الانجازات الوهمية: حلّ مُؤقت للكهرباء و «الكابيتال كونترول» لزوم ما لا يلزم لا «سقف زمنياً» لمبادرة بري… وباسيل يُعاتب «الحلفاء»: لماذا تعويم الحريري ! ترقب لتداعيات الازمة الداخلية.. واستراتيجية «اسرائيلية مُبتكرة» للهروب من مُواجهة حزب الله
ابراهيم ناصر الدين-الديار
في ظل «تقنين» ممنهج لحاجات اللبنانيين المرهقين في البحث عن حاجاتهم اليومية، تحاول السلطة التشريعية والتنفيذية ايهام «المذلولين» بالقيام بانجازات «وهمية» بعضها «لزوم ما لا يلزم» كقانون «الكابيتال كونترول» الذي تأخر نحو سنة ونصف السنة حيث «اللي ضرب ضرب واللي هرّب مصرياتو هرَب»، وبعضها الآخر «تربيح جميلة» عبر الاعلان الانتصار على «العتمة» مرحليا من خلال مراسيم استثنائية لشراء الفيول، كان بالامكان فتحها دون تضييع للوقت والذي ادى الى وضع اللبنانيين تحت رحمة اصحاب «الموترات»…
هذا في الاقتصاد، اما في السياسية، فيمكن القول اننا قد نكون امام اكثر من اسبوع قبل سقوط «المناورات»، فلم يعد من «أوراق ضاغطة» لدى احد لإخراج أزمة تأليف الحكومة اللبنانية من «عنق الزجاجة»، وما هو موضوع على «الطاولة»، مبادرة رئيس المجلس النيابي نبيه بري، ولا شيء آخر، وبانتظار ما سيقوله الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اليوم في الشأن الحكومي، حيث من المنتظر ان يرفع من «دوز الحض» على المضي قدما في عملية التأليف، والدفع نحو»مساكنة» الضرورة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري، تتجه «عين التينة» الى عدم التشدد في تمديد «عمر» المبادرة، وعدم اعلان وفاتها نهاية الاسبوع الحالي، الا اذا حصل تطور مفاجىء، فالحكمة تقضي ان لا تنعى «المبادرة « كي لا تنزلق الامور الى ما لا تحمد عقباه في ظل استحالة تقليص مدة المجلس النيابي.
فهذه المراوحة الحكومية، تبقى افضل من اعلان انهيار المساعي اقله حتى الاتفاق على المخرج البديل، اي حكومة تحضر للانتخابات المقبلة. وفي الانتظار، تستمر الاتهامات الخافتة بين فريقي «التعطيل» بعدما استجابا الى الدعوة الى التهدئة الصاخبة، ولا تزال الامور على حالها، حيث يؤكد «تيار المستقبل» ان الكرة في ملعب الفريق الآخر، الذي لم يعط موافقته على التسوية بعد، مع التأكيد انه ليس لدى الرئيس الحريري ما يقدمه بعدما تفاهم على صيغة الحل مع بري، في المقابل، لا يزال فريق الرئاسي مُصرّ على حقه في تسمية الوزراء المسيحيين، ملمحا الى امكانية هضم «المثالثة» في صيغة «الثلاث ثمانات»، اذا حصل على ما يريده حكوميا، لكن الجديد ما نقل عن النائب جبران باسيل بانه لا يفهم لماذا يصرّ حلفاؤه في فريق «الممانعة»، حركة امل وحزب الله، على دفعه الى تقديم تنازلات لفريق خسر كل رهاناته الداخلية والخارجية، حيث لا يجد الحريري من يقف في «ظهره» لا في الداخل ولا الخارج، بينما «فريقنا» يحقق التقدم والانتصارات في الاقليم وحتى دوليا من خلال التحالف الوثيق مع ايران وروسيا؟
الحريري مُلتزم وبري ينتظر
ووفقا لمصادر «عين التينة» لم يعد من المبرر لاحد التأخير في الرد على طروحات بري الذي لا يزال يحمل «عصا» التشاؤم والتفاؤل من النصف، وهو يردد امام زواره ان الأيام كفيلة بالكشف عمن يناور ويراوغ، دون ان يمنح مبادرته سقفا زمنيا معينا، ووفقا للمعلومات، لا يزال بري ينتظر رد باسيل على ما نقله اليه «الخليلين» بعد الاتفاق مع الحريري على التسوية، وفي هذا السياق، اكد الرئيس المكلف في اتصال مع رئيس المجلس انه ما يزال ملتزما بما جرى التوافق عليه في «عين التينة»، مشددا على انه غير مستعد لتقديم اي تنازل جديد مهما بلغت «الضغوط»!
