المبادرة السعودية الجديدة.. مؤامرة جديدة للخروج بماء الوجه من المستنقع اليمني بعد تكبد الكثير من الهزائم
الوقت- تمّكن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” من تحقيق الكثير من الانتصارات خلال الايام الماضية واستطاعوا التقدم باتجاه مدينة مأرب آخر معقل لحكومة “عبد ربه منصور هادي” المستقيلة في شمال اليمن بعد سيطرتهم على جبل “هيلان” الاستراتيجي. وأشار مصدر عسكري، إن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” سيطروا على جبل هيلان المطل على مأرب بعد معارك خلفت عشرات القتلى والجرحى من الطرفين. ولفت ذلك المصدر العسكري اليمني إلى أن سقوط جبل “هيلان” يشكل تهديدا لجبهات الدفاع الاولى لقوات تحالف العدوان السعودي ومرتزقته عن مدينة مأرب، موضحا أن أبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله”، تمكنوا من قطع خطوط امداد بعض الجبهات وباتوا يسيطرون ناريا على جبهة “المشجح” شمال غربي مأرب. واستمراراً لكل هذه الانتصارات الميدانية، أعلنت القوة الصاروخية التابعة لأبطال الجيش واللجان الشعبية اليمنية “أنصار الله” قبل عدة أيام استهداف شركة ارامكو النفطية في العاصمة السعودية الرياض بغارات جوية نفذتها ست طائرات مسيرة للجماعة فجر يوم أمس الجمعة، ضمن عملية نوعية استهدفت العمق السعودي. وذكر المتحدث العسكري للجماعة العميد “يحيي سريع” في سلسلة تغريدات على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” بأن الطائرات المسيرة أصابت أهدافها بدقة. وقال “سريع” بأن هذه الهجمات تأتي كرد على ما وصفه بـ “تصعيد العدوان الغاشم وحصاره الظالم” مؤكدا على استمرار العمليات وتصاعدها خلال الأيام القادمة. ودعا “سريع” الشركات الأجنبية والمواطنين السعوديين الى الابتعاد الكامل عن الأهداف العسكرية والحيوية لكونها اصبحت هدفا مشروعا “، لافتا الى أن الاستهداف قد يطالها في اي لحظة.
وعقب كل هذه الهزائم التي مُنيت بها المملكة والتي أثرت سلباً على أقتصادها المترنح، أعلن وزير الخارجية السعودي قبل عدة أيام عن مبادرة جديدة لإنهاء الحرب في اليمن والخروج بماء الوجه من المستنقع اليمني. ولقد جاءت المبادرة السعودية للسلام في اليمن لتمثل محاولة من الرياض للخروج من المستنقع اليمني، ولكنها أيضاً تشكل مسعى لإبراء الذمة أمام الغرب الذي بات يلومها على الحرب التي تبدو بلا نهاية. وحول هذا السياق، أعلن الأمير “فيصل بن فرحان بن عبدالله”، وزير الخارجية السعودي، خلال مؤتمر صحفي يوم 22 مارس/آذار 2021، أن المبادرة السعودية للسلام في اليمن تشمل وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة، وبدء المشاورات بين الأطراف اليمنية للتوصل إلى حل سياسي للأزمة برعاية الأمم المتحدة بناء على مرجعيات قرار مجلس الأمن الدولي ٢٢١٦، والمبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني اليمني الشامل. وقال الوزير السعودي إن المبادرة سوف تنفذ فور قبول كل الأطراف لها، إلا أنه أكد بشكل خاص، حق الرياض في الدفاع عن أراضيها ضد هجمات قوات صنعاء.
ورداً على هذه المبادرة، اعتبرت حركة “أنصار الله” اليمنية، مساء يوم أمس الاثنين، أن المبادرة السعودية الجديدة لإنهاء الحرب في اليمن لا تتضمن أي شيء جديد. وقال رئيس الوفد اليمني المفاوض، “محمد عبد السلام”، في حديث لوكالة “رويترز”، “هذه الخطة لا تتضمن شيئا جديدا، إن المملكة جزء من الحرب ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فورا”. وأضاف عبد السلام “أنصار الله ستواصل المحادثات مع السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام”. وشدد، على أن “فتح المطارات والموانئ حق إنساني ويجب ألا يستخدم كأداة ضغط”، كما جاء.
كما أكد رئيس الوفد الوطني المفاوض في اليمن على “موقف حركة أنصار الله الثابت برفع الحصار ووقف الحصار”، مضيفاً أن “أي مبادرة لا تلتفت إلى الجانب الإنساني فهي غير جادة”. وتابع “عبد السلام”، في رد على إعلان وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان آل سعود أن بلاده تطرح ما أسماه “مبادرة سلام جديدة” لإنهاء عدوانها على اليمن. وفي السياق نفسه، لفت “محمد عبدالسلام”، أن “الوضع في اليمن لا يخدم دول العدوان ولا دول الجوار”، داعياً لتوجه حقيقي لإنهاء الحرب والمعاناة الإنسانية للشعب اليمني”، متابعاً أن “الحرب على اليمن فرضت عليه، ولسنا طرفا في حصار اليمنيين حتى نفاوض عليه”، ومشيراً إلى أنه “لو توقف العدوان والحصار من هذه اللحظة لتوقفنا، لكن مقايضة الملف الإنساني بالملف العسكري والسياسي مرفوض”.
