الزخم السعوديّ.. أولى نتائجه اعتذار الحريريّ في لبنان
} روزانا رمّال-البناء
بدأت الخيارات الاستراتيجية وإعادة التموضعات تتوضح بالمنطقة بعد تسلّم الإدارة الاميركية الديمقراطية الجديدة برئاسة جو بايدن زمام الأمور إثر مرحلة من الستاتيكو والترقب غير المفهومين من خطة عمل الادارة الجديدة.
كل شيء بات مختلفاً، وكذلك ادارة الازمات في الشرق الأوسط ومعها خطة العمل الأميركية أما الأكثر تأثراً بهذا المتغير فهو المملكة العربية السعودية التي اضطرت الى اخذ خيارات جديدة لم تكن لتقدم عليها فيما لو بقي الحليف والصديق الجمهوري دونالد ترامب على رأس السلطة في البيت الأبيض.
إعادة تزخيم الساحات وبزوغ خلافات على «رأس السطح» كذلك الخلاف المستجد بين الإمارات العربية المتحدة والمملكة والتقارب الأخير مع سلطنة عمان والتقارب السعودي القطري وتحريك الأوراق في اليمن والعراق ولبنان رتب على السعودية خطوات منفردة بمعزل عن الحليف الأميركي الذي يتعاطى حتى هذه اللحظة، وبحسب «معهد واشنطن» ضمن إطار الندية والتراتبية. فالعلاقة بين ابن سلمان وواشنطن لم ترتق لمستوى التعاون المباشر مع جو بايدن انما مع وزير الدفاع «لويد اوستن»، وبالتالي فإن الحركة السعودية تأتي ضمن الهامش الاستراتيجي ضمن هذا الحلف القابل للعمل ضمن ما يعتبر الحفاظ على الأمن الحيوي للمملكة في بعض الملفات.
لبنانياً، وبعد أسئلة وأجوبة حول موقف السعودية من المشهد وغياب واضح عن إشاعة الاهتمام «العلني» بالساحة وتفاصيل الحركة برزت حركة استثنائية للسفير السعودي في لبنان وليد البخاري بين ما هو اهتمام ثقافيّ تاريخيّ لم يخلُ من الرسائل السياسية كرعاية حفل يحاكي العلاقة التاريخيّة بين بكركي والمملكة والاقتصادي وتفعيل العلاقة مع الأحزاب كتخصيص القوات اللبنانية بالإعلان عن نية سعودية للمساعدة الاقتصادية للبنان عبر صناعة الأمل من بوابة معراب..
مصادر متابعة للحركة السعودية تتحدث لـ «البناء» عن اسباب عودة الاهتمام السعودي في الساحة اللبنانية، معتبرة أن جزءاً من هذا التقدم السريع هو بزوغ اهتمام قطري بالمشهد المحلي بعد أكثر من زيارة قام بها وزير خارجيتها، الأمر الذي قد ينسجم مع الحضور الأميركي للادارة الجديدة في المنطقة والتي يعتبرها القطريون أقرب اليهم من السابقة مع احتمالية لعب الدوحة دوراً وسيطاً مباشراً مع إيران يفضي الى تسوية في الساحة اللبنانية.
الأمر الثاني يتابع المصدر «الاهتمام السعودي في لبنان يأتي بخلفية الاهتمام بإعادة العلاقة مع سورية، فالعلاقة تتقدّم بين البلدين منذ الأشهر الماضية وكل شيء بات جاهزاً للعودة الرسميّة، فيما لو بدأ الأميركيون الخطوة بهذا الاتجاه بشكل واضح مع أن الطريق لا تزال غير معبدة حتى هذه اللحظة بسبب عودة التوترات العسكرية الحدودية».
وعلى هذا الأساس يمكن الالتفات الى الحوارات السعودية الإيرانية التي رعتها العراق، وهي خطوة متقدمة من الرياض تحاكي المتغيرات حيال التقارب من طهران بعد قطيعة سنوات على الرغم من بقاء الملفات الخلافيّة الأكثر عمقاً واستراتيجية إلا ان الخطوة تشير الى تطورات صارت أقوى حضوراً على مجمل الملفات.
وبالعودة للحريري الذي فشلت محاولاته بالتوصل الى نقطة عبور تمكنه البقاء رئيساً حتى الانتخابات النيابية المقبلة لم يستطع تخطي العقبة السعودية الأساسية حياله والرسائل الدبلوماسية التي أرختها حركة السفراء الأخيرة بين بيروت والرياض عبر زيارة السفيرتين الفرنسية والأميركية للرياض ولقائهما وزير خارجية السعودية فيصل بن فرحان أكدت عدم القدرة على إحداث خرق سياسي بهذا الاتجاه اطلع عليه المعنيون في لبنان الأمر الذي ترجمته بشكل صارخ حركة السفير السعودي في بيروت وإعلانه القوات اللبنانية حليفاً أول في الساحة اللبنانية بدلاً من تيار المستقبل الذي لا يزال على رأسه الحريري، مع العلم ان علاقة السعودية مع بعض صقور المستقبل كالرئيس السابق فؤاد السنيورة وغيره لا تزال عميقة.
كل الإشارات تؤكد ان الحركة السعودية محلياً ستكون سريعة النتائج وقد برز أولها اعتذار للرئيس المكلف سعد الحريري بعد أن لمس تعطيلاً كاملاً لتشكيلاته، وذلك عبر فرض الرياض شروطاً تعتبر «تعجيزية» في التوازنات اللبنانية على الحريري عبر قنوات دبلوماسية وأمنية بعد ان كان مطلوباً منه كنوع من «الإحراج فالإخراج» السيطرة قدر الممكن على الحكومة بدون استحواذ حزب الله وفريق حلفه عليها بعد خطيئة الحريري الكبرى حسب التصنيف السعودي بالتسوية الرئاسية التي أفضت الى انتخاب عون وقانون انتخاب خسرت معه المملكة أكثرية حليفة لصالح اكثرية عرفت بأكثرية «قاسم سليماني « في أكثر الأوقات تعقيداً.
الحركة السعودية التي تسبق الانتخابات النيابية واضحة المعالم ويبدو الدخول في السنة الانتخابية واعداً بالمزيد من الدخول والخروج لدول واهتمامات ونفوذ وعلى هذا الأساس صار بديهياً أن مسألة الاتفاق على اسم لرئاسة الحكومة ومن ضمن المبادرة الفرنسية صار ملزماً بخط مرور عربي – فرنسي ضمن المظلة الأميركيّة الواقعة اليوم بدورها ضمن الاستحقاق الأبرز في المنطقة وهو معرفة مصير العودة الى التفاهم النووي بين الأميركيين والايرانيين.
أولى نتائج الحركة السعوديّة اعتذار الحريري بعد تلقيه رسائلها بشكل أدق الأمر الذي جعل من تشكيلته الأخيرة مخرجاً كان يعرف الحريري سلفاً استحالة مرورها عند رئيس الجمهورية وفريقه الذين يعتبرونها تسليماً للحكومة والبلاد ومعها مصير انتخابات نيابية تفضي لانتخابات رئاسيّة في مرحلة دقيقة هي الأخطر من عمر لبنان.