الحدث

مسرحية رفع الدعم تنصر السياسيين وتقتل المواطنين

محمد علوش-الديار

لا تزال تداعيات قرار حاكم المصرف المركزي رياض سلامة رفع الدعم عن المحروقات مستمرة، رغم كل الأصوات المعترضة التي هاجمت قرار الحاكم ووصفته بأنه إعلان حرب على اللبنانيين، ولكن اللافت بحسب مصادر مطّلعة ان هؤلاء المعترضين أنفسهم كانوا بجوّ قرار الحاكم.

بعد اجتماع المجلس الاعلى للدفاع، اعلن وزير الطاقة المستقيل ريمون غجر أن سلامة أبلغ الحاضرين بعدم إمكان تقديم المزيد من الدعم لاستيراد المحروقات، وتكشف المصادر أن رئيس الجمهورية ميشال عون سمع هذا الكلام بشكل واضح، ولكن يبدو أنه لم يتخيل أن يأتي قرار رياض سلامة بهذه السرعة.

ترى المصادر السياسية المتابعة أن عملية رفع الدعم تأتي في سياق مسرحية متّفق عليها، وكل ممثل فيها له دوره، ويؤديه بشكل جيد، مشيرة إلى أن المسرحية بدأت مع تغيّب رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب عن اجتماع المجلس الأعلى للدفاع، وتضيف المصادر: «حسان دياب يرفض إلباسه قرار رفع الدعم، لذلك كان المخرج بعدم حضوره الاجتماع، وتولى سلامة الباقي حيث أبلغ الحاضرين في الاجتماع، الذي وللمناسبة يشبه اجتماع الحكومة، حيث إن رئيس الجمهورية هو من قرر اعتماد المجلس الاعلى للدفاع كبديل عن الحكومة التي لا تجتمع ولا تتابع، قراره رفع الدعم»، مشيرة إلى أن الاعتراض الشكلي هو لأسباب شعبوية جماهيرية.

لم يعد بالإمكان تأجيل رفع الدعم، تقول المصادر، فلا الدولارات متوافرة، ولا القرار، فرئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي لا يريد أن تتولى حكومته رفع الدعم، ويريد لهذا القرار أن يُتخذ قبل تشكيل الحكومة المتوقع خلال أسبوعين كحد أقصى، وتؤكد المصادر أن قرار سلامة يأتي انسجاماً مع مطلب ميقاتي بحيث تقوم حكومته بامتصاص صدمة رفع الدعم، مشددة على أن هذا القرار هو أبرز شرط من شروط صندوق النقد الدولي، وهو شرط يسبق أي تفاوض.

وترى المصادر أن الكثير من شروط صندوق النقد قد تمت تلبيتها «عالسكت»، كمطلب وقف التوظيف، مطلب تخفيض حجم القطاع العام، حيث هناك من يخرج للتقاعد دون بديل، تحرير سعر الصرف حيث بات اليوم سعر الصرف الرسمي مجرد رقم على ورق، والآن رفع الدعم، عن المحروقات، عن الدواء، وعن السلع الغذائية، وبالتالي باتت الطريق سالكة لبدء التفاوض مع صندوق النقد فور تشكيل حكومة.

من هنا تعتبر المصادر أن كل ما يُشاع عن معارك وهمية ضد قرار رفع الدعم لن يؤدي الى نتيجة وهدفه الشعبوية، مشيرة إلى أن ما يمكن فعله هنا هو أمران: الاول إيجاد صيغة وسطية كجعل الدعم على سعر المنصة لفترة من الزمن، أو إقرار قانون للمس بالاحتياطي وهو ما لن يفعله المجلس النيابي.

بالنسبة إلى المصادر فإن مسار تشكيل الحكومة يسير الى خاتمة إيجابية، ولا يزال المقربيون من رئيس الجمهورية مصرين على أن الحكومة ستولد قبل نهاية شهر آب، وعندئذ قد يتم اتخاذ بعض الإجراءات التي تخفف عن كاهل اللبنانيين، دون أن يعني ذلك الفرج لأن الفرج لن يكون متاحاً في وقت قريب.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى