الحدث

ماذا يعني كلام قائد الجيش “أن الأمور آيلة إلى التصعيد”؟


اندريه قصاص -لبنان24

في الوقت الذي كنا نسمع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يطمئن اللبنانيين “المحروق سلاّفهم” الى القدرة على الخروج من الأزمة، وأنه سيبذل كل الجهود من أجل تحقيق ذلك، كان قائد الجيش العماد جوزاف عون يحذر، خلال جولة له على المراكز العسكرية في البقاع، من مخاطر المرحلة المقبلة ومن الإنهيار، ويدعو العسكريين إلى الصمو،. ويشدّد على أن الأمن خط أحمر، وأن الجيش لن يسمح بالعبث بأمن منطقة بعلبك ولا بأي منطقة أخرى مهما كانت الأثمان والتضحيات.
وتطرّق العماد عون إلى الأوضاع الراهنة قائلاً: “يبدو أن الوضع يزداد سوءاً، والأمور آيلة إلى التصعيد لأننا أمام مصير سياسي واجتماعي مأزوم. مسؤوليتنا كبيرة في هذه المرحلة، ومطلوب منّا المحافظة على أمن الوطن واستقراره ومنع حصول الفوضى”. وأضاف: “في ظل تردي الوضع الاقتصادي تزداد معاناة الشعب اللبناني على مختلف الصعد، وتزداد معاناة العسكريين أيضاً. تنتظرنا تحديات كثيرة قد تتطلّب منّا جهوداً استثنائية في كيفية التعامل معها. أعلم حجم المهمات الملقاة على عاتقكم في هذه الظروف الصعبة والدقيقة، في وقت تعيشون هاجس توفير أدنى مقوّمات الحياة الكريمة لعائلاتكم بسبب تدنّي قيمة رواتبكم. نتابع أوضاعكم عن قرب، ونسعى بكل جهودنا عبر التواصل مع الدول الصديقة والشقيقة، إلى طلب المساعدات وتوفيرها لكم. يتهموننا بالتسوّل. لأجلكم ولأجل عائلاتكم سنفعل المستحيل. لا وطن من دون جيش ولا استقرار أو أمن من دون وجودكم وتضحياتكم. لي ملء الثقة بأنكم، ورغم هذه المعاناة، ستستمرون بأداء واجبكم على أكمل وجه، لأنكم أنتم أمل الشعب وأنتم استقرار لبنان. بفضلكم ينعم أهلنا بالأمان. شعبنا يثق بنا وكذلك المجتمع الدولي. الجميع يعلم أن المؤسسة العسكرية هي الوحيدة التي لا تزال فاعلة. الجيش هو الرادع للفوضى. أعلم أنكم لن تسمحوا لأيٍ كان باستباحة أرضنا، ولن تسمحوا لهذه الظروف أن تفقدكم انتماءكم لوطنكم وهويتكم وأرضكم”.

كلام قائد الجيش جاء بعدما إنتهت “سكرة” اعتذار الرئيس المكلف سعد الحريري لتبدأ “فكرة” البحث عن حكومة جديدة وعن رئيس لها، بعدما بات واضحًا أن هذه الدعوة لن تتمّ قبل إنتهاء فترة عطلة عيد الأضحى المبارك، وبعد أن يكون قد إستقرّ الرأي عند هوية “الفدائي”، الذي سيقبل بهذه المهمة المفخخة، وأن يسلك حقلًا مزروعًا بالاشواك.
ولأن المفلس يبدأ بالتفتيش في دفاتر جدّه القديمة علّه يجد فلسًا واحدًا، فؤجئنا بالأمس بأخبار تقول أن دوائر القصر الجمهوري تحاول جسّ نبض بعض المرشحين المحتملين لتولي هذه المهمة، يكون مستوى الـ “ايغو” لديه مرتفعا بعض الشيء، على غرار “نرجسية” الرئيس حسان دياب، قبل أن تعود “حليمة” إلى نغمتها القديمة عبر إجراء إستشارات ربما تكون صورية بعد أن تكون “الطبخة” قد أعدّت في مطابخ من في يدهم مفاتيح “الحلّ والربط”.
وفي رأي أكثر من مصدر مطلع فإن هذه الدعوة لن تتم قبل ضمان التركيبة الحكومية سلفًا بالتوافق المسبق مع الشخصية التي ستقبل خوض غمار مغامرة هذه التجربة غير الدستورية، والتي تُعتبر سابقة لا مثيل لها في تاريخ تشكيل الحكومات.
وفيما يتلهى المسؤولون الذين أطلقنا عليهم تسمية “مسؤولين صوريين” بإمور أقل ما يُقال فيها إنها سطحية ولا تتناسب مع خطورة المرحلة الراهنة ودقة الظروف الإستثنائية التي يعيشها الوطن والمواطن معًا، نرى العالم كله قلبه على لبنان ويمدّ يده إليه لمنعه من السقوط بينما الممسكون بالسلطة لا يزالون يمارسون لعبة تضييع الوقت والفرص.
وبعيدًا عن “لهيّات” أهل السلطة، لا بدّ من قراءة متأنية لما بين سطور كلام قائد الجيش الذي حذّر من “أن الوضع يزداد سوءاً، والأمور آيلة إلى التصعيد لأننا أمام مصير سياسي واجتماعي مأزوم”، وماذا يعني هذا الكلام المترافق مع مؤشرات خطيرة تجري على الأرض، وقد يكون ما حصل في جبل محسن عيّنة عمّا يحضّر له البعض لإدخال البلاد في فتنة داخلية لها أول وليس لها آخر، على رغم أن المواقف الدولية تشير إلى قرار بمنع لبنان من السقوط ، على أساس أن يبقى الجيش متماسكاً وضابطاً للوحدة ومانعاً للإنهيار الشامل وخارج إطار المتهمين بالتسبب بالأزمة، وكل ذلك لتقطيع هذه المرحلة في ظل رهان على أن تجرى الإنتخابات النيابية في موعدها حتى تكون بداية لمرحلة التغيير الحقيقي وإعادة بناء المؤسسات وصولاً لانتخاب رئيس جديد للجمهورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى