الحدث

اللقاء الخامس: سقوط الـ”تلات تمانات”

 

كريستال خوري – أساس ميديا

يسارع بعض العونيين إلى التدليل بأصابعهم على التطوّرات الحاصلة على الحدود الجنوبية من جهة، وخلف الحدود اللبنانية من جهة أخرى، ليشيروا إلى الأحداث الآخذة في التصعيد الميداني بشكل ينذر بمرحلة أشدّ تعقيداً وصعوبة، ويعتبروا أنّ ظروفاً، بهذه الدقّة وهذا التشابك، لا يمكن أن تسمح بولادة حكومة لبنانية، أقلّه في المدى المنظور، ويحسموا أنّ السعودية لن تقبل بأن يُصار إلى تحقيق خرق على المستوى اللبناني في ظلّ حالة التشنّج الحاصلة. ولذلك لن يقدِّم الغرق في التفاصيل الحكومية ولن يؤخّر.

ولذلك أيضاً يقولون إنّه لو تسهّلت الأمور خارجياً يصير بالإمكان تأليف حكومة خلال ساعات قليلة لكون رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي متحمّساً كثيراً لدخول السراي الحكومي لكي يثبت أمام شارعه وجمهوره أنّه نجح حيث فشل سلفه سعد الحريري. ولهذا يحاول القطب الطرابلسي السير برويّة في حقل ألغام التأليف لكي لا يواجه أيّ انفجار من شأنه أن يُخرجه باكراً من السباق.

ولكن على عكس الأجواء التفاؤليّة التي أشاعها ميقاتي بعد لقائه رئيس الجمهورية ميشال عون في اجتماعهما الخامس، حيث تحدّث رئيس الحكومة المكلّف عن تقدّم بطيء في المشاورات الحكومية، فإنّ المطّلعين على أجواء اللقاء يجزمون أنّ حال المراوحة لا تزال قائمة ولا أجوبة حاسمة من الجانبين اللذين يحاولان الابتعاد قدر الإمكان عن خطوط الاشتباك… أقلّه إلى الآن.

لدى الجانب العوني، لا يزال الوضع على حاله: لا حكومة إذا لم تُحترَم المداورة الطائفية في توزيع الحقائب. وهذا يعني أنّ الفريق العوني لن يرضى بصيغة وزير سنّيّ للداخلية قريب منه. يؤكّد المطّلعون أنّ الرئيس ليس في صدد المناورة، وإنّما يطرح الأمور كما هي: هذه هي الفرصة الأخيرة لكسر هذا العرف، فإمّا يفعلها الآن وإمّا سيُستبعد المسيحيون في أيّ حكومة سيشاركون فيها بعد الآن عن حقيبتيْ الداخلية والمال. بالنسبة إلى رئيس الجمهورية لا بدّ من دخول هيكل المحرّمات على المسيحيين لأنّه سيتحوّل إلى عرف أقوى من القانون، وسيستحيل على أيّ رئيس من بعده أن يخترقه. ولهذا يخوض هذه المعركة على أنّها آخر معارك العهد.

كذلك الأمر بالنسبة إلى تسمية الوزراء المسيحيين، وتحديداً الحصة غير المحسوبة على القوى الشريكة في التأليف. يؤكّد العونيون أنّ رئيس الجمهورية لن يقبل بأن يُسمّى هؤلاء من جانب أيّ فريق غير مسيحي، ولن يرضى بأن يكونوا ملحقين لا بالثنائي الشيعي ولا بالفريق السنّي، ولن تتمّ تسميتهم إلّا من جانب فريق مسيحي، سواء كان هذا الجانب البطريركية المارونية أو المجتمع المدني أو غيرهما. ولكنّ رئيس الجمهورية لن يسمح بعودة عقارب الساعة إلى الوراء بأن يُسمّى هؤلاء من جانب قوى غير مسيحية.

ولهذا يشيرون إلى أنّ الكلام على حكومة “ثلاث ثمانيات” هو ضرب من ضروب الخيال، جازمين بأنّ رئيس الجمهورية لن يوقّع على تشكيلة من هذا النوع مهما اشتدّ الضغط.

وفق بعض المواكبين، يلعب الفريق العوني آخر أوراقه: فإمّا يُطبَّق اتفاق الطائف بشكل يتناسب مع مصلحة المسيحيين لاستعادة ما خسروه طوال عقود، وإما سيُفجَّر بالممارسة. وهذا ما يقوم به رئيس الجمهورية من خلال كسر كل الأعراف التي ثُبِّتت خلال العهود والحكومات المتعاقبة.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى