الحدث

كرة النار الحكومية في الشارع

“ليبانون ديبايت” – فادي عيد

تختصر أوساط نيابية فاعلة، محاولة تحريك الشارع، بالمحاولة المستجدة لإعادة مسار التفاوض على تأليف الحكومة إلى السكة من جديد بعد الفشل الأخير، وذلك، من خلال الضغط بوسائل جديدة وعبر النقابات والإتحادات العمالية، والتي لا تخلو من التمثيل الحزبي، بهدف توجيه رسائل متعدّدة من وإلى المعنيين الأساسيين بعملية التأليف المتعثّرة. وعلى الرغم من أن هذه الأوساط، تعتبر أن كل المبادرات، والتي كان آخرها مبادرة رئيس مجلس النواب نبيه بري، قد جرت تنحيتها و”بفعل الأمر الواقع”، فهي تشير إلى أن الأولوية اليوم قد انتقلت من التأليف إلى التهدئة، بعد حرب البيانات والتراشق السياسي غير المسبوق، وصولاً إلى الإشتباك السياسي الخطير بين قصربعبدا وعين التينة في الساعات ال48 الماضية.

وهذا الواقع يعني، وفق الأوساط النيابية، أن مرحلة الحسم قد اقتربت على المستوى الحكومي رغم نعي المبادرات، ولكن من دون أن يعني ذلك بالضرورة أن يكون هذا الحسم إيجابياً، ويصبّ في مصلحة اللبنانيين لجهة استلحاق السقوط الكبير. وبالتالي، فإن كرة النار الحكومية انتقلت اليوم إلى الشارع، والذي تكرّس بالأمس مسرحاً لتبادل الرسائل بين الأطراف السياسية العاجزة عن التواصل والحوار، ولو بالحد الأدنى، ورغم كل الضغوط المحلية والخارجية.

وإذ تكشف أن المرحلة المقبلة ستشهد تطورات دراماتيكية، على أكثر من صعيد، لفتت إلى أن ما من اهتمام بالملف الحكومي، خصوصاً على مستوى التحركات الديبلوماسية، كما اعتبرت أن الإهتمام الدولي اللافت بالأزمة اللبنانية الحياتية وليس السياسية أو الحكومية، يدلّ بوضوح على أن العواصم الغربية والعربية المعنية بالوضع اللبناني، قد اختارت الدعم “الغذائي” للبنانيين بشكل مباشر، وليس دعم الدولة أو المسؤولين ومساعدتهم على التوافق في ما بينهم من أجل تأليف حكومة إنقاذ.

ووسط هذا المشهد القاتم، تتوقّع الأوساط النيابية نفسها، عودة للمرجعيات الدينية على خط الوساطات بعد انقطاع خطوط التواصل في الملف الحكومي، على أن يتولى هذا الأمر الكرسي الرسولي الذي يستعدّ لاستضافة لقاء لرؤساء الطوائف المسيحية في الفاتيكان في الأول من تموز المقبل، على أن تليه توصيات سيتم نقلها إلى رؤساء الطوائف اللبنانية كافة، من أجل التحرّك بفاعلية، ومن خلال جهد مشترك، من أجل التصويب على الأسباب التي تمنع إلى اليوم تأليف الحكومة، والعمل باتجاه كل الأطراف والمكوّنات السياسية والحزبية لتكوين مناخات ضاغطة تسمح بتشكيل حكومة إصلاحية، وفق ما يؤكد عليه الكرسي الرسولي كما المجتمع الدولي، الذي يحذّر من خطورة استمرار الواقع الحالي.

وإذا كان من المبكر الدخول في أية توقّعات لهذه المبادرة “الفاتيكانية”، كما وصفتها الأوساط النيابية نفسها، فإنه ليس من الحكمة، وفي ظل الظروف الراهنة، إستمرار التشنّج والتوتّر السياسي، لأن لا بديل عن ذلك سوى المزيد من الإنهيار، خصوصاً وأن ما من توجّهات خارجية، وبشكل خاص غربية، للتدخل على نطاق واسع من أجل تقديم الدعم للدولة، ومساعدة القوى السياسية على التواصل، في سياق مؤتمر دولي أو مبادرة على غرار المبادرة الفرنسية التي كان أطلقها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من بيروت منذ نحو عام من اليوم، وغداة انفجار مرفأ بيروت الكارثي، والذي لم تتمكن ارتداداته من تغيير المواقف والمعادلات السياسية، القائمة على الإعتبارات المصلحية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى