عصري فياض-رأي اليوم
في موعد معتاد، ورغم الحالة الصحية التي ظهرت عليه،أطل سماحة السيد حسن نصر الله الامين العام لحزب الله في خطابة الذي إنتظره الملايين في ظل مناسبتين عزيزتين، وهما ذكرى النصر والتحرير ،اليوم الذي دحرت فيه المقاومة اللبنانية جيش الاحتلال الاسرائيلي من جنوب لبنان بتاريخ 25/5/2000،وتداعيات نصر المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة،ليتحدث ليس بصفته أمينا عاما لمقاومة لبنانية فقط، بل ليتحدث كناطق فعلي لكن غير ملعن لمحور مقاوم، ينوب في ذلك عن اعضاء ذلك المحور من دول وفصائل مقاومة من إيران لسوريا للحشد الشعبي في العراق وقوى وفصائل المقاومة هناك بالاضافة للمقاومة اللبنانية وانصار الله في اليمن مع أن كل دولة وكل فيصيل من هذه قد عبرت بما فيه الكفاية عن رأيها فيما جرى في معركة سيف القدس، لكن السيد نصر الله عودنا، وعود الجميع على تحليل الاحداث التي تجري في الصراع العربي الاسرائيلي وتبيانها وتقييمها والبناء عليها، ومن ثمة إضافة كل جديد يلزم لإظهار آخر مواقف وتطورات هذا المحور الذي يعمل ليل نهار ويحضر ويطور ويجهز نفسه لساعة الصدام الكبير سواء بين المحور و”اسرائيل” أو بين المحور والولايات المتحدة الامريكية.
هذا المساء، خرجت الكلمات الثقيلة من فم الناطق بهذا التكتل المقاوم، رافقتها حركات الجسد التي قام بها سماحته وهي تعديل جلسته على الكرسي والتي طالما تبعت هذه الحركة تهديدا أو وعيدا أو ارساء معادلة جديدة، لتضع التصريحات عنوانا بارزا جدا في الية الصراع بينه وبين “إسرائيل” عندما قال ” أن المساس بالقدس يساوي حربا اقليمية ” واضاف ” أن هذه الحرب إذا ما إندلعت ستصل لمرحلة إزالة الكيان”.
عندما نتوقف عند هذا التصريح الخطير ، والخطير جدا، أقول عندما ربطت المقاومة الفلسطينية في غزة المساس بالقدس والاقصى والشيخ جراح بصواريخها وسلاحها ورسخت معادلة جديدة،فإن محورا بكامله وبكل قدراته وضع من خلال كلام السيد حسن نصر الله المساس بالاقصى والقدس في معاناه الكبير،والذي تحاول اسرائيل الوصول اليه من تهويد وهدم للمسجد الاقصى وبناء الهيكل مكانة يعني حربا اقليمية ، حتما ستكون طاحنة، كون المحور يرفض رفضا قاطعا الاعتراف بهذا الكيان أو مسالمته أو مهادنته، وبين ” اسرائيل” التي تعي مكانتها في نظر ذلك المحور العقائدي، والتي جعلت من تصريحات مسؤوليه السياسين والعسكريين التحدث ليل نهار عن ذلك المحور وخاصة ايران بكلام لا ينتهي، هذه الاضافة الكبرى على ميزان الصراع أُخْرِجَتْ للعلن وأمام كل العالم أن القدس والاقصى وما فيها، لن يصل للنقطة والهدف التي تسعى “اسرائيل” ليل نهار لاحداثه فيهما،وبالتالي اضافت هذه التصريحات قلقا وتوجسا كبيرين في القيادة “الاسرائيلية” السياسية والعسكرية من الوصول لنقطة الصدام ،خاصة بعد الارباك الكبير والخسارة المدوية التي هشمت صورة ” اسرائيل” بعد المواجهة الاخيرة بين أصغر وأضعف نقطة في هذا المحور وهو قطاع غزة وبين المحور الممتد دولا وتنظيمات وفصائل على إمتداد خمس دول بالاضافة لقطاع غزة.
وإذا قال قائل، يمكن أن يكون هذا القول فقط للتهويل والاستهلاك المحلي، أقول إن مصداقية السيد حسن نصر الله بعد التجربة الطويلة يشهد بها العدو قبل الصديق، وأن ما في غزة الان وما وصلت اليه مقاومتها هو من ذلك المحور ، وهذا الامر لم يعد مخفيا على احد، وأن جميع الفصائل التي تقاتل في القطاع تأخذ السلاح والمال والخبرة والتدريب والتقنيات من ايران ومن دول المحور، حتى الاجنحة العسكرية التابعة لفصائل م ت ف ككتائب الاقصى ــ لواء العامودي ــ وقوات العاصفة وكتائب ابو علي مصطفى والمقاومة الوطنية وغيرها، وهذا معروف ومصرح به عبر وسائل الاعلام،فلا يمكن أن تصل غزة لهذه النتيجة بيد محور متكاتف وسائر نحو هدف كبير، ويطلق أحد أبرز المعبرين عنه كلام انشائيا أو استهلاكيا، أما القول والذي يردده كثير من ابناء الشعب الفلسطيني والعربي حول عدم قيام حزب الله بالمشاركة المباشرة في المعركة التي جرت أستطيع القول بأن الجميع أكد على التنسيق الساعاتي بين مقاومة غزة وباقي محور المقاومة وهذا ما صرحت به قيادات حماس والجهاد وقيادات المحور ومنهم السيد حسن نصر الله اليوم، وأن دخول المعركة له حساباته التي يعرفها ويتفق عليها الطرفان، وهي تأتي في لحظة يعرف سرها الجانبين، وأن التدخل قد يعني انطلاق حرب شاملة اعتقد أن المحور لازال يحضر لها، ولم تكتمل كل فصل التحضير الشامل لها، لانها ستكون حرب قاسية وشرسة قد تجر دولا كثيره لها وعلى رأسها الولايات المتحدة التي فهمت مغزى المواجهة الاخيرة ومألاتها، لذلك سارعت في إجبار اسرائيل على قبول وقف اطلاق النار،هذه الحرب المتوقعة قد لا يكون فيها وقفا للنار، لأن مستوايتها ستصل لأبعد مراحل مواجهة عسكرية محتملة في القرن ألجديد بل يمكن أن تلامس مراحل حرب أكبر من إقليمية وأقل من عالمية في تداعياتها ونتائجها.
لذلك ما أفصح عنه السيد حسن الله خطير ومرتفع،وعلى الجميع حسب تحليلي ووجهة نظري المتواضعة أن يبني عليه، وأن يأخذه على محمل الجد من جميع النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية وحتى الفكرية، وقد يكون هذا الواقع وهذه الحالة الجديدة أعلى مراتب تجليات ومخرجات المواجهة الاخيرة التي وضعت محور المقاومة على سكة الوصول للصدام الاكبر مع إسرائيل.
كاتب فلسطيني