الشعب إذا أراد… يستطيع!
د. عدنان منصور*-البناء
متى سيعرف اللبنانيون، وكلّ الذين يريدون اقتلاع المنظومة السياسية الفاسدة المفسدة، أنّ كلّ الأساليب التي لجأوا اليها لن تجعل أركان الطغمة يتراجعون عن فجورهم وغيّهم.
إنّ اقتلاع الطغاة يتمّ في عقر دارهم، وليس في إقفال الشوارع بحاويات النفايات، وحرق الإطارات، والبيانات المنمّقة، التي تتكرّر يومياً، ولا بالإعراب عن السخط والغضب، والإضرابات التي لم تُسفر عن أيّة نتيجة إيجابية، ولا بالاجتماعات المتزاحمة في ما بينها، التي تجترّ مواضيعها وأساليبها، وتنظيراتها.
خذوا العبرة من حقائق التاريخ، وتجارب الشعوب الحية. هل سقط لويس السادس عشر في فرنسا، والقيصر وعائلة رومانوف في روسيا، وباتيستا في كوبا، والشاه محمد رضا بهلوي في ايران، وتشاوشيسكو في رومانيا، وجدار برلين في ألمانيا، وزين العابدين بن علي في تونس، والأمثلة كثيرة، هل سقطوا بالشعارات، والاجتماعات، والإكثار من الشتائم، و«الأدبيات» اللاذعة، والرسوم الكاريكاتورية؟! لطالما أنّ اللبناني على هذه الحال وهذا النمط من السلوك، وردّ فعله الهزيل العقيم على أخطبوط السلطة، وهو الذي يرتبط بها أصلاً من خلال نزعته الطائفية، والمناطقية، والعشائرية، وخضوعه الطوعيّ لولي نعمته، فلن يخرج من المستنقع المميت الذي هو فيه…
إنّ اقتلاع الطغاة لا يتمّ إلا في عقر دارهم ولا من خارجه. فمتى يسجل تاريخ اللبنانيين ولو لمرة واحدة، أنهم استطاعوا ان يتتزعوا انتزاعاً بالقوة، كرامتهم وحقوقهم من عقر مصاصي دمائهم، قتلة الوطن والشعب؟
هل تفعلها جماهير الشعب المقهور، أم سيظلّ البغاة الطغاة قابعين صامدين، يمعنون بكلّ وقاحة، وبلا شرف أو ضمير في نهب شعب على المكشوف، وقهره وإذلاله، والاستخفاف به؟! متى سيعي اللبنانيون حقيقتهم وحقيقة هذه المنظومة الفاجرة القاتلة المدمّرة لهم، والتي ابتلوا بها منذ عقود، لإعادة النظر في كيفية اجتثاثها من الجذور؟
لا مستحيل على الشعب إنْ قرّر ذلك، لكن من العار أن يبقى على ما هو عليه، عبداً، أسيراً، منبطحاً، ذليلاً، لطغمة قهرته واستعبدته، وقضت على آماله وأحلامه ويومه وغده.
حان الوقت كي ينزع المواطن اللبناني من عقله وتفكيره، مقولة مخدّرة، تتردّد يومياً وللأسف على مسامع وألسنة المواطنين، أنّ التغيير في لبنان مستحيل! إنه الأفيون القاتل الذي تروّج له العقول الخبيثة داخل السلطة من جهة، والعقول البسيطة المغفلة من جهة أخرى.
نعم الشعب قادر على انتزاع حقوقه، ففيه من القوة ما إنْ فعل، يستطيع أن يمحو عن وجه هذا الوطن صفحة سوداء من تاريخه، سطّرها مجرمون مارقون، لصوص المال والاحتكارات،
لا وطنية لهم، ولا حياء ولا إحساس!