هذا ورأى “عبد السلام” أن تحالف العدوان “يعمد إلى لي ذراع الشعب اليمني من خلال تشديد الحصار في محاولة للضغط علينا للقبول بمطالب لم يتمكنوا من إنجازها عسكرياً وسياسياً”، متسائلاً “لماذا لا تسمح السعودية بدخول 14 سفينة وقود إلى ميناء الحديدة وتقايض بالملف الإنساني لمصلحة الملف العسكري؟”. وفي السياق نفسه، أكد رئيس الوفد الوطني المفاوض أنه “ليس مطلوباً منا القبول برفع الحصار ووقف العدوان لأن موقفنا دفاعي وسيستمر كذلك، المبادرات تحت النار والحصار غير جادة، وهي هروب إلى الأمام من استحقاق العدوان”، معلناً أن الذهاب للحوار بين اليمنيين يكون بعد إعلان السعودية وقف العدوان وفك الحصار”. وهنا لفت “عبد السلام” مجدداً أن “السعودية تشن حربا على اليمن بإشراف أمريكي مباشر، وربطها للأمر بين اليمنيين قلب للحقائق”، قائلاً إن “العالم يدرك أن السعودية تشن حربا على اليمن وطائراتها وبوارجها والبوارج الأمريكية والبريطانية تحاصر اليمن”. كما أعلن أنه “على الجانب السعودي أن يعلن إنهاء العدوان ورفع الحصار بشكل كامل، أما طرح أفكار تم نقاشها لأكثر من عام فلا جديد في ذلك”، مضيفاً إن “تقديم السعودية لنفسها بأنها ليست طرفا في العدوان تسطيح مبالغ فيه وغير دقيق ولا يؤدي إلى نجاح على الإطلاق”. وقال إن “إدخال السفن المحتجزة منذ أكثر من عام لا تحتاج مبادرة ولا شروط مسبقة والمقايضة بالملف الإنساني لصالح ملف عسكري أو سياسي جريمة أخلاقية”، متابعاً إن “فك الحصار لا يتطلب مبادرة والمقايضة بالملف الإنساني جريمة بحق شعب بأكمله”.
ويرى العديد من المراقبين أن حقيقة هذه المبادرة تكشف العديد من الأمور، فاولاً “انصار الله” ضيقت الخناق على السعودية في مأرب ومن خلال تحرير هذه المدينة ستكون قد طهرت شمال اليمن من السعوديين ومرتزقتها، وثانيا، إن الجنوب اليمني لا يرغب ابدا بوجود حكومة الرئيس اليمني المستقيل “عبد ربه منصور هادي” بين ظهرانيه الى درجة انه وخلال الاسبوع الماضي ارغم رئيس ووزراء حكومة هادي على الهروب من قصر “معاشيق” اثر اقتحامه من قبل الجماهير في عدن، وثالثا أن السعودية وخلال الفترة الاخيرة بقيت وحيدة في اليمن اكثر من اي وقت اخر، وحتى “ابن زايد” الحليف الوحيد المتبقي من الاتئلاف المفكك في اليمن لم يعد له اي تواجد رسمي او اعلامي الى جانب ابن سلمان، واخيراً وليس اخرا ان خدعة ومزاعم السعودية بشان الدفاع عن حكومة هادي لم تعد تنطلي على اي احد .
إن السعودية وفي حين لم يعد امامها مفر سوى الاعتراف بالهزيمة في الحرب التي فرضتها على اليمن منذ ست سنين، تسعى ومنذ فترة ليست بقصيرة الى الخروج من مستنقع حرب اليمن بشكل يحفظ لها ماء وجهها مع الحصول على ادنى المكاسب المتوخاة. كما ان السعودية تصر على الحيلولة دون تشكيل حكومة تتحلى بتوجهات سياسية ومبادئ اسلامية اصيلة بالقرب من حدودها الجنوبية. مقترح تخفيف الحصار عن مطار صنعاء وميناء الحديدة في المبادرة السعودية خطوة لممارسة الضغط على حركة “انصار الله” وارغامها على الحضور خلف طاولة المفاوضات، ولكن في الواقع ان الهدف من هذه المبادرة هو توفير الفرصة للقوات السعودية لاستعادة انفاسها. هذا في حين أن “انصار الله” ترى في السعودية عدوا خارجيا يجب عليه مغادرة اليمن وانهاء الاحتلال وتفويض شؤون اليمن لليمنيين. وبناء على هذا فاما ستقوم السعودية بهذه الامور طوعا او سترغم على فعلها كرها. بعد ايام ستدخل حرب اليمن عامها السابع، تلك الحرب التي كان من المفترض وفق مزاعم ولي العهد السعودي المتهور أن تنتهي في غضون ثلاثة اسابيع ولمصلحة السعودية .
وفي الختام يمكن القول إن ما تسمى بـ”المبادرة” السعودية جاءت بعد ان توعدت صنعاء الرياض وعموم مملكة آل سعود بضربات مؤلمة موجعة خلال الفترة المقبلة كان قد اعلن عنها المتحدث الرسمي للقوات المسلحة العميد “يحيى سريع” بالحرف بأن “العام السابع من الصمود سيشهد المزيد من العمليات العسكرية وانه لن تتوقّف الضربات التي تستهدف العمق السعودي إلا بوقف العدوان ورفع الحصار، سارعت السعودية الى رفع الراية البيضاء معلنة اليوم الاثنين عما اسمته بـ”مبادرة وقف إطلاق النار في اليمن”.