أحداث طرابلس وظهور سلاح بوجه الجيش عيّنة من الفوضى المقبلة مع الانهيار/ مجلس النواب يقرّ البطاقة التمويليّة بـ556 مليون.. وبرّي : 900 من صندوق النقد/ المحروقات وسعر الصرف حلقة مُفرَغة والحلّ بمصفاة تكرير وعقود نفطيّة آجلة /
كتب المحرر السياسيّ-البناء
فيما أقرّ مجلس النواب البطاقة التمويليّة التي ستضمن لكل عائلة من الـ 750 ألف أسرة المستهدفة بمعدل وسطي 93 دولاراً تدفع نقداً بالدولار لكل عائلة مستفيدة شهرياً، عبر البطاقة، قالت مصادر مالية إن إقرار البطاقة خطوة هامة وأساسيّة في خلق مناعة لدى العائلات الأقلّ قدرة مالياً وتمكينها من مواجهة الأعباء المتعاظمة للأزمة التي تزداد مؤشراتها التصاعديّة بالظهور والنمو، لكن البطاقة قد تتحوّل الى فشل ذريع في حالتين، الأولى أن ترافق عملية تنظيم لوائح المستفيدين منها عقلية المحسوبيات والتنفيعات، داعية للاستفادة من التجربة الناجحة لوزارة الصحة في منصة تلقي اللقاح ضد كورونا، وابتعادها عن أي شكل من أشكال التدخل والرشى، والحالة الثانية للفشل هي أن تتواصل اللعبة الجهنميّة لسعر الصرف وفقدان المحروقات وارتفاع أسعارها، فتطيح بكل ما تقدمه البطاقة التمويلية، حيث لا يمكن تخيّل الوضع عندما يبلغ سعر صرف الدولار 50 الف ليرة، وهو رقم واجب التخيّل، بعدما صار مجرد ثلاثة أضعاف السعر الحالي، بينما السعر الحالي هو أكثر من عشرة أضعاف السعر الذي كان معمولاً به قبل سنتين، وفي حال حدوث ذلك يجب توقع سعر صفيحة البنزين او المازوت بسعر 250 الف ليرة، ما يعني استحالة أن تتوافر كهرباء المولدات وأن تستقيم النقليات، وأن لا تتعرّض كل أسعار السلع لارتفاع جنوني وفقدان شامل، خاصة عندما يقفز الدولار دون الثبات على سعر يتم التسعير على أساسه، وحينها سنشهد الفوضى تعم البلاد، ويفقد الأمن في كثير من المناطق، وتنتشر الجريمة وتظهر بؤر الإرهاب.
وتعتقد المصادر المالية أن ثنائية المحروقات وسعر الصرف هي مكمن الخطر، فارتفاع سعر الصرف يكفي لمنع أي سيطرة على سوق المحروقات وتنظيمه، وهو السوق الأشد حيوية في كل عمليات تسعير السلع والخدمات. وفاتورة المحروقات هي أهم عامل في تكوين فاتورة الاستيراد التي لا يمكن الاستغناء عنها بالدولار، وبدون تأمين المحروقات عن طريق لا يستدعي الضغط على سوق الصرف كما هو حاصل الآن بصورة جزئيّة وسيحصل لاحقاً بصورة كلية، لا يمكن تخيل استقرار هذين السوقين اللذين يشكلان حلقة مفرغة، ومثلما يترابط هذان السوقان بنيوياً، يؤثر أحدهما بالآخر، فهما يترابطان عضوياً وبنيوياً مع صناعة الاستقرار، وانفلاتهما سيتكفل ما لم يتم كسر هذه الحلقة المفرغة، بدفع لبنان الى المجهول الصعب، وتنتهي الأمور بخروج الأمور عن السيطرة.
عن كيفيّة كسر الحلقة المفرغة، تقول المصادر المالية، إن تأمين المحروقات دون تمويل استيرادها بشراء الدولارات من السوق له ثلاثة طرق، الأول هو الطريق الذي تم اعتماده حتى الآن والذي يقارب على النهاية، رغم أن قدرة مصرف لبنان على تأمين حاجات الاستيراد من الدولارات كانت قابلة لتستمر لسنوات لو تم اعتماد بطاقة لكل سيارة تتيح تعبئة كمية محددة من المحروقات المدعومة، وترك الباقي في السوق بتسعير السوق المجاورة، ما يمنع التهريب، ويوفر كمية الدولارات المخصصة للدعم، لكن سنة ونصف تكفلت باستهلاك مليارات الدولارات دون طائل، وما عاد ينفع البحث بالأمر، أما الطريق الثاني فهو ما عرضه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله من خلال شراء المحروقات من إيران بالليرة اللبنانية عبر شركة تملك قدرة التخزين والتوزيع والتمويل، ومستعدّة لتحمل تبعات العقوبات الأميركية، وهذا ما قال السيد نصرالله إن ترتيباته اللوجستية والإدارية قد أنجزت، تاركاً للدولة فرصة البحث عن طريق ثالث، فتح له الباب بحديثه عن مصفاة لتكرير النفط تكفي السوق المحلية، وهذا ممكن كما يقول العرض الذي قدّمته الشركات الروسية بإقامة مصفاة في الزهراني لهذا الغرض بالتوازي مع مصفاة أخرى بقياس أكبر لتلبية الطلبات الدولية تقام في طرابلس، لكن المصفاة التي ستوفر فرصة تكرير النفط والحصول على حاجة لبنان من المشتقات، تحتاج لمن يؤمن النفط الخام اللازم لها، وهنا يمكن البحث عن هيئات نفطية وعن عقود طويلة الأجل، كمثال العقد مع العراق، وما يمكن أن يحصل عليه لبنان من دول الخليج، ويمكن الحصول عليه من إيران أيضاً إذا رفعت العقوبات في سياق العودة المرتقبة إلى الاتفاق النووي، طالما أن النفط الخام متاح بسهولة أكثر من المشتقات النفطية عالمياً.
وتختم المصادر أن ما جرى في طرابلس من ظهور للسلاح بوجه الجيش اللبناني، ومن مظاهر تبشر بالفوضى، ليس إلا عينة عما سيحدث في مناطق لبنانية عديدة ما لم تتم السيطرة على الحلقة المفرغة لسوق المحروقات وسوق سعر الصرف.
ونجح الرئيس برّي في عقد الجلسة التشريعيّة وتمرير عدد كبير من اقتراحات ومشاريع القوانين المدرجة على جدول الأعمال، وعلى رأسها مشروع البطاقة التمويلية، وذلك بأجواء سياسيّة هادئة لا سيما على جبهة التيار الوطني الحر من جهة وحركة أمل وتيار المستقبل من جهة ثانية باستثناء مشادة كلامية محدودة بين رئيس المجلس والنائب جبران باسيل الذي أشاد بعمل المجلس النيابي التشريعي في إقرار القوانين، كما دعا الرئيس المكلف سعد الحريري إلى حسم موقفه بتأليف الحكومة أو بالاعتذار.
وكانت الجلسة بدأت بانتخاب القاضي ميشال طرزي عضواً في المجلس الدستوري بديلاً عن القاضي المتوفى انطون بريدي.
وسجّل انسحاب نواب كتلة القوات اللبنانية من الجلسة اعتراضاً على الواقع النيابي والحكومي واعتبارها أن جدول أعمال الجلسة لا يلاقي هموم الناس لناحية الإسراع في تشكيل حكومة ووقف التهريب ومنع المسّ بالاحتياطي، كما قال النائب جورج عدوان.
