معادلة جديدة: صواريخ الجنوب على إسرائيل بأوامر من طهران؟
تصدّر خبر إطلاق صاروخين من لبنان باتجاه شمال إسرائيل يوم الثلاثاء 20 تموز، واعتراض منظومة “القبة الحديدية” أحد الصاروخين وسقوط الثاني في منطقة مفتوحة داخل إسرائيل، اهتمام الإعلام الإسرائيلي، لما له من تداعياتٍ على الجبهة الداخلية. تلا ذلك توجيه تصريحات نارية من قبل رئيس الوزراء الإسرائيلي، نفتالي بينيت، ووزير دفاعه بيني غانتس، تهدد الدولة اللبنانية. ليبقى السؤال الأهم عن الرسائل الموجهة من عمليات إطلاق الصواريخ المتكررة من لبنان، وما إذا كانت بأوامر مباشرة من طهران.
أصابع الاتهام موجهة لحزب الله وإيران
تثير هذه الهجمات التي أعلن الجيش الإسرائيلي عن قصف مدفعيته جنوب لبنان رداً عليها، وفق صحيفة “جيرواليم بوست”، تساؤلات حول ما إذا كان إطلاق الصواريخ من لبنان سيزداد في الوقت الحاضر ويصبح معياراً مقبولاً. خصوصاً أن ما حدث ليس بجديد، فقد تم إطلاق أربعة صواريخ في 19 أيار المنصرم، “مصدرها الجارة الشمالية لإسرائيل خلال حرب غزة الأخيرة”.
ووجدت الصحيفة بعدم صدور التوجيهات الخاصة لقيادة الجبهة الداخلية، بكونه تقييماً يتوقع عدم إطلاق وابل جديد من الصواريخ قريباً، وأن ما جرى لم يكن جزءاً من هجوم كبير، وقد لا يتبعه المزيد من الخطوات الانتقامية من الجانب الإسرائيلي حتى لا تزيد التوترات. بَيد أن هذا لا يلغي فرضية أن تشهد الدولة العبرية المزيد من إطلاق صواريخ مصدرها لبنان في الأشهر والسنوات المقبلة، تُنسب إلى الجماعات الفلسطينية من أجل منح حزب الله وإيران إمكانية الإنكار المعقول.
حقيقة جديدة
جاء إطلاق الصاروخين بعد ساعات من إعلان وسائل إعلام النظام السوري عن غارات جوية إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية للنظام السوري والحرس الثوري الإيراني، في مدينة السفيرة في ريف حلب الجنوبي الشرقي. لكن هل هذا يعني أن إطلاق الصواريخ من لبنان كان رداً على هذه الغارات الجوية بالتحديد؟
في هذا الإطار، وسعياً للاستيضاح عن خلفية إطلاق الصواريخ المتكرر من لبنان، نقلت “جيرواليم بوست” عن المقدم (المتقاعدة) ساريت زهافي، المديرة التنفيذية ومؤسِسة مركز “ألما” لتحليل التحديات الأمنية التي تواجه إسرائيل على حدودها الشمالية، قولها إن إطلاق الصواريخ فجر الثلاثاء ليس سببه الوضع في لبنان المنهار اقتصادياً، بل هي تعزوه إلى التحالف الذي يجمع حماس وإيران وحزب الله في أعقاب حرب غزة الأخيرة.
ونوّهت زهافي في حديثها مع الصحيفة، أنه خلال عملية “حارس الجدران” في أيار المنصرم، قالتها جماعات في المنطقة مرتبطة بإيران وتعمل تحت غطاء ما يُسمى “محور المقاومة”، بصريح العبارة، أنها ستشارك في القتال ضد إسرائيل على أساس الوضع في القدس. وتشمل هذه الأطراف حماس وحزب الله والحوثيين والميليشيات في سوريا والعراق.
وتعقيباً على لقاء أمين عام حزب الله حسن نصر الله بزعيم حماس في أواخر حزيران المنصرم، قالت زهافي إن اجتماع الرمزيّن يشير إلى وجهة نظرهما في المنطقة وقرارهما بمواجهة إسرائيل. مضيفةً “هذا يعني أن إطلاق الصواريخ من لبنان قد يكون حقيقة جديدة”.
أوامر طهران!
وتوضح عملية إطلاق الصاروخين الأخيرة، حسب الصحيفة الإسرائيلية، أنه في حين تم ردع حزب الله عن القيام بأي هجمات منذ عام 2006، فإن الفصائل الفلسطينية في لبنان التي تعمل الآن مع حزب الله ليست مقيدة بهذه المعادلة.
من هنا، تقول زهافي “نرى أن الإيرانيين يفون بوعودهم فيما يتعلق بما حدث في الحرم القدسي يوم الأحد الفائت”. في إشارةٍ إلى تجدد الانتهاكات في المسجد الأقصى من قبل متطرفين إسرائيليين قبيل عيد الأضحى وإحياء ذكرى “خراب الهيكل، تيشـْعاه بئاڤ” ( يوم صيام وحداد عند اليهود على تدمير هيكل سليمان على يد البابليين).
وخلصت الصحيفة إلى أن تل أبيب ربما ستشهد في الأشهر والسنوات المقبلة المزيد من إطلاق الصواريخ من لبنان المنسوبة إلى الجماعات الفلسطينية. وهذا يعطي حزب الله وإيران إمكانية إنكار معقولة، لأنهما يستطيعان التظاهر بأن الأمر مجرد “رد فعل” فلسطيني. لكن الحقيقة تبقى في مكانٍ أخر، ومفادها أن أحداً لا يطلق الصواريخ من لبنان من دون موافقة حزب الله. وفي السياق الأوسع، قد يعني هذا أن الموافقة أو الأوامر جاءت مباشرةً من طهران.
تهديد ووعيد
يُشار أن رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، عاد وحمّل -بعد إطلاق الصاروخين- إيران مسؤولية الانهيار اللبناني، متوعداً من يحاول الاعتداء على إسرائيل بأنه سيدفع ثمناً باهظاً.
وأكد على أن “لبنان على حافة الانهيار، مثله مثل كل دولة تتموضع فيها إيران. لقد أُخِذَ مواطنوه رهائن بيد المرشد الإيراني علي خامنئي وأمين عام حزب الله حسن نصر الله في خدمة المصالح الإيرانية”.
بدوره، حمّل وزير الدفاع الإسرائيلي، بيني غانتس، الدولة اللبنانية المسؤولية عن إطلاق الصواريخ على الأراضي الإسرائيلية، باعتبار أنها “تسمح للإرهابيين بالعمل داخل أراضيها”، وفق قوله.
في حين دعا ستيفين إيمرسون، مدير مشروع “التحقيق حول الإرهاب”، في مقالةٍ نشرها موقع “ألغماينر” اليهودي النيويوركي، الحكومات الغربية إلى الاستعداد بجدية لسيناريو يقوم بموجبه حزب الله المدعوم من إيران بتعزيز سيطرته على دولة متاخمة لإسرائيل. معتبراً أن استمرار انحدار لبنان نحو الانهيار المحتمل والشامل للدولة، يمكن أن يغير حوافز الحزب ويجعل قيادته راغبة في الاستحواذ على المزيد من القوة.