وفي هذا السياق، عكس المكتب السياسي لـ «حركة امل» حالة «الاستياء» الواضحة في «عين التينة» من الخطابات والبيانات «العنترية» والشعبوية التي لا تحقق حتى مصالح مطلقيها ولا اهدافهم، وبالتأكيد تغيب عنها مصلحة الوطن الذي وصل حد الانهيار وآخر الدرك. وبحسب المكتب السياسي، يجب وقف المهاترات والمكابرة والعناد غير المجدي، وملاقاة مبادرة الفرصة الاخيرة بدون إضاعة الوقت، ووقف الابتزاز السياسي وتحديد الحصص الوزارية، وكأن الناس تهتم بعدد الوزراء او وزاراتهم!
القبول «بالمثالثة»؟
في المقابل، تشدد مصادر «التيار الوطني الحر» على انها وفي حال «هضمت» تمرير صيغة «الثلاث ثمانات» لمرة واحدة دون ان تكون عرفا يسمح «بالمثالثة» «المقنعة»، «كرمى لعيون» الحلفاء، فان رئيس الجمهورية لن يسمح بسابقة التخلي عن دوره الوطني وحقه في تسمية الوزراء المسيحيين وفقا لما تمليه طبيعة النظام القائم اليوم في البلاد، ولهذا لا تنازل عن منح الحريري الحق في تسمية وزيرين مسيحيين هما حق للرئيس وليست منًة من احد، ولهذا فان «الكرة في ملعب» الرئيس المكلف المطالب بتقديم صيغة تراعي المعايير الدستورية والوطنية، وعندها يمكن القول ان الحل بات في «متناول اليد»…
«استغراب» باسيل من «الحلفاء»
وفي هذا الاطار، ينقل زوار باسيل عنه رؤيته للملف الحكومي من زاوية الرابحين والخاسرين في المنطقة، ويتحدث عن ابعاد استراتيجية بعيدا عن «زواريب» الداخل، مع تأكيده ان التحولات تسير عكس «التيار» السائد في لبنان، وهو في هذا السياق، يستغرب الاستمرار بالتمسك بالحريري لرئاسة الحكومة في مرحلة لم يعد لديه صديق في الداخل او الخارج، ويقول: حتى الفرنسيين تخلوا عنه بعد السعوديين، ويستغرب اصرار حزب الله وكذلك حركة امل على الدفع باتجاه اعادة الحريري الى السراي الحكومي، في وقت يجب ان يدفع ثمن رهاناته الخارجية الخاطئة، حيث اخفق في الرهان على اسقاط النظام السوري الذي تم التجديد له سبع سنوات بغطاء عربي- خليجي وهو امر ليس تفصيلا، فيما تتجه واشنطن للتفاهم مع طهران على وقع انتصار الفلسطينيين في معركة غزة، ويبقى السؤال عند باسيل لماذا ندخل في تسوية لا نراعي فيها موازين القوى الجديدة؟
«التهويل» بالاستقالات يتراجع!
اما بالنسبة الى تراجع «التهويل» بتقديم الاستقالات من المجلس النيابي من قبل التيارين «الازرق» و»البرتقالي»، فتشير مصادر نيابية بارزة الى ان «الفرملة» جاءت من «الثنائي الشيعي» الذي ابلغ الطرفين انه غير موافق على تعريض المؤسسة التشريعية للانهيار، ومجلس النواب سيبقى حتى آخر ساعة من ولايته، لان الدخول في «معمعة» الانتخابات الآن غير مجد، ولن يقدم او يؤخر شيئا في السياسة، وانما سيكرس سابقة لا يمكن القبول بها ، فيما بات الاستحقاق على «مرمىحجر»، ولهذا فان نواب امل وحزب الله لن يقدما على الاستقالة تضامنا مع «المستقبل» او «لبنان القوي».
لماذا طلب جنبلاط زيارة موسكو؟
لا جواب واضحا بعد، بانتظار انتهاء الزيارة، فرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط يزور موسكو مسوقا «للتسوية» الداخلية التي يطرحها، باعتبار أن لا مفر ولا بديل منها لتشكيل الحكومة، لكن ما يهم روسيا اكثر من مواقفه الداخلية المحكومة هذه المرة «بالواقعية»، استدارته الاقليمية، وخصوصا مواقفه من التطورات السورية، وبحسب اوساط ديبلوماسية، تنتظر موسكو منه مواقف واضحة في هذا الشأن، خصوصا ان جنبلاط هو من طلب مواعيد من المسؤولين الروس، ولم تبادر القيادة الروسية الى الاتصال به، كما يروج «الاشتراكي»، وهم ينتظرونه للاستماع الى ما سيحمله معه من افكار ومواقف، وعندها «يبنى على الشيء مقتضاه» بالنسبة الى تطور العلاقة مع «المختارة»، مع العلم ان تطور هذه العلاقات لا تقف فقط عند مواقفه اللبنانية، وانما رؤيته للاوضاع والتحولات في الاقليم وخصوصا في سوريا.
