سعد الحريري بين الانتحار السياسي أو زواج الإكراه مع العهد
كتب حسين عز الدين
ثمة مشهد يلوح في الافق على وقع المساعي الآيلة لتشكيل حكومة لبنانية على قاعدة المبادرة التي تبناها رئيس مجلس النواب نبيه بري المدعومة بقوة من حزب الله، و المستشرفة اجواء ايجابية من رئيس الجمهورية الذي وضع تصوره في ما خص الية التشكيل في جعبة الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، والتي تلقفتها عين التينة بشيء من الحذر لكن يبنى عليها فيما لو طورت لتلقي مع طرح الرئيس نبيه بري لحكومة مثلثة الأضلاع غير حزبية.
لكن وبعد قدوم الرئيس المكلف من زيارته الخارجية رأت بعض الأوساط بأنها حملت مجموعة من الأفكار والتوصيات غير المباشرة وخاصة من بعض الدول الخليجية بالاضافة الى فرنسا، وكان المأمول من لقاء الأمس أن يخرج سعد الحريري ببث جرعة تفاؤل، سيما وان اكثر الأوساط المتابعة أشاعت جوا من هذا القبيل الا أن ما رشح من هذا اللقاء وضع في خانة الاستفاضة بالنقاش وتوسيع مساحة المساعي ليصطدم كل ذلك باجتماع رؤساء الحكومات السابقين وما نتج عنه من موقف عالي النبرة ظهّره رئيس الحكومة الأسبق فؤاد السنيورة ليقلل من منسوب التفاؤل الذي كان سائدا بالأمس.
من هنا ترصد بعض المصادر المواكبة بأن المساعي الحكومية لازالت تدور في دوامة غير وافية النتائج سيما وان لقاء الخليلين برئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل وصف بالسلبي بإمتياز، مصادر مقربة من الثنائي الشيعي تقول ان الساعات القادمة ان لم تحمل تطويرا للمساعي ودفقا للتدخلات بين الداخل والخارج يصب في اخراج هذه الازمة من عنق الزجاجة، فاننا امام نعي رسمي لمبادرة الرئيس بري وبالتالي سيترتب على هذا المشهد مرحلة مليئة بالضبابية خاصة وان البلد لم يعد يحتمل ترف الوقت بعد التعثر الواضح في حل ازماته الاقتصادية والمالية والتي باتت تنذر بخطر جديد قد يطال اخر ضوابط الامن الاجتماعي وتفتح الباب على مصراعية لكل الاحتمالات.
بعض السناريوهات تحاول تشريك الحلول بما يلي: اولا، هل سيبقى سعد الحريري متمسكا بالتكليف النيابي ضاربًا بعرض الحائط كل المهل التي يتسلح فيها خاصة وان توكيل التكليف النيابي لم يأت على ذكر مهلة دستورية ، وبالتالي يعمل على ضغط الوقت واستغلال مساحة التباعد وعدم التوافق وبالتالي يشكل ذلك إطلاق رصاصة الرحمة على ما تبقى من العهد، أم أنه سيفسح المجال لغيره إذا ما ذهب لخيار الاعتذار واكمال المهمة.
ثانيا، هل مازال الوقت يسمح بعد اهدار سبعة أشهر من التكليف الذي أتى تحت عنوان الخطوة الانقاذية، أن يستكمل ما تبقى من شهور هذا العهد بوتيرة الفراغ؟ ام يكون الحل عبر حكومة انتقالية تسقط من جدولها ورقة الاصلاح المطلوبة وتعمل فقط على ترتيب مرحلة الاستحقاقات الانتخابية؟
ثالثا، هل نحن أمام سابقة يمكن من خلالها أن تتقدم المؤسسة العسكرية بإشتراح حل وتأليف حكومة طوارئ تعمل على ضبط ايقاع الازمة وعدم تفلته، خاصة وأن قائد الجيش وبعد زيارته الاخيرة الى فرنسا، لاحت في افق هذه الزيارة ملامح دعم تتخطى اللوجستي الى دعم جوزيف عون بأخذ دور المنقذ ودون ذلك محاذير وعقبات.
في الخلاصة أن ما يلوح في أفق هذا المشهد بشكل عام لا ينبئ بحلول قريبة، وهناك من يقول بأن مرحلة الانتظار ستبقى قائمة حتى التظهير العملي للتسويات الاقليمية الكبرى وخاصة المحادثات الإيرانية الامريكية غير المباشرة، لأنه بات من الثابت بأن جواز سفر سعد الحريري وتأشيرة دخوله لاستعادة موقعه في نادي رؤساء الحكومات يحتاج لضوء أخضر سعودي، من هنا فإن حل الأزمة بكامل تفاصيلها بقدر ما يراه البعض داخلي بإمتياز فإنه خارجي بإمتيازز أيضا، وعليه يبقى رصد المرحلة القادمة البوصلة التي تحدد الاتجاه والمسار الذي يتجه نحوه لبنان.