في المقابل، أكد الرئيس بري رداً على عدوان بالقول: “أنا جاهز لعقد جلسة مناقشة، لكن البعض يتصرف وكأن البلد ليس طائفيّاً. جميعنا يعرف عيوبه ويتمسك بها، المجلس يقوم بواجباته التشريعية ويقرّ قوانين أكثر من ضرورية خاصة في موضوع مكافحة الفساد والبطاقة التمويليّة، فضلاً عن أهمية إنجاز القوانين باعتبار ان شاءالله يصبح لدينا حكومة بأي ثمن كان، فنكون قد هيأنا القوانين اللازمة للدعم الدولي”. كما اعتبر بري أن “المجلس النيابي ملزم بمناقشة مشروع البطاقة التمويلية وإقراره، لقد اطلعنا على كتاب دولة رئيس مجلس الوزراء ونية الحكومة وعزمها اتخاذ الإجراءات وفق صلاحياتها وتقديمها، اما كيفية توزيع الأعباء وتمويل البطاقة وآلياتها وكيفية التسديد فستبقى على عاتق الحكومة وليس على عاتق المجلس النيابي وفقاً للأصول”.
وبرز موقف لباسيل خلال الجلسة اتهم أجهزة أمنية ونواباً وسياسيين بالانخراط في شبكات وعمليات التهريب عبر الحدود.
وصوّت المجلس على مشروع البطاقة التمويلية مادة مادة. وأقر المشروع مع فتح اعتماد بقيمة 556 مليون دولار. وأفيد أن العائلات التي تستفيد من برامج أخرى لن تستفيد من البطاقه التمويليّة، وقد ترك المجلس للجنة الوزارية التي ستكلف التنفيذ تحديد سقف حسابات مَن سيستفيد من البطاقة التمويلية.
كما أقرّ اقتراح قانون الشراء العام، قبل أن يرفع الرئيس بري الجلسة الصباحيّة الى السادسة مساء.
وعكست المشادة الكلاميّة استمرار الخلاف والقطيعة بين بري وباسيل، فأثناء كلام الأخير حاول بري إعطاء الكلام لغيره، فقال له باسيل: “شو باك مش متحمّلني”؟، فأجابه رئيس المجلس: “هلقد كتير تحمّلتك”. وقال باسيل رداً على ما قاله بري في الجلسة، للصحافيين: “بعد بدّو يتحمّلنا كتير، جيلنا تحمّلهم كتير قبل وهلّق هن عليهم يتحمّلونا كتير لقدّام، نحنا تحمّلناهم لورا وهن بدّهم يتحمّلونا لقدّام هيدي طبيعة الحياة، بدّنا نتحمّل بعضنا”.
ثم استأنف مجلس النواب جلسته العامة المسائيّة، وأقرّ سلسلة قوانين أهمها إخضاع كل المستفيدين من دعم الحكومة للدولار الأميركي أو ما يوازيه بالعملات الأجنبيّة للتدقيق الجنائي الخارجيّ، وإضافة فقرة إلى المادة السادسة من قانون حماية المناطق المتضرّرة بنتيجة الانفجار في مرفأ بيروت ودعم إعمارها، إلزام شركات الضمان العاملة في لبنان تسديد جزء من Fresh Money الأموال الناتجة عن كافة عقود الضمان كأموال جديدة. تأخير تسريح العقداء في الجيش وفي القوى الأمنية كافة، الذين صدرت مراسيم بوضعهم على جدول الترقية اعتباراً من تاريخ 1/1/2020 أو الذين قُيّدت أسماؤهم لدى قيادة الجيش اللبناني في الفترة نفسها، وذلك لحين بلوغهم سن الثامنة والخمسين. كما رد اقتراح قانون منح العسكريين بدل غلاء معيشة لاعتبار انهم مشمولون بقانون البطاقة التمويلية.
في غضون ذلك، غرقت البلاد في الأزمات لا سيما أزمة المحروقات التي انعكست سلباً على مختلف مفاصل الدولة وحياة المواطنين، حيث بدت الشوارع أشبه بحالة حرب ومجاعة وسط تخبط في معالجة أزمة المحروقات واستمرار طوابير السيارات أمام المحطات التي أقفل معظمها وبقي 15 في المئة منها تعمل بحسب ما كشف ممثل موزّعي المحروقات في لبنان فادي ابو شقرا، متهماً وزارة الطاقة والشركات المستوردة بالتقصير والتأخير في معالجة الأزمة.
وأعلن المكتب الإعلامي لوزير الطاقة في بيان أنه “ستتم الاستعانة بالكميات المخصصة للجيش اللبناني على سبيل الإعارة، ريثما يتمّ تأكيد فتح الاعتمادات لبواخر المازوت وتفريغها في المنشآت في طرابلس والزهراني، وعليه، ستفتح اليوم منشآت طرابلس لتوزيع مليوني ونصف مليون ليتر من المازوت، ويوم الجمعة ستفتح منشآت الزهراني لتوزيع مليوني ونصف مليون ليتر من المازوت من الكميات المخصصة للجيش”.
وعلمت “البناء” أن “بعض الشركات وعدداً كبيراً من المحطات تخزن كميات كبيرة من المحروقات في المستودعات بانتظار الإعلان عن تسعيرة جديدة، وذلك كي تبيع هذا المخزون على السعر الجديد أي 3900 بهدف تحقيق المزيد من الأرباح”. وتساءلت جهات نيابية ومالية: أين الأجهزة الأمنية لكي تضبط هذه المخالفات؟ ولماذا لم تنفذ مقررات المجلس الاعلى للدفاع الذي جمع مختلف أركان الدولة من رؤساء ووزراء وقادة أجهزة أمنية وقضاة واقتصاديين؟ كما تساءلت: لماذا لا يُصار الى معالجة أزمة الكهرباء لتخفيف الضغط عن المولدات الخاصة وبالتالي الحد من أزمة المازوت؟
وحذرت نقابة أصحاب المستشفيات من كارثة صحيّة مع عدم قدرة المستشفيات على تأمين التيار الكهربائي.
واستغلّ عدد من أصحاب المولدات الخاصة أزمة المحروقات والتسعيرة الجديدة لتحقيق مزيد من الأرباح على حساب المواطنين، وتوعّد رئيس تجمع أصحاب المولدات الخاصة عبدو سعادة بأن “سعر الـ 5 أمبير سيتخطّى الـ 500 ألف ليرة”. ونفى رئيس اتحادات ونقابات قطاع النقل البري في لبنان بسام طليس رفع تعرفة النقل الى 8000 ليرة، مؤكداً استمرار تعرفة النقل على 4000 ليرة.
وفيما يتراوح سعر صرف الدولار في السوق السوداء ارتفاعاً وهبوطاً بين 17000 و17500 ل.ل، توقع مصدر نيابي ومالي لـ”البناء” أن “يسجل سعر الدولار ارتفاعًأ إضافياً قد يصل إلى 20 ألف ليرة خلال الأسبوع المقبل، وذلك بعد قرار رفع الدعم عن المحروقات”. وأوضح المصدر أن “سعر الصرف سيرتفع بشكلٍ متدرّج حتى يتعدّى العشرين ألف ليرة، بالتوازي مع رفع الدعم الجزئي”. ويتحدّث المصدر عن أسباب عدّة أهمها: “إنّ كلفة الاستيراد لتلبية حاجة السوق من الوقود والمواد والسلع الغذائية تصل إلى 7 مليارات دولار سنوياً، في حين كان مصرف لبنان يؤمن جزءاً كبيراً منها للشركات المستوردة. أما وقد توقف المصرف المركزي عن ذلك، فلجأت الشركات إلى السوق السوداء لتلبية حاجاتها، ما رفع الطلب على الدولار وبالتالي ارتفع سعره رغم أن الشركات لم تحصل على كامل احتياجاتها من العملة الخضراء بسبب شحّ الدولار فضلاً عن أن مصرف لبنان يلجأ أيضاً إلى السوق السوداء لشراء الدولار لتغطية اعتمادات شركات المحروقات وتأمين الفيول، وكذلك المصارف لدفع جزء من أموال المودعين في الأول من تموز المقبل”. وفي هذا السياق، جدّد مصرف لبنان أمس، في بيان تأكيد بدء المصارف تنفيذ التعميم بدفع جزء من الودائع للمودعين في الأول من تموز.
وتوقع المصدر أعلاه أن “يرتفع سعر الصرف أكثر في نهاية الصيف إلى 30 ألف ليرة، وذلك بعد رفع الدعم الكامل عن المحروقات والسلع الغذائية، والرفع الجزئي للدعم عن الأدوية وخدمات أخرى كالكهرباء والاتصالات، لا سيّما أن تسعيرة المحروقات الجديدة على 3900 للدولار بدلاً من 1500 لن تستمر طويلاً، بل سيصار إلى رفع الدعم عن المحروقات وفق تسعيرة جديدة على منصة صيرفة، أي 12000 ليرة وربما أكثر. وبالتالي سترتفع صفيحة البنزين ثلاثة أضعاف وكذلك المازوت ما يزيد الطلب على الدولار بشكل هائل”. كما توقع أن “تعجز الشركات عن الحصول على حاجاتها من الدولار ما سيدفعها إلى تقنين حجم استيرادها، الأمر الذي سيؤدي إلى نقصٍ كبير في العديد من المواد الأساسية التي يحتاجها المواطن بشكلٍ يومي”.
وفيما شهدت مناطق عدّة سلسلة تحركات شعبية وقطعاً للطرقات، شهدت طرابلس توتراً أمنياً خطيراً أعاد الى الأذهان مرحلة جولات قتال المحاور في المدينة وسيطرة تنظيمات ارهابية كداعش والنصرة أبان الحرب في سورية، ما يخفي بحسب مصادر “البناء” مخططاً امنياً مدبراً يجري تحضيره لتفجير المدينة ونقل الانفجار الى مناطق أخرى سبق وحذر منه أكثر من جهاز أمني رسمي، واستبق هذا الأمر المجلس الاعلى للدفاع في اجتماعه أمس الأول.
واللافت أن الاحتجاجات بدأت سلمية في الصباح اعتراضاً على الاوضاع المعيشية وما لبثت أن تحولت سريعاً الى انتشار مسلح لعشرات الأشخاص وهجمات عشوائية على الجيش اللبناني، وقد أظهرت فيديوات مصورة مجموعات مسلحة تقوم بالتهجم على الجيش بالرصاص والحجارة وتدعوه للمغادرة، ما دفع بالجيش الى إرسال تعزيزات من افواج المغاوير البحريّة التي نجحت بالسيطرة على الوضع واعادة الأمور إلى طبيعتها.
وتداول نشطاء تسجيلاً للنائب فيصل كرامي خلال اتصال لأحد الاشخاص حيث قال كرامي: “شو مفتعلة؟ الناس رح تنفجر وأنا واحد منن، بتنزل من بيتك لتروح محل بتلاقي الطريق مسكرة، بتروح على المكتب كهرباء ما في، بتروح على السوبرماركات بتلاقي البضاعة ولعانة ولو معك مصاري بجيبتك ما بتلاقي البضاعة، شو ناطرين من الناس؟”. أنا قاعد بطرابلس وعم تابع الموضوع وقدرت أمنت مازوت لمعظم المولدات، وانشالله الليلة بتكون طرابلس مضويّة، وعم نعمل جهدنا من هون ومن هون لنجيب مازوت لحين ما تفتح منشآت النفط”.
على الصعيد الحكومي، قد غابت الحركة الحكومية عن الواجهة، إلا من اتصالات متقطعة على خط حارة حريك – البياضة. وأشارت أوساط مطلعة على موقف حزب الله لـ”البناء” الى أن “حزب الله يعمل على تقريب وجهات النظر وتبريد الأجواء بين الوطني الحر والمستقبل والابتعاد عن استحقاقات الانتخابات النيابية والرئاسية”، مشيرة الى أنه “لا يمكن رمي المسؤولية على حزب الله الذي هو جزء من الفريق الفاعل في الدولة، لكنه ليس الوحيد، علماً انه لا يتهرب من المسؤولية، فيما المسؤولية الاساس تقع على اصحاب السياسات الاقتصادية والمالية النقدية والمصرفية طيلة ثلاثين سنة الماضية”. وذكرت الأوساط بأن “السيد حسن نصرالله أعلن في أكثر من خطاب استعداده لتحمل جزء من المسؤولية ودعا جميع القوى للتكاتف لإنقاذ البلد… فلماذا الإصرار على تحميل الحزب المسؤولية”؟ وأكدت بأن “ليس لدى حزب الله مبادرة جديدة غير مبادرة بري بل الحزب انطلق بجولة اتصالات مع التيار من النقطة التي انتهت اليها مشاورات رئيس المجلس وتحديداً عقدة الوزيرين المسيحيين وثقة التيار”.
ورجحت الأوساط اعتذار الحريري عن التأليف خلال شهرين واستثمار هذه الخطوة برفع شعبيته في الساحتين السنية والوطنية قبيل الانتخابات النيابية لإعادة تعويم نفسه، وبالتالي فالمتوقع في هذه الحالة “الذهاب الى تأليف حكومة انتخابات برئاسة شخصية يوافق عليها الحريري، لكن الأمر يحتاج الى غطاء اقليمي دولي، أو استمرار حكومة حسان دياب بتصريف الأعمال مع توسيع هامش صلاحياتها”. وأضافت الأوساط: “اذا كان قرار الأميركيين بدفع البلد الى الانهيار والانفجار، فهذا يعني عدم تأليف حكومة انتخابات أيضاً”. وتحدثت الاوساط عن “مقاربتين لدى الأميركيين للوضع اللبناني، الاولى: عدم دفع الامور للانهيار الكبير الذي سيؤدي الى تقويض مؤسسات الدولة لا سيما الجيش وقوى الأمن الداخلي، ما سيدفع البلد الى حضن حزب الله الأكثر قوة وتنظيماً، وبالتالي الأفضل ترميم الأمور بشكل متدرج والاحتواء المرن لحزب الله وحلفائه افضل من الاحتواء الصلب. المقاربة الثانية تولد قناعة أميركية بأن حزب الله لن يغيّر سلوكه والعهد لن يغير مواقفه، وعلينا ممارسة المزيد من الضغط فيما تبقى من شهور ولاية العهد، لدفعه للالتزام بالشروط السياسية والبنود المالية والاقتصادية لصندوق النقد الدولي”، ملاحظة أنه “من غير الواضح أية مقاربة ستطبق منهما، لكننا لانزال نترنح بين مرحلتين غياب الحل التام وعدم الوقوع في الفوضى الشاملة”.
وليلاً ترددت معلومات عن اتجاه لدى الحريري لتقديم اعتذاره فور عودته الى لبنان، نفت مصادر مستقبلية لـ”البناء” هذه المعلومات، مؤكدة أن خيار الاعتذار لم يتخذ بعد رغم أن كل الخيارات واردة، وأكدت بأن الحريري لا يزال خارج لبنان.
وأكد وكيل وزارة الخارجية الأميركية للشؤون السياسية ديفيد هيل في حديث تلفزيوني على وجوب “أن تتم الانتخابات في موعدها وأن تكون حرة ونزيهة، وعندها سنرى ما الذي سيتغير إن سمح للناس بالتعبير عن إرادتهم”.
وكان باسيل دعا في كلمة له بعد الجلسة النيابية في الاونيسكو، الحريري لأن يحسم أمره: “يؤلف او يعتذر، واذا لم يحسم امره واستمررنا في المماطلة، فعلى مجلس النواب أن يحسم أمره بأن يسترد القرار او ان يقوم بالتعديل الدستوري اللازم لوضع مهل، او يصبح من واجب المجلس الدستوري بعدما أصبحنا بهذه الإعاقة الوطنية الكاملة أن يحل نفسه أو يقصر ولايته”.