كيف يدعّي النظام السعودي أن الخصخصة تصب في مصلحة المواطن؟؟.. إليكم ابرز مخاطرها.
منذ مارس الماضي تتعالى اصوات السعوديين معبرة عن خوفهم مما يقوم به ابن سلمان من خصخصة القطاع العام في المملكة ما قد يعني عدم قدرتهم على الحصول على الخدمات الأساسية كالصحة والتعليم إذا لم يتوفر لديهم المال.
وفي المقابل يرحب آخرون بالقرار لأملهم في أن يحسن جودة الخدمات ويقضي على الفساد.
وعلى مواقع التواصل الاجتماعي انقسم السعوديون بين مؤيد للقرار مرحب به وبين رافض خائف من تبعاته على قدرة المواطنين على الحصول على الخدمات الأساسية إذا لم يتوفر معهم المال.
من المرحبين بالنظام الجديد من يرون فيه “الحل الأمثل” لمكافحة الفساد وإهدار المال، ويعتقدون إنه لن يجعل مكانا “للكسالى” وغير المنتجين في قطاعات الخدمات، إذ أن بعض السعوديين يدعمون القرار لإيمانهم بـ “سداد الرؤية الاقتصادية للقيادة السعودية”.
وهناك من يأمل في أن تمكين القطاع الخاص من مجالات الخدمات سيعني بالضرورة خدمة أفضل للمواطن باعتبار أن تخصيص هذه القطاعات يجعل التنافس قويا بين مقدمي الخدمات للفوز بالاستثمار، بالإضافة إلى توفير فرص عمل.
أما الجانب الآخر من الصورة، فسعوديون ومقيمون يخشون تداعيات خصخصة قطاعات الخدمات الأساسية على قدرتهم في الحصول عليها، ومنها بالأخص الخدمات الصحية والتعليمية، ما يعني بالنسبة للطبقات ذات القدرة المحدودة مزيدا من الضغط، حتى أن البعض اعتبرها خطوة أخرى نحو تفقير المواطنين والقضاء على الطبقة المتوسطة منهم.
وفي هذا السياق، رصد “الواقع السعودي” وفقاً لحساب صوت المواطن الشهير بتويتر أبرز مخاطر الخصخصة على المواطن السعودي و ذكر منها:
– إضاعة عمر المواطن الوظيفي بتحويله للقطاع الخاص.
-عدم وجود معايير لتقييم الموظف بعد تخصيص قطاعه.
– تمكين القطاع الخاص من التحكم في رقاب الموظفين بفصلهم أو تخفيض رواتبهم.
– زيادة معدلات البطالة والفقر إذ ان القطاع الخاص لن يقبل بتوظيف حديثي التخرج دون خبرة مما يراكم اعداد العاطلين عن العمل ويتسبب بانتشار وزيادة معدل الفقر بين المواطنين.
– تحويل أعدد كبيرة من الموظفين للتقاعد المبكر كما أن فائض ميزانية الدولة من التخصيص لن يعود بفائدة على المواطن وهو الحلقة الأهم في الدورة الإقتصادية في البلاد ومن اجله تكون التنمية.
– سيطرة أكبر للقطاع الخاص على قطاعات سوق العمل مما يفقد المواطن الأولوية في التوظيف.
نموذج من بريطانيا على سوء نظام الخصخصة وتأثيره السلبي على المواطن..
استنتج بحث أُجري مؤخراً أن خصخصة الخدمات العامة في المملكة المتحدة عمقت حال عدم المساواة بين المناطق، و”أهملت” أجزاءً من بريطانيا تحت عنوان تحقيق أرباح.
الاستطلاع الذي أجرته مؤسسة “سيرفايشن” Survation سأل أفراداً من المواطنين البريطانيين عن أسباب دعمهم إعادة تأميم الخدمات العامة مثل النقل العام والخدمات والبريد الملكي.
وكان السبب الأكثر شيوعاً الذي قدمه مؤيدو العودة إلى الملكية العامة هو أن الأموال الإضافية يجب أن تعود إلى الخدمات بدلاً من المساهمين، وأشار نحو 41 في المئة إلى هذه الناحية تحديداً على أنها السبب في موقفهم هذا.
وقال عددٌ متساو تقريباً (40 في المئة)، إنهم يعتقدون أن “الشركات المملوكة من القطاع الخاص تعطي الأولوية إلى المناطق المربحة على حساب المساواة بين الجميع في الخدمة الجيدة”.
