لقاء خلدة: جنبلاط بدأ «خطّ الرجعة»
أكثر من أيّ وقت آخر، ليس الزمن «زمن وليد جنبلاط». استشعر الرجل سقوط خياراته ورهاناته على مشاريع إقليمية، فسارع إلى العمل على تحييد الطائفة الدرزية، ووافق للمرة الأولى على إخضاع وضع مشيخة عقل طائفة الموحّدين الدروز للنقاش. ويبدو أن زعيم المختارة الذي يبحث عن «خطّ الرجعة»، بدأ تقديم التنازلات لتعبيد وجهته نحو دمشق
النقطة الأبرز في لقاء خلدة كانت موافقة جنبلاط على التوافق على الانتخابات المقبلة لمشيخة العقل، ذراعه الأشد صلابة منذ ثلاثين عاماً وقوته التنفيذية وعصبه الديني لناحية كونها المؤسسة الدينية الشرعية التي تعترف بها الدولة اللبنانية. وهو لم يكن مستعداً للنقاش حولها ويتفرّد بقرار مجلسها المذهبي (كل أعضائه اشتراكيون).
بحسب مصادر مطّلعة على أجواء اللقاء، فإنّ «التوافق في حال إتمامه سيوحّد مشيختَي العقل القائمتين اليوم، وسينسحب بعدها بسهولة على الانتخابات البلدية والاختيارية وكل ما له علاقة باستحقاقات تنقسم حولها الطائفة». كذلك أبدى جنبلاط إيجابية تجاه حديث أرسلان عن التعيينات في الإدارات العامة ومطالبته بموقع المدير العام لوزارة الصحة تحديداً، وكان ردّه على هذا الأمر جملة واحدة: «إذا طلع بإيدك ما بزعل»، كما بارك للمير برئيس الشرطة القضائية وموقع نيابة حاكم مصرف لبنان.
النقطة الثانية في اللقاء تمحورت حول الوضع الأمني في الجبل والاتفاق على تسليم كل المطلوبين من الطرفين في حادثتَي الشويفات وقبرشمون والركون للأحكام القضائية، علماً بأن أرسلان استبق الاجتماع بلقاء مع أهالي الشهداء، وعدهم فيه بعدم المساومة. أما النقطة الثالثة، فدارت حول وحدة الرأي الدرزي حيال القضية الفلسطينية، والتأكيد على «تمسك طائفة الموحدين الدروز بهويتها وانتمائها العربيين»، كما جاء في البيان الذي تلاه وهاب عقب الاجتماع.ء
«الانفتاح الجنبلاطي اليوم على أرسلان، حليف سوريا الرئيسي في الطائفة الدرزية في لبنان، لا يعني فتح الأبواب السورية أمام زعيم المختارة»، بحسب المصادر، إذ إن «طريق العودة الى دمشق طويلة جداً لأن الأذى الذي تسبّب به جنبلاط لسوريا كبير جدّاً ولا يبلسمه اجتماع، وهو يدرك ذلك جيداً». من هذا المنطلق «أتى على سيرة الرئيس السوري الراحل حافظ الأسد في الأشهر الماضية مرتين، بعد استشعاره الانعطافة العربية الكبيرة تجاه سوريا و«بأن لبنان سيكون جزءاً من الحوار السعودي السوري، فضلاً عن الإشارات والتحرّكات الإيجابية التي تقوم بها الرياض نحو دمشق بما من شأنه تخفيف التوتر».
كل الظروف والعوامل السياسية والاقتصادية التي تسير بعكس ما أراده جنبلاط، دفعته نحو التسوية والتوافق. ووفق اشتراكيين، فإن حركة «البيك» تعبير عن «رغبة بعقد السلام كرمى للمصلحة الوطنية العامة». الخشية مما بعد الانهيار عبّر عنها جنبلاط خلال لقائه ببعض المرجعيات الدينية، عندما قال إن الوضع ينحدر الى أسوأ مرحلة عاشها لبنان منذ الطائف. وهنا كان نقاش مفصّل حول مدى تأثير الأزمة الحالية على الجبل، وعرض من قبل أرسلان بالأرقام للواقع الدرزي في ظل الانهيار، تلته مداخلة من وهاب. واتفق الثلاثة على نجاح المؤسسات الخاصة في الأحزاب في مكافحة العوز وتلبية مطالب أبناء الجبل من خلال الأدوية المجانية المتوفرة في المستوصفات والعلاج الفوري في المستشفيات، وأهمها مستشفى عين وزين، والتكاليف المسدّدة لمصلحة المرضى من صندوق المستشفى… إضافة الى المساعدات الغذائية والمالية المستمرة. وخلص المجتمعون إلى أن أحوال الدروز أقل سوءاً من الآخرين، وتم التوافق على «رفض كل أشكال قطع الطرقات ومحاولات توتير الأمن في المنطقة وإثارة المشكلات، يليها رفع غطاء عن أيّ مخلّ بالأمن ودعم كامل للجيش».