الحدث

تشكيل الحكومة إلزامي.. ورفع الدعم عن المحروقات يتأرجح!…

سفير الشمال-غسان ريفي

تركت السلطة السياسية اللبنانيين “لا معلقين ولا مطلقين” فلا هي حسمت أمر رفع الدعم عن المحروقات إلتزاما بتوجهات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، ولا هي أوقفته أو حتى جمّدته، ما أدى الى فوضى عارمة في الاسواق التي أصيبت بشلل كامل من محطات المحروقات حتى أصغر “دكان سمانة” بإنتظار أن يصار الى البتّ بأمر الدعم أو عدمه ليبنى على هذا الشيء مفتضاه.

يفتقد تعاطي السلطة مع أزمات ومعاناة وآلام مواطنيها الى أدنى الشعور بالمسؤولية الوطنية، كونها تعيش منذ إنطلاق ثورة 17 تشرين في حالة إنفصام تتحول بعض الأحيان الى إنفصال كلي عن الواقع، ففي الوقت الذي سيكون لرفع الدعم عن المحروقات الذي ما يزال يتأرجح تداعيات إجتماعية كارثية لجهة إرتفاع أسعار كل السلع الأساسية بشكل جنوني مقابل تدني القيمة الشرائية للرواتب حيث بات الحد الأدنى للأجور يوازي سعر صفيحتيّ بنزين فقط، فإن الصدمة الكبيرة التي عبر عنها بعض المسؤولين كانت بمثابة “ضحك على ذقون اللبنانيين” وتصرف شعبوي يستجدي عطفا إنتخابيا من هنا أو هناك.

خلال إجتماع المجلس الأعلى للدفاع بعد ظهر الأربعاء الفائت أبلغ حاكم مصرف لبنان رياض سلامة رئيس الجمهورية ميشال عون وسائر المشاركين في الاجتماع بعدم قدرته على “فتح إعتمادات جديدة لشراء المحروقات على سعر دولار المنصة بـ 3900 ليرة، لأنه، عندها سيضطر الى المس بالتوظيفات الالزامية بالعملات الأجنبية لديه” مشددا على أن “هذا الأمر يحتاج الى تدخل تشريعي”، وهذا الكلام دفع وزير الطاقة ريمون غجر الى التأكيد على أنه “إذا توقف الدعم عن المحروقات فالسعر سيتحرر”..

مساء الأربعاء أصدر مصرف لبنان بيانه الذي تضمن الاعلان عن فتح الاعتمادات لشراء المحروقات بالدولار على سعر السوق، فسارع رئيس الجمهورية ميشال عون الى إستدعاء سلامة الى إجتماع للبحث في قضية رفع الدعم، في حين أن عون كان على علم بذلك كونه تبلغ بالقرار خلال ترؤسه إجتماع المجلس الأعلى للدفاع.

بالتوازي سارعت حكومة تصريف الأعمال المصغرة التي ترأس حسان دياب إجتماعها عن بعد الى تصفية حساباتها مع حاكم المركزي محملة إياه مسؤولية الانهيار المالي، بدلا من أن تعمل على إيجاد الحلول لهذه الأزمة التي ستفجر البلد وتطيح بالسلطة من رأس الهرم الى قاعدته، وهي بالتالي أصدرت بيانا بقي مبهما كونه تضمن “مطالبات ودعوات” لم تشف غليل اللبنانيين الغاضبين الذين ينتظرون قرارا واضحا  بالعودة عن خطوة مصرف لبنان أو إيجاد آليات محددة تقضي برفع الدعم تدريجيا، الى جانب إنطلاق العمل بالبطاقة التمويلية التي يتعاطى معها المسؤولون المعنيون بكثير من الترف واللامبالاة، بالرغم من أن الحاكم سلامة أكد أنه أرسل عدة مراسلات وأبلغ رئيس الحكومة والوزراء المعنيين منذ العام 2020 أن سياسة الدعم لا يمكن أن تستمر.

في غضون ذلك، أطل رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل كقائد للثورة على رياض سلامة، محرضا جمهوره البرتقالي عليه ودافعا إياه الى التظاهر أمام منزله في الرابية ليلا ما أدى الى مواجهات مع القوى الأمنية وسقوط بعض الاصابات، ولم تخل خطوة باسيل الاعتراضية من الاستعراض السياسي ـ الانتخابي الذي يدأب عليه منذ فترة، في وقت يدرك فيه اللبنانيون أن التحالف بين باسيل والرئيس سعد الحريري هو الذي أعاد تجديد ولاية سلامة، وبالتالي فإن مسؤولية باسيل عن الانهيار وعن التعطيل تحقيقا لمكاسب سياسية وشخصية لا يمكن أن تمحوها ثورته المستجدة على الحاكم..

في ظل هذا السواد الدامس، بدا بصيص أمل من اللقاء الثامن الذي عقد بين الرئيس عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي، حيث تشير المعلومات الى أن الأجواء ما تزال على إيجابيتها، وأن التوافق يتمدد حول كثير من الحقائب لا سيما السيادية منها التي ستبقى على ما هي عليه طائفيا في حكومة حسان دياب، إضافة الى تبديلات طفيفة في الحقائب الأخرى، حيث من المفترض أن تكون عطلة نهاية الاسبوع فرصة لاجراء مزيد من المشاورات والاتصالات تمهيدا للدخول في مرحلة إسقاط الأسماء على الحقائب.

تشير مصادر سياسية مواكبة الى أن الوضع بات كارثيا وبالغ الخطورة، وأن تشكيل الحكومة بات إلزاميا للجميع لأن البديل الوحيد هو الانهيار والفوضى وإنتهاء ولاية الرئيس عون من دون حكومة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى