بولا مراد-الديار

القوى السياسية بدأت الاستعداد لمرحلة ما بعد اعتذار الحريري

رفع الدعم انطلق… بعد الدواجن المستلزمات الطبية

المبادرة الفرنسية انتهت. اختار الفرنسيون اعلان ذلك من لبنان ومن خلال حركة ومواقف وزير الخارجية جان إيف لودريان الذي لم يحمل اي مقترحات جديدة لاحياء مبادرة الرئيس الفرنسي ايمانوييل ماكرون انما اتى لينعاها ويعلن انطلاق مسار العقوبات بوجه المسؤولين اللبنانيين. اول الغيث منع «المعرقلين والفاسدين» من دخول الاراضي الفرنسية، «على ان تزداد حدة العقوبات وتعمم وتكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الاوروبي وبدأنا بالتفكير فيها معه»، كما ورد على لسان لودريان الذي لم يبذل اي جهد لاخفاء امتعاضه واستيائه مما آلت اليه الاوضاع. الا ان الصفعة الفرنسية كانت الاقوى بوجه رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري الذي لم يزره وزير الخارجية الفرنسية في بيت الوسط انما التقاه في قصر الصنوبر.

 ما بعد اعتذار الحريري

وكشفت معلومات «الديار» ان الفرنسيين صنفوا لقاء لودريان برئيس الجمهورية العماد ميشال عون ورئيس المجلس النيابي نبيه بري بـ «اللقاءات الرسمية» فيما تم تصنيف لقاء الحريري بـ «البروتوكولي». وقال مصدر مطلع على الحركة الفرنسية ان «العلاقة بين باريس والحريري لم تعد على الاطلاق كما سابق عهدها، فهي تعتبر انه خذلها بعدما وعدها بأنه قادر على تشكيل حكومة تكون على مستوى تطلعاتها وتنسجم مع المبادرة الفرنسية، فاذا به يفشل في المهمة منهيا بذلك المبادرة وواضعا القيادة الفرنسية في موقع لا تحسد عليه». ويبدو ان الحريري سيكون ضمن مجموعة اسماء الشخصيات التي ستمنع من زيارة فرنسا، وان كان التكتم سيد الموقف حتى الساعة في مجال الكشف عن هذه الاسماء.

وتشير المعلومات الى ان قيادة تيار «المستقبل» تدرس كل الخيارات للتعامل مع المرحلة وابرزها خيار اعتذار الحريري عن التشكيل، على ان يترافق ذلك مع اعلان استقالة نواب التيار، لكنها تتروى بحسم قرارها وبخاصة ان الرئيس بري غير متحمس ابدا لكل هذه السيناريوهات.

ولكن ابعد من ذلك، كشفت مصادر سياسية مطلعة لـ «الديار» ان «القوى السياسية الرئيسية بدأت بالاستعداد لمرحلة ما بعد اعتذار الحريري لتحديد شكل الحكومة الواجب تشكيلها بعد انتهاء المبادرة الفرنسية وبالتالي تحررها من التزامها بتشكيل حكومة اختصاصيين، لافتة الى جملة اسماء لخلافة الحريري يجري التداول بها، الا ان ما قد يبدي حظوظ احدها، هو قدرته على الحصول على اكبر عدد ممكن من اصوات النواب».

 انتحار جماعي 

وكان لودريان استبدل مؤتمره الصحافي بعد انتهاء زيارته الى بيروت بلقاء مصغر مع عدد من الاعلاميين في قصر الصنوبر اكد فيه أن «العقوبات التي أعلنت ليست الا بداية الطريق في مسار عقوبات متشدد». وقال «قبل مأساة 4 آب كانت فرنسا الى جانب لبنان في مواجهة الأزمة التي عصفت به، وخصصت اثر الانفجار اكثر من 85 مليون يورو لمجالات أربعة حددتها وفقا للأولويات». وأوضح أنه «مقابل التعطيل الذي تمارسه القوى السياسية لمست حيوية المجتمع المدني اللبناني»، وقال: «لقد قمت بزيارتي لهؤلاء اللبنانيين الملتزمين الذين يعملون للمحافظة على مستقبل لبنان ونموذجه المجتمعي، والتعايش والانسجام السلمي بين طوائفه وثقافته وهذا ما يشكل قوة وحدة لبنان وفرادته». أضاف: «من الملح ان يخرج لبنان من المأزق السياسي الحالي وهذه رسالتي الثالثة ولقد عبرت بصراحة عن هذا الأمر خلال لقاءاتي مع الرؤساء الذين قابلتهم من منطلق أنهم معنيون دستوريا بالاتفاق على حكومة، ولاحظت أن الفاعلين السياسيين لم يتحملوا لغاية الآن مسؤوليتهم ولم ينكبوا على العمل بجدية من اجل اعادة نهوض البلد. أنا هنا من أجل تلافي هذا النوع من الانتحار الجماعي، واذا لم يتحركوا منذ اليوم بمسؤولية فعليهم تحمل نتائج هذا الفشل ونتائج التنكر للتعهدات التي قطعوها. نحن نرفض ان نبقى مكتوفي الأيدي امام التعطيل الحاصل، بدأنا باتخاذ خطوات تمنع دخول المسؤولين السياسيين المعطلين والضالعين بالفساد الى الأراضي الفرنسية، وهذه ليست سوى البداية واذا استمر الأمر، فإن هذه الخطوات ستزداد حدة وستعمم وستكمل بأدوات ضغط يمتلكها الاتحاد الاوروبي وبدأنا بالتفكير فيها معه».

رفع الدعم… بدأ

انطلاق مسار العقوبات الفرنسية على مسؤولين لبنانيين يتزامن مع استمرار مسار الانهيار اللبناني الذي من المتوقع ان يشهد مستويات غير مسبوقة، خاصة اذا اعتذر الحريري، ما سيرفع سعر صرف الدولار الذي قد يتخطى بحسب توقعات بعض الخبراء عتبة الـ ١٥ الف ليرة لبنانية. اما الانكى من كل ذلك فبدء رفع الدعم بشكل غير معلن رغم كل تأكيدات رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب ان ذلك لن يحصل قبل اعتماد البطاقة التمويلية. فبعد ابلاغ منتجي الدجاج قبل ايام التريث بمعاملات الدعم، نتيجة الضائقة المالية،

أعلنت نقابة مستوردي الأجهزة والمستلزمات الطبية بالامس أن الشركات ستضطر الى التصرف بالبضائع الواصلة حديثاً على أُنها غير مدعومة بسبب عدم قبول العديد من المصارف الملفات الجديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من مصرف لبنان بموجب آلية لم تتضح.

واشارت مصادر وزارية الى انه ليس امام الحكومة ومصرف لبنان الا الانطلاق بعملية رفع الدعم بعد الوصول الى الخطوط الحمراء بما يتعلق بالاحتياطي الالزامي، لافتةً في حديث لـ «الديار» الى ان كل المعطيات كانت تؤكد ان الدعم لا يمكن ان يستمر اكثر من منتصف او نهاية ايار، وها قد وصلنا الى هذا الموعد.

وتعليقا على المستجدات، اعرب نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون عن اعتقاده « ان احدا لن يتمكن من الحصول على حقّ الطبابة في هذه الحال» وقال لـ «المركزية»، «سبق وحذّرت من الوصول إلى وقت لن يتمكّن فيه سوى الأغنياء من دخول المستشفيات وتسديد تكاليف الطبابة والاستشفاء، هذا التخوّف بات في مكانه»، مضيفاً «إذا بدأ التسليم بسعر غير مدعوم فهذا يعني أن أسعار المستلزمات الطبية سترتفع ثمانية أضعاف»، سائلاً «من سيتمكّن من تكبّد ثمنها؟ لا أحد». وأكّد أن «المستشفيات تواجه صعوبات. والمشكلة أن بعض أصناف المستلزمات يسدد ثمنها المريض أو الجهات الضامنة، مقابل مستلزمات لا تحتسب بالفواتير مثل الخيطان، الابر، الشاش… يسدد المستشفى ثمنها، ففي حال ارتفع ثمانية اضعاف طبعاً لن تتمكن المستشفيات من ذلك»، معتبراً «أننا وصلنا إلى السيناريو السيئ الذي تخيّلناه والأكيد أن عددا من المستشفيات سيغلق أبوابه في حال رُفع الدعم، ومن يبقيها مفتوحة لا يمكنه استقبال المرضى وفق تسعيرة الجهات الضامنة المعمول بها حاضراً، أي أن الفروقات التي سيتكبّدها المرضى ستكون طائلة في حين أنهم عاجزون عن تحمّلها. كلّ العملية الاستشفائية ستنهار وسيكون من المستحيل مواصلتها عند رفع الدعم».

وخلال لقائه وفدا من نقابة المحررين، قال حسان دياب انه بموضوع رفع الدعم، فان الحكومة أرسلت أربعة سيناريوهات إلى اللجان النيابية المشتركة لكي تتم مناقشتها مع الوزراء والنواب ومصرف لبنان واختيار الحل الأنسب. لكن أمام المطالبة بسيناريو موحّد، أصبحت الحاجة إلى البطاقة التمويلية ملحّة للتعويض عن التكاليف الإضافية التي سيتكبدها المواطن. واكد ضرورة تأليف حكومة بأسرع وقت ممكن وقال: «لو شكلنا حكومة منذ تسعة أشهر لما وصلنا إلى هذا الواقع الصعب». وكرّر أنه لن يخالف الدستور بعقد جلسات لمجلس الوزراء في مرحلة تصريف الأعمال وفي ظل الانقسامات السياسية الحالية. واعتبر ان الحكومة خاضت منذ تأليفها ولا تزال، معركة قاسية على مختلف الجبهات.

 وفد اميركي في بيروت 

وعلى صعيد مفاوضات ترسيم الحدود البحرية، علمت «المركزية» ان وفدا أميركيا سيزور لبنان الاسبوع المقبل بعد ان غادره المبعوث جون دوروشيه اثر فشل جولة المفاوضات الاخيرة في الناقورة بعد التباعد بين طرفي التفاوض. واشارت المعلومات الى ان حركة اتصالات تجري بين المعنيين من اجل الاتفاق على اطار تسوية يعيد المفاوضات الى السكة.

وعلى خط آخر، اطلع وزير الداخلية والبلديات في حكومة تصريف الأعمال محمد فهمي يوم امس على احوال مرفأ بيروت بعد أن قام بزيارة مفاجئة لنقطة المصنع الحدودي، حيث جال في مركز الامن العام والجمارك متفقدا منطقة الشحن حيث أجهزة السكانر.

هذا وتمكنت مفرزة دائرة الجمارك في مطار بيروت الدولي من ضبط ما يقارب ستين (60) كيلوغراما من مادة الحشيش مخبأة ضمن ادوات نحاسية للزينة، في محاولة لتصديرها الى امستردام.