ميقاتي والضمانات الدولية: حكومة 4 آب؟
على مسارين شديديّ التناقض يطغيان على مجمل المشهد الداخلي، صار الرئيس نجيب ميقاتي الرئيس المكلف الثالث بتشكيل الحكومة منذ ما بعد انفجار مرفأ بيروت وسط ترقب حذر للغاية لمسار التأليف الذي يبدأ اليوم تحديداً مع الاستشارات النيابية التي سيجريها الرئيس المكلف مع الكتل النيابية والنواب في ساحة النجمة. مسار فتحته نفحة تفاؤل حرص ميقاتي على تعميمها فور صدور مرسوم تكليفه، وبدا لافتاً إعلانه من خلالها امتلاكه ضمانات خارجية لدعم حكومته العتيدة. ومسار لا يزال أصحابه يتخوفون ويتشككون استناداً الى التجربة المريرة التي عانى منها الرئيس المعتذر سعد الحريري، علماً ان ايحاءات ومعطيات واضحة ارتسمت في الساعات الأخيرة، اثبتت ان الهدف المركزي الأساسي للعهد العوني وتياره من خلال الإمعان في التعطيل كان إزاحة وإقصاء الحريري.
ولذا ستكتسب تجربة ميقاتي في الأيام الطالعة مع رئيس الجمهورية ميشال عون دلالات الاختبار الفوري الذي لن تتأخر مفاعيله خصوصاً اذا اقترن موقف “حزب الله” الذي سمى نوابه ميقاتي وشددوا على تسهيل التاليف، بالصدقية والالتزام لان ذلك سيسقط الغطاء الذي استند اليه العهد سابقا في تعطيل مهمة الحريري.
وفي أي حال يبدو واضحاً ان ميقاتي وضع لنفسه برنامجاً سريعاً واستثنائياً لاستعجال تأليف الحكومة وعدم الاستغراق في استنزاف الوقت، علماً انه شرع مساء امس في الزيارات التقليدية لرؤساء الحكومة السابقين سعد الحريري وفؤاد السنيورة وتمام سلام وحسان دياب وسينجز اليوم برنامج الاستشارات النيابية في مجلس النواب وسط ايحاءات بأنه حدّد لنفسه مهلة قصيرة غير معلنة لتوظيف الدعم الداخلي والخارجي الذي توافر لتكليفه.
وأفادت معلومات بارزة في هذا السياق ان ميقاتي يتطلع بجدية كبيرة الى توظيف حالة التأييد الواسع لتشكيل حكومة في اسرع وقت من خلال سعيه الى إنجاز التأليف فعلاً قبل 4 آب المقبل على صعوبة تحقيق هذا الهدف، ولكن النجاح المحتمل لهذا الاختراق في حال حصوله سيحدث وقعاً مهماً داخلياً وخارجياً نظراً الى الرمزية الكبيرة التي تكتسبها محطة الذكرى السنوية الأولى لانفجارمرفأ بيروت. وذكرت المعلومات ان لقاء رئيس الجمهورية ميشال عون والرئيس ميقاتي بعد انتهاء الاستشارات اتسم بأجواء إيجابية اذ نقل عن عون انه قال للرئيس المكلف “بدنا نتعاون لنخلص البلد”، وان ميقاتي اجابه فوراً بأنه جاهز وانه سيحضر اليه في وقت قصير جداً بعد الاستشارات النيابية التي سيجريها اليوم اذ يجري كلام عن تأليف سريع للحكومة خلال أيام.
وقالت مصادر مطلعة على موقف بعبدا ان الرئيس عون توافق مع الرئيس ميقاتي على الاسراع في التشكيل، لكنهما لم يدخلا بعد في تفاصيل تركيبة الحكومة او توزيع الحقائب او اية مسائل اخرى مرتبطة بآلية التأليف. واكدت هذه المصادر ان كل ما تردد عن وجود خلافات حول هذه الحقيبة او تلك، لا أساس له لاسيما وان البحث في تركيبة الحكومة لم يبدأ بعد بين عون وميقاتي. وشددت المصادر على ان مقاربة مسألة تشكيل الحكومة سترتكز على ما يحقق مصلحة لبنان واللبنانيين في هذه المرحلة الصعبة والدقيقة التي يمر بها الوطن، وان التعاون بين الرئيسين عون وميقاتي كفيل بالوصول الى هذا الهدف ضمن الاصول والقواعد الدستورية المعروفة.