تحقيقات - ملفات
الجبهة الشامية والسلطان مراد..اندماج لمنافسة تحرير الشام؟
عقيل حسين|المدن
أطلقت الشرطة العسكرية التابعة للجيش الوطني المعارض، حملة أمنية باسم عملية “مخلب الصقر” قالت إنها تستهدف “القبض على خلايا تابعة لتنظيم داعش وحزب العمال الكردستاني، كانت تخطط لتنفيذ هجمات إرهابية” في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش المدعوم من تركيا.
الحملة جاءت مباشرة بعد إعلان فصيلي الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد، أكبر فصائل الجيش الوطني، حملة تستهدف ملاحقة “الفاسدين والمجرمين وتجار المخدرات”، الأمر الذي رأى فيه الكثيرون أنه يهدف إلى التلويح بعصا القوة ضد الفصائل الأخرى المنتشرة في هذه المناطق من أجل إجبارها على التوحد.
لكن مصادر في الجيش الوطني نفت أن يكون هناك أي نوايا مخالفة لما هو معلن في بيان تشكيل الغرفة، وأكدت أن كلا الحملتين تعمل بشكل منسق بهدف “تحسين مستوى الأمن”.
وأكد مدير مكتب الإعلام الحربي في الجيش الوطني رأفت جنيد ل”المدن”، أن الحملة التي أطلقتها الشرطة العسكرية في مدينة الباب وريفها شرق حلب، هي جزء من غرفة العمليات الموحدة التي تحمل اسم “العزم”.
وأشار إلى أن حملة “مخلب لصقر” هدفها محدد لجهة استهداف خلايا التنظيمات الإرهابية التي تنفذ أو تخطط لتنفيذ هجمات في المنطقة، وهو شيء مختلف عن غرفة العمليات التي أطلقتها الجبهة الشامية ولواء السلطان مراد.
وحول اقتصار غرفة عمليات “العزم” على فصيلي الجبهة الشامية والسلطان مراد، قال: “الأمر كان وما يزال مطروحاً على جميع قوى وتشكيلات الجيش الوطني، وقد التقى قادة الفصيلين مع مسؤولين من مكونات أخرى في الجيش لبحث المشاركة، مثل جيش أحرار الشرقية والفرقة الأولى وغيرها، ويمكن للجميع الانضمام، لكن في النهاية كل تشكيل له ظروفه وخصوصياته التي تحدد قرار مشاركته في الغرفة”.
السعي للاندماج والسيطرة
لكن مصادر خاصة لم تستبعد أن يكون الهدف من الاجتماعات التي عقدها كل من أبو أحمد نور قائد الجبهة الشامية، ومسؤولين في لواء السلطان مراد، مع قيادات الفصائل الأخرى، كانت بهدف التفاوض من أجل الاندماج على أن يبدأ من خلال هذه الغرفة.
وفي حديث ل”المدن”، أكد مصدر معارض مقرب من الجيش الوطني، فضل عدم الكشف عن هويته، وجود توجه لدى الفصيلين، وبتوجيه أو رضى تركي، بتحسين الوضع الأمني في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش، وفرض إدارة أكثر تطوراً على المعابر الداخلية التي تربط هذه المناطق مع مناطق سيطرة النظام وقوات سوريا الديمقراطية.
وأضاف أنه “بعد صدور قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2585 الخاص بتمديد العمل بمعبر
باب الهوى كممر للمساعدات الانسانية، مع التوسع باستخدام خطوط التماس بين مناطق النظام والمعارضة في نقل جزء من هذه المساعدات، باتت قضية المعابر الداخلية على درجة كبيرة من الأهمية، وبالتالي لا يُستبعد أن تكون المعابر الخاضعة لسيطرة الفصائل الأخرى هي أحد أهداف هذا الحوار والتحرك”.
باب الهوى كممر للمساعدات الانسانية، مع التوسع باستخدام خطوط التماس بين مناطق النظام والمعارضة في نقل جزء من هذه المساعدات، باتت قضية المعابر الداخلية على درجة كبيرة من الأهمية، وبالتالي لا يُستبعد أن تكون المعابر الخاضعة لسيطرة الفصائل الأخرى هي أحد أهداف هذا الحوار والتحرك”.
