه أو مخالفته الشريعة. ويشغل هذا المنصب هبة الله آخوند زاده.
دار الإفتاء وهو عبارة عن مجموعة من القضاة المقر الرسمي لها في قندهار. مجلس الشورى وهو مقسم لعدة أقسام (مجلس الشورى المركزي، مجلس الشورى العالي ومجلس الشورى في الولايات).
أهدافها:
عام 1996 أعلن أمير الحركة محمد عمر عن عدد من الأهداف وأهمها:
-“إقامة الحكومة الإسلامية على نهج الخلافة الرشيدة.
-التركيز على الحجاب الشرعي للمرأة
-التحاكم في جميع القضايا السياسية والدولية إلى الكتاب والسنة
-جمع الزكاة والحقوق الشرعية
-استقلال المحاكم وفوقيتها على جميع الإدارات الحكومية
-تعيين هيئات أمر بالمعروف والنهي عن المنكر
-إعداد جيش مدرب لحفظ الدولة
-قمع الجرائم الأخلاقية
-تحسين العلاقات السياسية مع جميع الدول الإسلامية وفق القواعد الشرعية
فيما تعتبر الحركة أن لا قيمة لوضع دستور خاص في الدولة على اعتبار أن الحكم للقرآن والسنة. ترفض استخدام كلمة “الديموقراطية” لأنها تعطي التشريع سن السنن للناس وليس لله.
أبرز القادة
هيبة الله أخوند زاده
من مواليد 1967 في مدينة قندهار، ابن عالم دين. تولى مهمة إعادة توحيد طالبان بعد مقتل الملا أختر محمد منصور في غارة أميركية عام 2016. كان من أكثر المقربين لمؤسس الحركة الملا محمد عمر وترأس الجهاز القضائي.
عبد الغني برادر
هو أحد مؤسسي الحركة، والقائد العسكري لها عندما تم اعتقاله عام 2010 وأطلق سراحه بعد 8 سنوات بضغط مباشر من الولايات المتحدة. عيّن رئيسًا للمكتب السياسي في الدوحة، وتسلّم ملف المفاوضات مع واشنطن التي نتج عنها انسحاب القوات من أفغانستان.
يعقوب محمد عمر
وهو ابن محمد عمر، ترأس اللجنة العسكرية المسؤولة عن تحديد التوجهات والقرارات الاستراتيجية للحرب ضد حكومة البلاد. حظي بالاحترام الشديد نتيجة ارتباطه بوالده، غير ان المنصب الذي يشغله ضمن الحركة لا يزال غامضًا.
بعد سيطرة طالبان على كابل عاد اسم علي أحمد جلالي إلى الواجهة، حيث نقلت بعض الأوساط الإعلامية أنه سيكون رئيس الحكومة الانتقالية. وجلالي من مواليد 1940 في كابل، تولى عددًا من المناصب العسكرية والأمنية (عقيد سابق في الجيش الأفغاني). عمل لأكثر من عشرين عامًا في تغطية الصراعات في البلاد مع إذاعة صوت أميركا – من 1982 إلى 2003.
يتقن الفارسية والدارية والباشتو. تولى وزارة الداخلية لمدة عامين حتى 2005، حصل على عدة اوسمة منها: وسام الجيش الأفغاني، وسام الخدمة المتميزة، وسام “وزير أكبر خان”.