الحدث

على رغم جهود الجيش… هذا ما فعله بنا “تجّار الهيكل”!


اندريه قصاص -لبنان24

كما “حنّا كما حنين”. هذه هي مصيبة لبنان من أولها إلى آخرها، ومن دون لفّ ودوران. طبقة سياسية فاسدة وتجّار فاجرون يتاجرون بدّم الشعب، الذي بدأ يتأهب للإنقضاض على جميع الذين أوصلوه إلى هذه الحال المزرية، التي لا قبل بعدها ولا بعد مثلها.
ما حصل في بلدة التليل العكارية فجر أول من أمس أدمى القلوب وأثكل الكثيرين وزاد من الآم اللبنانيين، وهو في المحصلة الأخيرة نتيجة ما يفعلونه بنا معًا، أي رجال السياسة الذين باعوا ضميرهم، و”تجار الهيكل” الذين باعوا الوطن ويتاجرون بدمائنا.
لم نعد نشك بأن ثمة قطبة مخفية تجمع بين هؤلاء جميعًا، أي الطبقة السياسية والتجار غير النظيفي الكّف، وأن بينهم جميعًا همزة وصل قوامها تقاسم خيرات الوطن وترك الفتات للمواطنين، الذين لم يعودوا يجدون حتى الفتات ليقتاتوا به.

ثمة تجار فجّار، من دون أن ننسى أن هناك بعض التجّار الذين لا يزالون يخافون الله ويعملون بضمير. فالأوائل لا يرحمون ولا يتركون رحمة الله تنزل على العباد. يفعلون المستحيل ليراكموا ثرواتهم حتى ولو كانت على حساب الآخرين، الذين هم بالنسبة إليهم مجرد أرقام لا قيمة لها.
يتاجرون بكل شيء. المهّم بالنسبة إليهم هو الربح، وفي أغلب الأحيان الربح السريع والرخيص. لا مكان للرحمة في قلوبهم. يكدّسون القمح حين يشعرون أن ثمة إتجاهًا لرفع الدعم عنه. وكذلك يفعلون بالدواء. يخبئونه في المستودعات “على عينك يا تاجر”، وهم متيقنون بأن “حاميها حراميها”، وبأن من هو شريك “في دفن الشيخ زنكو”، لن يتجاسر على رفع الصوت، بل على العكس يعمل على تغطية المعاصي بدلًا من أن يستتر، ويتستّر على من يمدّونه بمقومات البقاء، وإن بطرق ملتوية وغير شرعية وغير قانونية.
المحروقات مخزّنة بالآف الليترات تحت الأرض وبعيدًا عن عيون الرقابة غير الموجودة في الأساس، وبعيدًا عن سيف المحاسبة الذي صدأ بفعل الإعتياد على عدم سلّه وإستخدامه في المكان والزمان غير المناسبين. وهكذا كانت النتيجة. أمس في بلدة عكارية كانت حتى ساعة الإنفجار قرية كمثيلاتها من القرى اللبنانية التي تعيش بخوف الله. وقد يأتي دور غيرها غدًا أو بعده طالما أن لبنان محكوم بهذه النوعية السياسية، التي لا تفتش سوى عن مصالحها.
لو لم يتحرّك الجيش بالأمس، ومعه سائر القوى الأمنية، لكان الوضع قد ذهب إلى أسوأ ما يمكن توقّعه، وإلى أوخم العواقب، لأن غضب الناس أعمى. ولأن من يحرّك بعض المجموعات يعرف ماذا يفعل، ويعرف أيضًا تمام المعرفة إلى أين سيصل. الفوضى لا تخدم سوى الذين يحاولون الإصطياد بالمياه العكرة. الفوضى ستقود حتمًا إلى العنف. والعنف سيودي بنا إلى إشكالات عبثية وإلهائية متفرقة ومدّبرة ومخطّط لها. وهذا ما بدأنا نتبينه من خلال الأعمال التخريبية، التي يُقال عنها إنها من بنات أفكار “الثورة، فيما الثورة الحقيقية برّاء من كل عمل يؤذي ولا يخدم الأهداف السامية.
من يحرّك “الجبهات” الداخلية هذه الأيام سبق أن فعلها قبل سنوات في عاصمة الشمال. وحال دون وصول من حاول إنقاذ ما يمكن إنقاذه إلى أهدافه الوطنية، وأفشل كل المساعي التي بذلت في حينه لإيصال البلاد إلى برّ الأمان.
فلو لم يضع الجيش يده على محطات الوقود وأجبر أصحابها على تزويد الناس بالبنزين والمازوت المخزّن بكميات كبيرة لكان “فلت الملّق”، وقد سقط عدد من الإصابات بين المواطنين الذين تشابكوا بين بعضهم البعض على أفضلية تعبئة الوقود.
لولا هذا الجيش لكان الوضع أسوأ بكثير مما هو عليه اليوم. ولولا هذا الجيش، الذي يعاني أفراده مثلهم مثل المواطنين الذين يقطعون الطرقات إحتجاجًا وغضبًا، لكان “السمك” الكبير أكل الصغير، في بلد أصبح فيه القانون مجرد وجهة نظر، لأننا نعيش في بلد “كل مين أيدو ألو”.
عكار اليوم حزينة، ومعها كل لبنان. الجلجلة مستمرّة فمتى تكون القيامة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى