الملف الشائك يعود للساحة من جديد
من بعيد عادت قضية المصالحة بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والقيادي المفصول من حركة “فتح” محمد دحلان، للواجهة من جديد، بعد تصريحات مُفاجئة صدرت عن النائب في المجلس التشريعي المنحل، والقيادي في التيار الإصلاحي بغزة، أشرف جمعة، حول قرب فتح هذا الملف وحدوث انفراجه فيه.
النائب جمعة الذي لم يضع تفاصيل كثيرة لتصريحه الذي جاء معاكسا نوعا ما لحقيقة الخلاف المتصاعد والكبير بين دحلان والرئيس عباس، اكتفى بكتابة هذه الكلمات على صفحته الخاصة على موقع “فيس بوك”، حين قال: “كما قلت سابقا، حدث دراماتيكي كبير أصبح قاب قوسين أو أدنى من الحدوث، نتائجه الإيجابية أو السلبية علينا في علم الغيب”.
هذه الكلمات فتحت باب التساؤل في الساحة الفلسطينية على مصرعيه، حول حقيقة وجود تحرك سري لإعادة المصالحة بين الرئيس عباس ودحلان الذي يتزعم التيار الإصلاحي في حركة فتح”، ومدى إمكانية إعادة اللُحمة من جديد للجسم الفتحاوي، الذي مزقته الخلافات الداخلية والتدخلات الخارجية.
تصريحات جمعة ربطتها بعض الأوساط السياسية بزيارة عضو اللجنة المركزية لحركة (فتح)، عباس زكي، إلى مخيم الأمعري مؤخراً، وحضور القيادي في التيار، جهاد طميلة، هذا اللقاء، وإمكانية أن يكون هذا اللقاء الخطوة الأولى نحو تحقيق مصالحة على الورق تبدو مستحيلة بين الطرفين.
ورغم تسارع قيادة حركة “فتح” بالضفة لنفي وجود أي تطور بملف المصالحة الفتحاوية الداخلية، إلى أن أوساط داخل حركة “فتح” في غزة قد أكدت في تصريحات خاصة لـ”رأي اليوم”، وجود تحرك ضعيف جدًا لإعادة تحريك هذا الملف، من خلال لقاءات ثنائية بين الطرفين بعيدًا عن وسائل الإعلام.
وكشفت أن تلك اللقاءات جاءت بمجهود من شخصيات فلسطينية مرموقة في الخارج، في محاولة لتحريك مياه هذا الملف الراكدة وإعادة تفعيلها، مشيرة في الوقت ذاته إلى أن الملف شائك للغاية ومعقد وإمكانية إحراز أي تقدم فيه مستبعد في ظل الظروف الراهنة، وحالة الاحتقان الكبيرة بين تيار دحلان وحركة “فتح” بالضفة.
وذكرت أن دحلان لا يرفض فتح ملف المصالحة مع فصيله القديم حركة “فتح”، إلا أن قيادات كثيرة من الحركة وخاصة المحيطين بالرئيس عباس، هي من تضع عقبات كبيرة أمام إنجاز هذا الملف تحت ذريعة ان دحلان “عليه جرائم مالية وأحكام حركية وقضائية كبيرة”، فلا يمكن إعادته للجسم الفتحاوي من جديد.
هذه التصريحات جاءت متوافقة مع ما أكده حسين حمايل الناطق باسم حركة “فتح”، بان “قضية محمد دحلان أصبحت خلف ظهورنا، وأن ما يتم تداوله عبارة عن شائعات”، مضيفًا “لا مصالحة مع القيادي المفصول من الحركة، والقرار صادر من أبناء الشعب الفلسطيني وأعضاء اللجنة المركزية لحركة فتح”.
وتنظر أوساط سياسية إلى صعوبة إتمام المصالحة في الوقت الراهن، وعلى الأقل في زمن الرئيس عباس، خاصة بسبب العلاقات المتوترة بين السلطة الفلسطينية والإمارات لمواقفها الأخيرة من التطبيع مع إسرائيل، ومعاداة السلطة وقادتها، والاستمرار باستضافة دحلان ورفض تسليمه للقضاء الفلسطينية لمحاكمته.
لكن تلك الأوساط أبقت الباب مواربًا في إمكانية إحداث تقدم مفاجئ بهذا الملف، حين أكدت بان يمكن لدول عربية وعلى رأسهم مصر أن تُفعّل هذا الملف سرًا وتجمع الطرفين على طاولة واحدة والوصول لنقطة مشتركة، تنهي الخلاف الفتحاوي الداخلي القائم منذ سنوات، والذي يشكل أزمة الأكبر للحركة في خوضها أي انتخابات مقبلة في الساحة الفلسطينية، خاصة بعد التعقيدات التي دخل بها بعد فصل ناصر للقدوة من اللجنة المركزية أيضا.
الجدير ذكره أنه في شهر يناير الماضي، كشفت الإذاعة الإسرائيلية، أن زيارة كل من رئيس المخابرات المصرية، عباس كامل، ورئيس المخابرات الأردنية، أحمد حسني، إلى رام الله هدفت لحث الرئيس محمود عباس، لتوحيد صفوف (فتح) وتحقيق المصالحة، في ظل المرسوم الرئاسي بتحديد موعد الانتخابات، والتي الغيت لاحقاً.
وكان دحلان أول مدير لجهاز الأمن الوقائي في السلطة الفلسطينية التي تأسست عام 1994، ثم عين وزيرا للأمن الداخلي في حكومة الرئيس محمود عباس عام 2005، وكان حليفا قويا له، قبل فصله من حركة فتح عام 2013، ويقيم حاليا في أبوظبي حيث يعمل مستشارا لولي العهد محمد بن زايد.
النص يعبر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة عن رأي الموقع