الشغب يفسد التضامن الوطني في 4 آب… والغيظ القواتي ينفجر بوجه الشيوعي / عون وميقاتي يلتقطان الأنفاس بعد تلقي نصائح بعدم التسرّع بإعلان الفشل / عدوان الاحتلال على الجنوب يكشف مأزقه… وحردان لشكوى عاجلة… وحكومة/
كتب المحرر السياسي-البناء
كشفت الأحداث التي شهدها يوم الإحياء الوطني لذكرى تفجير مرفأ بيروت، أنّ القوى التي وضعت يدها على المناسبة لا تريده يوماً للتضامن الوحدة والتأكيد على أولوية كشف الحقيقة كمقدّمة لإحقاق العدالة، وأنّ البرنامج المرافق للمناسبة تحوّل الى اتهام وشيطنة لأطراف لبنانيين وتنظيم أعمال شغب فشلت في جرّ البلاد الى فوضى مصمّمة، وفلتان يهزّ الأمن، لأنّ حجر الرحى في الخطة كان قائماً على التداعيات المتوقعة لكمين خلدة، والتي كانت مبنية على استدراج حزب الله إلى الانفعال والغضب والتورّط في ردود فعل تورّطه في مسلسل أمني يصعب انهاؤه، ويشكل بوابة للفتنة، وكان الغيظ واضحاً في سلوك القوات اللبنانية الذي انفجر بوجه مناصري الحزب الشيوعي الذين كانوا يحيون ذكرى التفجير ضمن إطار البرنامج الموحد لقوى المعارضة، التي يفترض أنّ القوات تحسب نفسها ضمن صفوفها.
في الشأن الحكومي أظهر لقاء الأمس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف بتشكيل الحكومة نجيب ميقاتي أنّ محاولات البحث عن مخارج ستستمرّ رغم العقد التي تحول دون ولادة الحكومة، وتحدثت مصادر مواكبة للمسار الحكومي أنّ الرئيسين تلقيا نصائح داخلية وخارجية على إيقاع مؤتمر الدعم الذي رعاه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعدم التسرّع بإعلان الفشل، وقالت المصادر إنه بالرغم من جدية العقد بنظر الفريقين وتموضعها على خط العناد في تمسك كلّ منهما بنظرته لمبرّرات تمسكه بوزارة الداخلية، من خلال تمسك ميقاتي ببقاء الحقائب على توزيعها السابق طائفياً انسجاماً مع الرغبة ببقاء وزارة المال عن الطائفة الشيعية، وفي المقابل تمسك عون بالمداورة ولو أدت إلى التصادم مع الثنائي حركة أمل وحزب الله حول مصير وزارة المال، ضمن عرض مبادلة المال بالداخلية، سعياً للحصول على وزارة المال، التي تعوّض بنظر الفريق الرئاسي الثلث المعطل لجهة حق التوقيع غير الملزم بمهلة الذي يتمتع به وزير المال، ووفقاً للمصادر فإنّ التفاؤل الذي خرج به ميقاتي ليس نابعاً من تقدّم تمّ تحقيقه بل من رغبة بالتقاط الأنفاس يتفق الرئيسان على الحاجة إليها، ويشاركهما الرئيس الفرنسي تلك الحاجة، لأنه يتعامل مع تكليف ميقاتي كفرصة أخيرة لقيادة فرنسا للمساعي الدولية نحو لبنان ولا يريد أن يخسر هذه الفرصة، وقالت المصادر انّ لقاء اليوم بين عون وميقاتي سيظهر حجم التقدّم الذي تحدث عنه ميقاتي.
في الجنوب جاء عدوان جيش الاحتلال بالقصف المدفعي أول أمس وقصف الطيران فجر أمس، تحت شعار الردّ على الصواريخ التي سقطت في خراج بلدة الخالصة الفلسطينية المحتلة وتسبّبت بإشعال حرائق، وقال جيش الاحتلال إنها أطلقت من جنوب لبنان، ليكشف مأزقه المزدوج، فهو لا يستطيع الظهور بمظهر الضعف وعدم القيام بردّ، وفي المقابل يخشى التورّط في ردّ يستدرج رداً ويتمّ الانزلاق نحو مواجهة يخشاها، لذلك قام بقصف مناطق مفتوحة تجنباً لإيقاع خسائر بشرية أو أضرار مادية فادحة، لكن العدوان بما هو انتهاك للسيادة، كان محور مواقف وتعليقات، وقد تناوله رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الإجتماعي النائب أسعد حردان بالدعوة لتحرك عاجل نحو تقديم شكوى لمجلس الأمن الدولي، من جهة، وتسريع تشكيل الحكومة كحاجة لحماية التماسك الوطني وحفظ السيادة، من جهة موازية.
وحفلت الأيام القليلة الماضية بجملة أحداث وتطورات على المستويين الأمني والسياسي. ففيما كان لبنان واللبنانيون يُحيون الذكرى السنوية الأولى لتفجير 4 آب ويستذكرون الشهداء واللحظات الأليمة والمشاهد المأساوية التي خلفها الانفجار، كان العدو «الإسرائيلي» يدخل عسكرياً على خط تعقيدات المشهد الداخلي بكليته ويستبيح الأراضي اللبنانية متذرّعاً بسقوط صاروخين مجهولي المصدر على المستوطنات في فلسطين المحتلة لإطلاق العنان لدباباته وطائراته بالقصف والإغارة على خراج عدد من القرى الجنوبية.
ودان رئيس المجلس الأعلى في الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان العدوان «الإسرائيلي» ورأى أنه «يؤكد على الطبيعة العنصرية الإرهابية، وعلى الخطر الذي يمثّله العدو».
وأشار حردان إلى «أنّ استهداف أبناء مناطق الجنوب اللبناني في حياتهم وممتلكاتهم وأرزاقهم، هو عدوان موصوف، وعلى لبنان القيام بإجراءات وخطوات رادعة، وتقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي، لإدانة العدوان وتحميل العدو مسؤولية التصعيد».
وشدّد حردان على «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، لكي تقوم بواجبها تجاه المواطنين واتخاذ الخطوات المطلوبة على كلّ المستويات، لمواجهة الاعتداءات «الإسرائيلية»، ولوقف الاستباحة المتكررة لسيادة لبنان».
وختم حردان مطالباً «مؤسّسات الدولة اللبنانية المعنية، لا سيما الهيئة العليا للإغاثة إجراء مسح شامل لتحديد الأضرار نتيجة القصف الصهيوني، والتعويض على المواطنين الذين احترقت بساتينهم وحقولهم».
على الصعيد الحكومي، برزت بقعة ضوء من بعبدا غداة اللقاء الخامس بين رئيس الجمهورية العماد ميشال عون والرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي قال على الأثر: «فرنسا كانت واضحة بأن لا مساعدة قبل تشكيل الحكومة ولهذا اجتمعت مع الرئيس وهذا الاجتماع له أهمية خاصة بعد ما حصل أمس (الأربعاء) ويجب أن نأخذ العبر من صوت المتضرّرين من انفجار 4 آب كما من مؤتمر الدول المانحة». وأضاف: «أكدت للرئيس ضرورة تشكيل الحكومة وإلا نرتكب إثماً إذا لم نسرّع بالتشكيل وكان هناك تقدم ولو كان بطيئاً ومثابرون ومصرون على تشكيل الحكومة لأن في ذلك خيراً للبنان ونريد حكومة تكون رافعة لا نقطة إحباط وأتمنى من اللبنانيين إلا نحترف التشاؤم. من مبدأ الحسّ الوطني لن أترك المهلة مفتوحة وجلسة اليوم (أمس) خطوة إيجابية للأمام ولا ألتزم بأي مهلة زمنية إنما أسعى إلى تشكيل الحكومة وقبلت التكليف لتأليف ولم آتِ على ذكر الاعتذار الذي لا مكان له حتى الساعة. وعندما أشعر أنّ الطريق بات مسدوداً للتجانس سأخبر اللبنانيين والآن لن أخلق مشكلا»ً.
وأضاف ميقاتي: «المرحلة صعبة جداً على الصعد الاقتصادية والمالية وكيفية إعادة لبنان على الخارطة المالية الدولية، أو على صعيد استحقاق الانتخابات النيابية، وهي استحقاق مهم جداً، وأقول للجميع أنني منفتح على كل الآراء، ولكن لا مكان للانقلابات في لبنان، بل عبور إلزامي بمرحلة دستورية إلزامية للوصول إلى الانتخابات، ولتقرّر الانتخابات بطريقة ديمقراطية المستقبل في لبنان. لا مانع لدينا بل أؤكد وألتزم بنزاهة الانتخابات المقبلة».
وسجل ميقاتي خفضاً لنبرته عن اللقاء السابق بقوله: «ليس هناك عملية تحدٍّ لأحد، ولا أحد متمسك بحقيبة معينة، وما من حقيبة مرتبطة بطائفة أو مذهب دستورياً، ولكن أنا قلت في التصريح الأخير أن لا وقت لدينا للدخول في مشاكل جانبية، ونتحدث بإعطاء هذه الحقيبة لهذه الطائفة أو تلك. لنترك المشاكل ونذهب باتجاه تشكيل حكومة».
وأشارت مصادر المعلومات إلى أن «لقاء الأمس بين الرئيسين أظهر نقاط تباين عدة أهمها الحقائب السيادية»، مشيرة إلى أنّ «الاجتماع حقق تقدماً في صيغة توزيع الحقائب على نحو يكون له انعكاسات إيجابية على الحقائب السيادية التي هي موضع بحث». وأشارت المصادر إلى أنه «من المتوقع استكمال النقاش في الاجتماع المقبل اليوم»، لافتة إلى أنّ «أجواء الاجتماع كانت إيجابية»، مؤكدة أنّ «عون وميقاتي لم يدخلا في مرحلة البحث في الأسماء بعد». وشدّدت على أنه في اجتماع الأمس حصل توزيع للحقائب أكثر ملاءمة من السابق. ووفق معلومات «البناء» فإنّ وزارة الداخلية هي أم العقد نظراً لأهمية هذا الموقع في الإشراف على الانتخابات النيابية وعلى صدور نتائجها، فعون والنائب جبران باسيل يعتبران أنها ضمانة لهما ضد أي محاولة للتلاعب بنتائج الانتخابات لمصلحة معارضيهم وتحديداً منافسهم على الساحة المسيحية أي القوات اللبنانية التي تصر على إجراء انتخابات نيابية مبكرة لتعديل موازين القوى على الساحة المسيحية. وفيما أُفيد أن أحد المخارج هو منح الشيعة الداخلية مقابل إعطاء المالية للرئيس عون، لم تظهر حقيقة هذا الطرح وجديته لدى ثنائي أمل وحزب الله. إلا أن مصادر التيار لا تزال تعتقد بأن العقدة خارجية وليست داخلية ولو كانت كذلك لتم تأليف الحكومة خلال أسبوع كحد أقصى.
وفور انتهاء تصريح ميقاتي سجّل سعر صرف الدولار في السوق السوداء، تراجعاً حيث بلغ 20400 ليرة للشراء و20450 ليرة للبيع مقابل الدولار الواحد.
وعلى وقع الأحداث الأمنية، انعقد مؤتمر دعم لبنان وشعبه في باريس عبر تقنية الـ video conference والذي شاركت فيه 33 دولة و13 منظمة دولية و5 ممثلين عن المجتمع المدني اللبناني، وشدّد رئيس البنك الدولي دافيد مالباس والمديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجييفا على «أهمية التدقيق المالي الجنائي في حسابات مصرف لبنان ومؤسسة كهرباء لبنان»، مركزين على «ضرورة قيام لبنان بإصلاحات جذرية في العديد من قطاعاته». وكشفا عن نية المؤتمر دعم لبنان بمبلغ يقدر بـ «860 مليون دولار في هذا الوقت العصيب لزيادة احتياطاته التي استُنزفت وكذلك للمساعدة في تلبية الاحتياجات العاجلة الكثيرة للشعب اللبناني».
وأبدت مصادر في فريق المقاومة لـ»البناء» استغرابها الشديد إزاء الاستغلال الإعلامي والسياسي لذكرى تفجير المرفأ ولدماء الشهداء ومآسي وغضب أهاليهم للتصويب على قوى وجهات سياسية للنيل منها، داعية هذه القوى للإقلاع عن هذه الأساليب التي لا تفيد بشيء سوى التحريض وبث التفرقة والكره بين اللبنانيين، محذرة من تسييس التحقيق لأهداف مبيتة وخدمة لمشاريع خارجية ستظهر حلقاتها لاحقاً، تزامناً مع استمرار الحصار الاقتصادي والمالي الأميركي الغربي الخليجي الأوروبي على لبنان وتمادي العدو «الإسرائيلي» بعدوانه المتكرر وسط صمت أميركي دولي مطبق. وأفادت معلومات «البناء» أنّ قاضي التحقيق العدلي طارق البيطار سيؤجل الإعلان عن تقريره الأول حول الجريمة إلى أيلول المقبل ريثما يتم صدور تقرير الاستخبارات الفرنسية، إلا أنّ خبراء عسكريين تساءلوا عن سبب رفض الأميركيين والأوروبيين حتى الآن تزويد لبنان بصور الأقمار الصناعية لمعرفة ما حصل قبل التفجير وما إذا كان ناتجاً عن عدوان «إسرائيلي» بصاروخ أو بعمل إرهابي أو حادث عرضي، وكشف الخبراء لـ»البناء» عن تعقيدات في الملف لجهة كشف حقيقة وسبب التفجير نظراً لارتباط ذلك بضلوع «إسرائيلي» بدور ما في التفجير، وثانياً لجهة تعويض شركات التأمين بمليارات الدولارات على المتضررين، لا سيما أنه في حال ظهر أنّ السبب عدوان «إسرائيلي» أو عمل إرهابي فلن يتم التعويض، أما في حال ثبت أنه حادث عرضي فشركات التأمين ملزمة بالتعويض، بحسب القوانين المرعية الإجراء.
ولم يسلك طرح رئيس المجلس النيابي نبيه بري بإحالة الوزراء والرؤساء المتهمين بالإهمال الوظيفي في قضية المرفأ إلى المحاكمة أمام المجلس الأعلى لمحاكمة الوزراء والرؤساء في ظلّ معارضة مسيحية لهذه الخطوة، بحسب ما كشفت مصادر نيابية لـ»البناء» كاشفة أنّ «التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية وحتى تيار المردة رفضوا التوقيع على هذا الطرح».
وخطف التصعيد «الإسرائيلي» جنوباً الاهتمام الرسمي، بعد سلسلة اعتداءات «إسرائيلية» برية وجوية طالت عدداً من القرى الجنوبية بذريعة سقوط صاروخين من الأراضي اللبنانية على مستوطنات في فلسطين المحتلة. وأعلنت قيادة الجيش «تعرض وادي حامول والسدانة وسهل الماري وخراج راشيا الفخار وسهل الخيام، إضافة إلى سهل بلاط، لقصف بمدفعية الجيش «الإسرائيلي» وأحصي عدد القذائف بحوالى 92 وذلك بعد إطلاق صواريخ من إحدى المناطق الجنوبية باتجاه الأراضي الفلسطينية المحتلة، ما أدى إلى نشوب حريق في بلدة راشيا الفخار. وسيّر الجيش دوريات في المنطقة وأقام عدداً من الحواجز، كما باشر التحقيقات لكشف هوية مطلقي الصواريخ. وتتم متابعة الوضع مع قوات الأمم المتحدة الموقتة في لبنان».
وأشارت مصادر ميدانية لـ»البناء» إلى أنّ «الهدوء سيد الموقف ولم تشهد المنطقة أي تطورات جديدة رغم شدة القصف الإسرائيلي البري والجوي»، ملاحظة أنّ «الغارات الإسرائيلية استهدفت مناطق غير مأهولة بالسكان لتجنب استهداف المدنيين اللبنانيين، وبالتالي عدم استفزاز حزب الله واختراق قواعد الاشتباك القائمة منذ حرب تموز 2006. فالقصف الإسرائيلي لا يزال ضمن المعادلة رغم شموله مناطق متقدمة في الجنوب». ورجحت المصادر أن «يكون العملاء الإسرائيليون هم من أطلقوا الصواريخ لخلق مبرّر للتصعيد الإسرائيلي، لا سيّما أن مخيمات اللاجئين الفلسطينيين تحوي فصائل مقاومة وفصائل أخرى متناقضة ولها ارتباطات خارجية إسرائيلية واستخبارية عدة».
وفي سياق ذلك، أشار الخبير العسكري والاستراتيجي الدكتور العميد هشام جابر لـ»البناء» إلى أن «التصعيد الإسرائيلي في الجنوب بتعلق بتطورات المنطقة، لا سيما حرب الناقلات بين إيران واسرائيل والملف النووي الإيراني.
واستبعد جابر حصول تداعيات للتصعيد جنوباً على صعيد الجبهة مع لبنان ولا على صعيد جبهات المنطقة»، مشيراً إلى أن «الولايات المتحدة لن ترد على استهداف الناقلة الإسرائيلية لأسباب عدة رغم تهديد مسؤوليها». وميّز جابر بين «الحرب العسكرية الواسعة النطاق والمستبعدة حالياً، وبين الحرب الاستخبارية القائمة بين طهران من جهة وكل من الأميركيين والإسرائيليين من جهة ثانية، لا سيّما حرب الناقلات واستهداف معمل «نطنز» الإيراني النووي وتنفيذ عمليات اغتيال لعلماء نوويين ايرانيين».
كما أوضح جابر أنّ «إسرائيل لن تستطيع تحمّل أن تكون المبادرة بالضربة الأولى على لبنان لخشيتها من الخسائر الفادحة التي سلتحق بها جرّاء ردة فعل حزب الله الذي يملك 150 ألف صاروخ يحذّر منها القادة العسكريون في إسرائيل، لكنّ الأخيرة تريد استدراج حزب الله للمبادرة بمهاجمة إسرائيل لاستمالة المجتمع الدولي والإدارة الأميركية خصيصاً إلى جانبها، لفرض شروط وقواعد اشتباك جديدة على الحزب».
في المواقف الرسمية، اطلع رئيس الجمهورية من قيادة الجيش على نتائج التحقيقات المتعلقة بإطلاق صواريخ من الأراضي اللبنانية والإجراءات الواجب اتخاذها في هذا الشأن، واعتبر أنّ «تقديم الشكوى إلى الأمم المتحدة خطوة لا بد منها لردع إسرائيل عن استمرار اعتداءاتها على لبنان». وأعلن أنّ «استخدام إسرائيل سلاحها الجوي في استهداف قرى لبنانية هو الأول من نوعه منذ العام 2006، ويؤشر إلى وجود نوايا عدوانية تصعيدية تتزامن مع التهديدات المتواصلة ضد لبنان وسيادته، وما حصل انتهاك فاضح وخطير لقرار مجلس الأمن الرقم 1701، وتهديد مباشر للأمن والاستقرار في الجنوب».
وفي السياق، طلب رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب من وزيرة الخارجية بالوكالة في حكومة تصريف الأعمال زينة عكر «الإيعاز إلى مندوبة لبنان لدى الأمم المتحدة السفيرة أمل مدللي تقديم شكوى عاجلة إلى مجلس الأمن الدولي بشأن العدوان الإسرائيلي على لبنان».
وتوقفت أوساط سياسية وعسكرية مطلعة عند التوقيت المريب والمشبوه للدخول «الإسرائيلي» على خط التوتر والأحداث والأزمات في لبنان، إذ تزامن هذا الانخراط المفاجئ مع جملة تطوّرات داخلية خلال الأسبوع الماضي:
ـ حوادث خلدة الأمنية ومحاولات إحداث فتنة مذهبية تخدم المصلحة والأهداف «الإسرائيلية»
ـ إحياء ذكرى انفجار مرفأ بيروت في 4 آب والأحداث الأمنية التي رافقتها في وسط بيروت
ـ تعثر تأليف الحكومة الجديدة في ظل الخلاف بين رئيسي الجمهورية والحكومة المكلّف
ـ تفاقم الأزمات الحياتية وتمدُّد الانهيارات الاقتصادية والاجتماعية وخطر الفوضى الشاملة
ـ الإعلان عن إطلالة مرتقبة للأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله السبت المقبل في ذكرى الانتصار في حرب تموز، والمواقف التي نقلت عنه في جلسة داخلية عن توجّه للحزب لاستيراد النفط والأدوية والمواد الغذائية من إيران في القريب العاجل.
ولفتت الأوساط إلى أنّ سياق الأحداث الأمنية الداخلية من خلدة إلى اشتباكات وسط بيروت والدخول «الإسرائيلي» على خطها، تؤكد تورط جهات خارجية وسفارات دول حليفة لها بكمين خلدة المدبر، لاستدراج حزب الله إلى مستنقع الفتنة المذهبية، كاشفة أنه لو انزلق الحزب إلى اشتباك واسع في خلدة لكانت مجموعات أخرى تنتظر ذلك لفتح جبهات عدة في المناطق ذات الحساسية المذهبية في الشمال والبقاع والخط الساحلي بين بيروت وصيدا، وبالتالي إغراق الحزب في فتنة كبيرة قد تدخل فيها خلايا إرهابية وتعقبها ضغوط دولية وتدخل «إسرائيلي» عسكري ظهرت نذره أمس الأول في الاعتداءات «الإسرائيلية» وأعمال الشغب المخطّطة في وسط بيروت ومحيط المرفأ التي رافقت إحياء ذكرى التفجير.
وذكّرت المصادر ببنود خطة وزير الخارجية الأميركية السابق مايك بومبيو، التي تتضمن في بندها الأول تعميم الفراغ في المؤسسات، لا سيّما في مجلس الوزراء، وثم تفجير الأزمات الحياتية وأخذ البلد إلى انهيارات اقتصادية ومالية متتالية وفوضى اجتماعية وأمنية، ثم إشعال الوضع الأمني بشكل واسع تمهيداً لعدوان «إسرائيلي» مفاجئ يليه تدخل دولي لفرض الوصاية الأجنبية الأوروبية الأميركية على لبنان، على كافة الصعد السياسية والعسكرية والمالية والاقتصادية، ما يدلّ على أنّ خطة بومبيو لا تزال سارية المفعول لغياب استراتيجية أميركية جديدة للملف اللبناني.