واذا كانت زيارة الرئيس المكلف سعد الحريري الى موسكو قد «اضرت» به سياسيا بعدما سمع «استياء» اميركيا واضحا حيال توقيتها، بينما نجح الوزير السابق جبران باسيل في زيارته بتسويق نفسه لدى القيادة الروسية تحت عنوان «المسيحية المشرقية»، يبقى السؤال حيال ماهية «صرف» جنبلاط للزيارة داخليا وخارجيا»؟ فهل تحصل «الاستدارة» الاقليمية؟
والى ان تتضح معالم هذه الزيارة، تجدر الاشارة الى ان النائب تيمور جنبلاط، والنائب وائل أبو فاعور يرافقان جنبلاط في زيارته، وبات مؤكدا انه سيلتقي وزير الخارجية سيرغي لافروف، ووفقا لمصادر «الاشتراكي»، فان الحوار سيتركز على «التباين» في وجهات النظر حيال بعض الملفات الاقليمية، وسيحاول جنبلاط الاستفادة من الدور الروسي لمصلحة تثبيت استقرار لبنان ومساعدته على اجتيازه هذه المرحلة الصعبة.
ترقب لـ «الوضع الاسرائيلي»!
في هذا الوقت، وفيما تراقب المقاومة في لبنان التطورات في «الداخل الاسرائيلي» عن كثب، منعا لاي مفاجأة غير محسوبة، لا تزال التحذيرات الغربية وخصوصا الاوروبية تجاه لبنان على «قدم وساق»، خصوصا ازاء الوضع السياسي المتأزم في «اسرائيل»، حيث نصح سفير دولة اوروبية بالحذر في المرحلة المقبلة، لان رحيل بنيامين نتنياهو لن يغير شيئا من مسار «السياسة الإسرائيلية»، سواء ضد الفلسطينيين او في المنطقة، والمشكلة ستكون في ان المزايدات الداخلية قد تنعكس على خيارات خارجية متهورة، لان الرغبة الشديدة للإطاحة بنتانياهو هو الدافع وراء التحالف «الهش» المكون من 8 أحزاب على أمل استبداله. وهناك عامل آخر يوحدهم وهو التطرف في الخيارات مع «الاعداء».
«التهويل» لمنع الحرب؟
وفي هذا السياق، لا تزال الجبهة الشمالية تحتل حيزا كبيرا من النقاشات داخل «المؤسسة الامنية والعسكرية الاسرائيلية»، وفي هذا السياق، دعت صحيفة «يديعوت احرنوت» الى منع وقوع حرب جديدة من خلال التهويل بتدمير لبنان، وهو امر سيوقف المعركة قبل ان تبدأ بسبب عدم رغبة المجتمع الدولي بذلك.
وهذا يتطلب تغيير الاستراتيجية المتبعة مع لبنان وحزب الله، والتعلم من دروس الماضي، واشارت الصحيفة في هذا السياق، الى ان «القيادة الاسرائيلية» اليوم لم تعد معنية بتغيير الواقع السياسي في «الدولة المجاورة» كما حصل عام 1982.
مواجهة «العجز»
وفي تبرير للعجز الاسرائيلي عن الانتصار في الحرب المقبلة وجدت «يديعوت» الحل وقالت: «علينا في العام 2021 أن لا نخطئ مرة أخرى في وصف الواقع اللبناني، ويحظر على إسرائيل الوقوع في الفخ الذي وقعت فيه في 2006، في وقت حرب لبنان الثانية، عندما قاتلنا ضد حزب الله، ولكننا تجاهلنا دولة لبنان. تلك الحرب استمرت 33 يوماً، أما اليوم، في ضوء كمية صواريخ حزب الله وحجمها ومداها، فلا يمكننا السماح بمعركة بهذا الطول. والسبيل الوحيد لتقصيرها وضمان النصر يستوجب أن تديرها اسرائيل ضد دولة لبنان وليس ضد حزب الله فقط. ولما كانت إسرائيل قادرة على أن تخرب لبنان في غضون بضعة أيام، وكون العالم كله، من إيران وحتى الولايات المتحدة وفرنسا، يخشى من تدمير لبنان، فهذا هو السبيل الآمن للنجاح في معركة قصيرة». وتخلص «يديعوت» الى القول «لقد أخطأنا في قراءة الوضع اللبناني في 1982، وأخطأنا في 2006 ولا يجب أن نخطئ مرة أخرى، ولن يكون كافياً تنفيذ السياسة السليمة في الوقت الذي تبدأ فيه الصواريخ بالنزول على إسرائيل».
الحل «الكهربائي» واستياء دياب!
الحل موقت لشهرين فقط، وماذا بعد؟ لا جواب على مستوى حل ازمة الكهرباء، «لعبة عض الاصابع» بدأت عندما طلب حاكم مصرف لبنان رياض سلامة تغطية قانونية لصرف الاموال لشراء الفيول من الاحتياط الالزامي، واعتمد تقنينا صارما في الصرف، وبعد ايام من «حبس الانفاس» خرج «الدخان الابيض» من القصر الجمهوري عبر الاعلان عن موافقة استثنائية للصرف على شراء الفيول، بعد الاتفاق مع رئيس حكومة تصريف الاعمال حسان دياب الذي لم يخف «استياءه» امام زواره من «التخريجة» التي اظهرته تابعا لتوجيهات الرئاسة الاولى التي تقصّدت احتكار «الانجاز» عبر حملة اعلامية غير «مهنية»، مع العلم ان الحل كان قد اتفق عليه قبل ايام بين الرئاستين!
وقد أرسل وزير المال في حكومة تصريف الأعمال كتابا الى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة حول تبلغه الموافقة الاستثنائية من قبل رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس الوزراء حسان دياب لتغطية سلفة الخزينة للكهرباء بالعملة الأجنبية لزوم مؤسسة كهرباء لبنان لشراء المحروقات، وطلب منه العمل على تنفيذ ما ورد في الموافقة الاستثنائية المذكورة، والتي سبق لوزارة المال أن وافقت عليها وأرسلتها.
من جهته، طمأن وزير الاتصالات في حكومة تصريف الاعمال طلال حواط ان قطاع الاتصالات لن ينقطع طالما ان مصرف لبنان يؤمن الاعتمادات اللازمة لشراء الفيول، ولفت الى ان وزارة الاتصالات تؤمن مولدات للشبكة من أجل حالات الطوارئ وليس للاستخدام المتواصل، وتغطي حوالي 8 ساعات، الا انها تعمل حاليا بين 20 و21 ساعة يوميا، اضافة الى الأعطال الطارئة التي يتم تصليحها.
«مسرحيةالكابيتال كونترول»!
وبعد طول انتظار،اقرت لجنة المال والموازنة النيابيّة، «مسرحية» الـ «كابيتال كونترول»، بعد تسعة عشر شهرا من المماطلة التي افقدت القانون قيمته العملية بعدما هرَب المحظيون اموالهم الى الخارج، وفيما ظهر على انه «سباق محموم» بين تعاميم المصرف المركزي التي حاولت «القوطبة» على القانون، سلك «الكابيتال كونترول» المسار الطبيعي نحو الهيئة العامة لمجلس النواب، ولفت رئيس اللجنة، النائب ابراهيم كنعان، إلى أن القانون كما أقرّته اللجنة، يمنع التحاويل إلى الخارج، باستثناء ما له صفة الديمومة والصفة العاجلة، كنفقات التعليم، والسقف الأعلى لهذه النفقات 50 ألف دولار.
وفيما بقيت الارقام النهائية للسحوبات والتحويلات معلقة الى حين الحصول على الارقام من مصرف لبنان والمصارف، أشار كنعان إلى أن القانون يجيز أيضاً السحوبات في الداخل بالليرة اللبنانية، بمبلغ بين 15 و20 مليون ليرة (لا تشمل السحب من حساب الرواتب والأجور)، والقرار متروك كذلك للهيئة العامّة لتحديد السقف. كما يجيز السحب بالعملة الأجنبية بما يعادل 400 إلى 800 دولار شهرياً، والبتّ للهيئة العامة وفق المعطيات التي سيقدّمها مصرف لبنان، وهو مُطالب بإرسال الكلفة الإجماليّة للبنود الماليّة للحسم»
من جهته اكد النائب علي حسن خليل، أن على المصارف أن تلتزم بكل القوانين الصادرة لحماية حقوق المودعين، معتبراً أن إقرار «الكابيتال كوتنرول» يبقى عملاً جزئياً أمام ضرورة تشكيل الحكومة، التي يجب عليها إجراء إصلاحات اقتصادية ونقدية.