شهيّب لـ”لبنان الكبير”: مهمة ميقاتي انتحارية
عبدالله ملاعب
في الآونة الأخيرة، ومنذ ما قبل الانهيار الاقتصادي الحاد، يفضل الحزب التقدمي الاشتراكي عدم الدخول في سجالات سياسية، بل يسعى لتقريب وجهات النظر بين كل القوى السياسية لمعالجة الأزمات التي يعاني منها لبنان.
هي سياسة قائمة على عدم الاصطفاف، بانت بوضوح حينما أطلق وليد جنبلاط في آذار ٢٠٢١ نداءً للتسوية الحكومية بعد سلسلة لقاءات سياسية كان أبرزها زيارة وليد جنبلاط قصر بعبدا ولقائه الرئيس ميشال عون.
وفي هذا الإطار، يوضح عضو اللقاء الديمقراطي النائب أكرم شهيب في حديث لـــ “لبنان الكبير”، أن مبادرة جنبلاط الحكومية التي حاول عبرها تقريب وجهات النظر بين عون والحريري، قبيل اعتذار الأخير عن التشكيل، “تبناها الرئيس بري وجرى العمل عليها لكنها اصطدمت بثلاث نقاط خلاف بين بعبدا وبيت الوسط، أبرزها إصرار وزير البلاط جبران باسيل على تسمية الوزيرين المسيحيين”.
ويرى شهيب في ميقاتي شخصية مندفعة خولته القبول بالتأليف، معتبراً أن مهمة الرئيس المكلف “انتحارية، لا سيما إن بقي التعطيل قائماً من قبل الجهة التي يجب أن تكون حريصة على ما تبقى من عهدها، بالتالي على تشكيل حكومة انطلاقاً من مقاييس مختلفة عن قبل، جوهرها مصلحة الوطن والشعب اللبناني”.
ويفَضَّلَ شهّيب عدم التعليق على معادلة، تسهيل التيار الوطني الحر تشكيل الحكومة مقابل حصوله على ضمانات رئاسية، مشدداً على أن “أي استفتاء شعبي اليوم حول ملف الانتخابات الرئاسية يظهر أن الشعب اللبناني يريد رغيف الخبز، وعلبة الدواء، والمحروقات والكرامة”.
وفي الإطار، يوضح أن “الحزب الاشتراكي لا يطالب ميقاتي بأية حصة أو وزارة”، متمنيًا أن يكون الخلاف بين القوى السياسية على “كيفية حماية لبنان من السقوط الكبير، لا على الحقائب الوزارية”.
وفي معرض تحذيره من السقوط الكبير، يعتبر شهيّب أن الملف الأهم المطلوب معالجته في الحكومة الجديدة، هو ملف التهريب، فالمطلوب “فك ارتباط الاقتصاد اللبناني بالاقتصاد السوري والذي يُراد منه حماية الأسد الذي أراد ابتزاز اللبنانيين عبر الكلام عن الودائع السورية في المصارف اللبنانية”.
ويطالب شهيّب ميقاتي بمعالجة ملف التهريب، معترفاً بصعوبة إنهاء الاستنزاف السوري للاقتصاد اللبناني، ويرى في هذا الأمر ضرورة ملحة “بحاجة إلى قرار سياسي جريء لا سيّما أنّ انهيار القطاعات الاقتصادية اللبنانية يعود إلى التهريب الذي خلق أزمات مستجدة في قطاعات المحروقات والزراعة والصناعات التحويلية وغيرها”.
وعن فتور العلاقة بين الاشتراكي وبعض الأحزاب الحليفة، يوضح شهيّب أن “العلاقات التي تجمع الاشتراكي بالقوى السياسية الأخرى تتراوح بين المقبول والجيد”.
وحول العلاقة الحالية بين الاشتراكي وحركة أمل، بعد المواقف المتباينة في ملف التحقيق في انفجار المرفأ، يقول شهيّب إن “التفاوت في الرؤى بين الاشتراكي والقوى السياسية الأخرى لا تعيق التواصل الدائم والحوار”، مشيرًا إلى العلاقة التاريخية بين وليد جنبلاط ونبيه بري، “فإن كان ثمة اختلاف في بعض الملفات، لا يفسد هذا الأمر في الود قضية”.
ويؤكد شهيّب أن قيادة الحزب الاشتراكي “لم تفتح لا من بعيد ولا من قريب ملف الانتخابات النيابية. فأعداء الحزب الاشتراكي اليوم هم: فقر الناس وجوعهم والآتي من المُتحور الجديد لكورونا”.
وبرأيه، أن “قانون اغدر بأخيك الانتخابي، لا يمت للأكثري بصلة او للنسبي بقرابة، لن يُغيّر بالمسار العام بل على العكس يدمر وسيدمر العيش الواحد في بلد هو بأمس الحاجة لإلغاء الطائفية السياسية والذهاب إلى قانون انتخابي جديد خارج القيد الطائفي وانشاء مجلس شيوخ يحفظ حقوق الطائفيين المتخوفين من الطوائف”.
يبدو واضحاً أن الحزب الاشتراكي الذي أرسى منطق التسوية الحكومية لإنقاذ البلاد من أزمته الاقتصادية، غير متحمس لدخول السلطة التنفيذية في هذا الظرف، لأن الأولوية عنده دعم صمود الناس. وقد تجلّى ذلك بخروجه من خمس نقابات عمالية لأنه “يراها في قبضة الأحزاب ولا تعبر عن العمال والمزارعين والموظفين”، بحسب شهيّب، ليبقى السؤال: وسط خيار إبعاد النقابات عن سيطرة الأحزاب وقراراتها السياسية، هل يُخبّئ الاشتراكي لجمهوره وللرأي العام، مفاجآت تعيده إلى صلب الحركة السياسية المعارضة؟
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع