مصالحة منصور هادي والدوحة… المصيدة السعودية لقطر
الوقت- في الوقت الذي شكَّل فيه تقدم الجيش اليمني واللجان الشعبية في محافظة مأرب، تحديًا واسع النطاق للحكومة المستقيلة والهاربة لمنصور هادي في التطورات السياسية والعسكرية الجارية في اليمن، أرسل الأخير وزير خارجيته “أحمد عوض بن مبارك” إلى الدوحة أمس، في خطوة تبعث علی التفکير.
وعلى الرغم من الإعلان بأن جدول أعمال هذه الزيارة يتضمن دفع المصالحة العربية إلی الأمام واستئناف العلاقات بين عدن والدوحة، كهدف من مشاورات وزير الخارجية اليمني مع المسؤولين القطريين، ولكن من المؤكد أن هدفها الرئيس هو مساعدة الدوحة في إنقاذ مأرب، وبالتالي حكومة التحالف المدعومة من السعودية في اليمن.
التحالف مع التيار الإخواني للحفاظ علی مأرب
لا شك أن مصير محافظة مأرب، آخر معقل لقوات منصور هادي في شمال اليمن ، أصبح الآن حيويًا للحكومة المستقيلة، والسعودية بالنظر إلی تغيير المعادلات السياسية والعسكرية للحرب لمصلحة أنصار الله بعد السيطرة علی مأرب، تفعل کل ما تستطيع لحفظ هذه المحافظة. لکن مأرب كانت تقليديًا مركز نشاط الإخوان المسلمين اليمنيين وحزب الإصلاح.
لكن جماعة الإخوان، بسبب الخوف على المستقبل بعد سقوط مأرب بيد صنعاء، واليأس من دعم الجنوبيين المدعومين من الإمارات، يعتبرون التسوية مع أنصار الإسلام أحد الخيارات للحفاظ على موطئ قدم لهم في التطورات السياسية؛ وجهة نظرٍ ستتعزز مع تشديد الحصار علی مأرب.
في غضون ذلك، يری منصور هادي(والسعودية في الحقيقة) أن نفوذ الدوحة هو الطريق الأقرب لجذب الرأي المؤيد لجماعة الإخوان المسلمين في حزب الإصلاح، لمواصلة تحالفها مع حكومة عدن.
وفي هذا السياق، وبعد أن کشفت قطر، أمس، لوسائل الإعلام عن زيارة وزير الخارجية السعودي إلى الدوحة وإعطاء رسالة الملك سلمان إلى الشيخ تميم، أدانت هجمات حرکة أنصار الله على منشآت أرامكو النفطية.
وعلی الرغم من التشکيك في قدرة قطر علی لعب دور فعال في منع انهيار التحالف الجنوبي، ولكن من وجهة نظر السعوديين، يمكن أن يكون لتحسين العلاقات بين عدن والدوحة تأثير على ما تصفه بقطع دعم قطر المالي والدعائي وحتى اللوجستي لأنصار الله.
والواقع أن السعوديين يعتقدون أن الدوحة بعد خروجها من تحالف العدوان علی اليمن عام 2017، قد لعبت دورًا في فشل العملية العسكرية السعودية في اليمن بمساعدة أنصار الله.
من ناحية أخرى، تأمل السعودية في الاستفادة من الأجواء المتناوبة للعلاقات مع تركيا وقطر، لتحسين وضعها الصعب في اليمن.
وإضافة إلى أن تركيا كانت مورِّد جزء من وحدة الطائرات المسيرة التابعة للجيش السعودي في السنوات الأخيرة، أفادت بعض وسائل الإعلام اليوم في تقارير غير مؤكدة عن دخول تركيا المنطقة، كزعيمة للإخوان لتقديم الدعم العسكري للتحالف السعودي في الحرب اليمنية.
تدرك السعودية جيدًا حقيقة أن انتقال الخصومات الإقليمية مع جماعة الإخوان المسلمين إلی اليمن ليس في مصلحة الرياض، بل يساعد الإماراتيين على المضي قدمًا في خططهم في اليمن.
في غضون ذلك، يتمثل الجانب الآخر من نظرة السعودية في تعزيز دور الوساطة الذي تلعبه الدوحة في المعادلات اليمنية.
المصيدة السعودية لقطر
في الماضي تعاملت قطر مع القضية اليمنية بشكل مختلف عن الدول الأعضاء الأخرى في مجلس التعاون، وكانت أحيانًا وسيطًا بين حكومة منصور هادي وأنصار الله.
وكان الملف اليمني من أهم الاعتبارات التي دفعت قطر إلى الانسحاب من التحالف السعودي في حرب اليمن منتصف عام 2017. في ذلك الوقت، برَّر التحالف الذي تقوده السعودية قراره بناءً على مزاعم تتحدث عن دعم قطر للمنظمات الإرهابية في اليمن والعلاقات مع أنصار الله.
ومع ذلك، فإن الانسحاب من التحالف، تماشياً مع صعود مكانة قطر الإقليمية في فترة ما بعد الحظر، زاد أيضاً من دور الدوحة في التطورات اليمنية، وكان هذا بسبب تكوين علاقات أفضل بين صنعاء والدوحة بالقياس إلی الدول الأعضاء الأخرى في مجلس التعاون، وکذلك دعم قطر المنفصل لجماعة الإخوان اليمنيين.
والآن، في فترة ما بعد المصالحة، التي أعلنت فيها قطر مرارًا استعدادها للعب دور الوسيط بين إيران والسعودية بشأن الأزمة اليمنية، يسعى السعوديون لاستغلال هذه الفرصة لتقليص نفوذ قطر في اليمن وإبعاد ما يصفونه بتحركات الدوحة ضد تقدم العمليات العسكرية.
في الواقع، إن تحرك السعودية لإرسال وزير خارجية حكومة منصور هادي المستقيلة إلى الدوحة، يهدف بلا شك لضرب العلاقات بين الدوحة وصنعاء، وليس القبول بدور الوساطة القطري.