تأتي هذه النتائج بعد تراكم أعوام جدباء عدة على قطاع خدمات السكك الحديد في شمال إنجلترا، استعادت معها الحكومة امتياز السكك الحديد الشمالية مرة أخرى إلى الملكية العامة على أساس مؤقت. وقد اشتكى الركاب من تأخيرات طويلة في سحب قطارات “بايسر” المتقادمة التي كانت قد وُضعت في الخدمة في الثمانينيات من القرن الماضي كي تكون حلاً موقتاً من جانب الشركة العامة “بريتيش ريل” British Rail، لكن المشغلين الجدد للخدمة الذين ينتمون إلى القطاع الخاص أبقوا عليها.
وفي المقابل، أصبح توافر إمكانية وصول البريطانيين في المناطق الريفية إلى شبكة الإنترنت بشكل يُعتمد عليه، مشكلةً سياسية في انتخابات العام الماضي، بعدما تعهد حزب “العمال” بتحويل شركة “أوبنريتش” Openreach التي توفر البنية التحتية للإنترنت لمناطق واسعة في المملكة المتحدة، إلى ملكية عامة لتحقيق ذلك. واتهمت شركات الإنترنت البريطانية بتقديم خدمات أقل جودةً للمناطق الأقل ربحاً لها، واعترفت بأنها لن تكون قادرة على الوصول إلى تغطية شاملة من دون دعم حكومي.
وفي المقابل، حذرت مؤسسة البريد Royal Mail أيضاً من تعرض عمليات تسليم الرسائل والطرود في المناطق الريفية للخطر، لأن المنافسين من القطاع الخاص “يختارون ما يناسبهم” بالتركيز على الأجزاء المربحة من البلاد، في وقتٍ تم تحميلهم واجب تقديم خدمة شاملة مفروضة بموجب عقد الخصخصة.
وتُعد هذه النتائج مثيرةً للاهتمام في سياق ما تُسمى “أجندة الحكومة للنهوض”، التي تعهد بموجبها الوزراء البريطانيون بمساعدة أجزاءٍ من البلاد كان أداؤها أقل في العقود الأخيرة. كما أنها تعطي فكرةً عن سبب ارتفاع التأييد للملكية العامة للخدمات بين أنصار جميع الأحزاب السياسية، وهي حقيقة من الرأي العام لم تلحظها رادارات الأحزاب لأعوام كثيرة بعد خصخصة مرافق عدة.
وتوصل البحث أيضاً إلى أن قرابة 73 في المئة من الناخبين البريطانيين يريدون أن يقوم القطاع العام بتشغيل وسائل النقل العام، مقارنة بنحو 19 في المئة فقط يفضلون تشغيلها من القطاع الخاص. وأيد نحو 63 في المئة من المواطنين المستطلعة آراؤهم أن تشغل المرافق العامة قطاع الخدمات، في مقابل 26 في المئة يؤيدون القطاع الخاص. ويريد قرابة 69 في المئة أن تكون مؤسسة “البريد الملكي” في أيدي القطاع العام، في مقابل 21 في المئة يرون وجوب أن يديرها القطاع الخاص. وجاء مستوى الدعم في الاستطلاع مشابهاً لاستطلاع سابق عن هذه المسألة.
وقالت كات هوبز مديرة مجموعة حملة “وي أون ايت” We Own It (نحن نملكها) التي كُلفت إجراء البحث إن “هذا الاستطلاع يُظهر مرةً أخرى أن الغالبية العظمى من الناس تدعم الملكية العامة لخدماتنا العامة”. وأضافت “إن هذا يوضح لنا أن جمهور المواطنين سئم من قيام شركاتٍ خاصة بسرقة أموال للمساهمين بدلاً من الاستثمار في خدماتنا”.
واعتبرت هوبز أنه “بعد نحو أربعين عاماً من زواج أيديولوجي مع الخصخصة، يبدو واضحاً أن الناس لم تعد تؤمن بهذه الفكرة بعد الآن. فأغلبهم يدرك أن الأمر يتعلق بالعدالة ويرتبط بالأخلاق. إنه ليس نظاماً عادلاً لأن يمنحنا خدماتٍ غير كافية وغير خاضعة للمساءلة. إنه ليس نظاماً منصفاً لأنه يقدم لنا أسعاراً وفواتير مرتفعة جداً. وهو ليس نظاماً عادلاً لأنه يتيح لمجموعةٍ من المساهمين والمديرين التنفيذيين الاستفادة من الأرباح”.
ورأت أخيراً أن “الناس يرغبون في التغيير. ويريد المواطنون خدماتٍ عامة مناسبة للقرن العشرين. ولتحقيق ذلك، علينا أن ننهي عملية الاحتيال التي تُجرى من خلال الخصخصة، مرةً واحدة وإلى الأبد”.
المصدر: الواقع السعودي