كما أن المصدر أبقى احتمالية فرض الاندماج على بقية الفصائل، بحيث تنضم التكشيلات من المكون العربي إلى “الجبهة الشامية”، والفصائل التي يغلب عليها المكون التركماني إلى “لواء السلطان مراد” بما فيها تلك التي تحظى بوضع مميز لدى الجانب التركي، مثل لواء السلطان شاه الذي يقوده محمد الجاسم (أبو عمشة)، مشيراً إلى وجود تخوف واضح لدى بقية الفصائل، بل وحتى وزارة الدفاع والحكومة المؤقتة من هذا التوجه.
أمر لا يستبعده الباحث في مركز الحوار السوري محمد سالم، الذي يرى أن محاولات تشكيل تحالفات بين الفصائل هو أمر قديم يتكرر باستمرار، وعادة فإن الفصائل تشكل تحالفاً معيناً يهدف للإندماج لكن غالباً ما ينتهي بالفشل، متسائلاً عما إذا كان لدى الطرفين القائمين على هذا التوجه اليوم القدرة والرغبة بتحقيق نتيجة مختلفة.
ويضيف في تعليقه ل”المدن”، أن “التحالف الجديد يبدو أبعد من مجرد غرفة عمليات عسكرية أو أمنية، ويبدو أنه أشبه بتحالف الهيئة الشرعية في حلب عام 2012، فالجبهة الشامية ولواء السلطان مراد باعتبارهما الفصيلين الأكبر والذين يمتلكان هامش أكبر من الاستقلالية في العلاقة مع الأتراك، فربما يكون لديهما دافع أكبر نحو هذه الخطوة”.
ويرى سالم أن هناك شعوراً لدى قادة الفصيلين بأن هيئة تحرير الشام، التي تسيطر على إدلب وتسوق في دعايتها الإعلامية أن المناطق التي تديرها أفضل بكثير من مناطق سيطرة الجيش الوطني، إنما تستهدفهما بالدرجة الأولى، وعليه فقد أحدث ذلك على ما يبدو ردة فعل.
لكن الاشكالية، حسب سالم، أن الفصائل الأخرى غير مرتاحة لهذا التوجه، خاصة وأن تجربة القوى الصغيرة مع تطبيق ما يتم الاتفاق عليه غير مشجعة، بل إنه حتى داخل الفصيل الواحد هناك افتقاد إلى المركزية، “لكن إذا تمكن هذان الفصيلان من إنجاح تجربتهما فيمكن وقتها أن يمتلكا القدرة على فرض الاندماج على بقية الفصائل باستخدام سياسة الترغيب والترهيب”.
لا نوايا للإكراه
لكن حسن الدغيم مدير إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني، ينفي بشكل قاطع أي توجه من هذا النوع، على الرغم من توجيه إنتقادات غير مباشرة من قبل قادة في الجبهة الشامية ل”التحفظ” الذي أبدته الإدارة تجاه الإعلان عن عملية “العزم”، حيث أحجمت الإدارة وقيادات الجيش الوطني عن مباركتها رسمياً.
الدغيم أكد في تصريح ل”المدن”، أن هذه الحملات تندرج في إطار تمكين القانون والمؤسسات وملاحقة المجرمين والخلايا التي تهدد أمن المجتمع، وأن وزارة الدفاع وقيادة الجيش الوطني وإدارة التوجيه المعنوي تدعم هذه الحملات وتعمل مع جميع الفصائل العسكرية والقوى الامنية على أساس الدعم والمساندة الكاملة.
أما في ما يتعلق بخصوص الإعلان عن دعم الغرفة من خلال منصات الإدارة الإعلامية، يشير الدغيم إلى أنه وبسبب وجود حملات أمنية مستمرة من هذا النوع، فإن سياسات النشر تفرض في بعض الأحيان تعاملاً معيناً.
ويقول: “في ما يتعلق بالمخاوف من سعي الجبهة الشامية أو لواء السلطان مراد نحو السيطرة على بقية الفصائل أو الاستحواذ عليها بالقوة، فليس هناك أي نية أو توجه أو تفكير من هذا النوع، لكن السعي إلى التوحد والاندماج يبقى مشروعاً طالما الهدف منه هو تطوير عمل وأداء قوى الجيش الوطني وإدارة المناطق التي يسيطر عليها”.