هل يُضيّق جنبلاط «الخناق» على الرئيس المكلف؟
محمد علووش-الديار
يلعب رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط دوراً مسالماً للغاية هذه الأيام، إذ حرص خلال إطلالته التلفزيونية الأخيرة على عدم فتح باب المعارك الكلامية والسياسية مع أحد، ولكن هذا لا يعني أن كلامه لم يُغضب تيار «المستقبل» الذي لا تزال علاقته مع «الإشتراكي» ملبّدة بالغيوم منذ ما قبل تاريخ زيارة جنبلاط إلى قصر بعبدا.
تكاد تكون المرة الأولى التي يخرج فيها كلام عن علاقة رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري بالسعودية على لسان أحد لا ينتمي إلى التيار الوطني الحر، فكيف بالحري إن كان الكلام صادراً عن وليد جنبلاط، فالرجل أعلن بشكل صريح خلال المقابلة التلفزيونية أول من أمس، أن السعودية لا ترغب بسعد الحريري رئيساً للحكومة، وهذا الأمر بحسب مصادر مطّلعة في الحزب التقدمي الإشتراكي لم يعد بالإمكان الهروب منه، مشيرة إلى أن المملكة لا تزال غير راضية بسعد الحريري.
وتضيف مصادر «الإشتراكي»: «إن الكلام الصادر عن جنبلاط ليس هجوماً على الحريري، بل هو توصيف لواقع قائم، كما أن جنبلاط لم يطلب من الحريري التنازل عن التكليف، بل طلب منه تشكيل الحكومة وعرض عليه كل مساعدة ممكنة»، مشيرة إلى أن حل ازمة العلاقة بين الحريري والسعودية لا يجب أن تكون عائقاً امام تشكيل الحكومة بشروط المبادرة الفرنسية، لأنها الخيار الوحيد الممكن لمساعدة لبنان.
لا تنفي مصادر «الإشتراكي» وجود قراءة جديدة لجنبلاط لواقع المنطقة ككلّ، ولكنها تشدد على ان مقارباته للملف الداخلي وابتعاده عن السجالات ودعوته نواب حزبه وكتلته لعدم الدخول في سجالات سياسية، لا علاقة له بظروف المنطقة بل الظروف اللبنانية، داعية «تيار المستقبل» ومعه التيار الوطني الحر إلى اختيار الطريق الأنسب لمصلحة لبنان لا للمصالح الحزبية.
في المقابل، ترى مصادر سياسية متابعة أن كلام جنبلاط يهدف لحثّ الحريري على اتخاذ خطوات جريئة، إما التشكيل وإما الإعتذار، لأن رئيس الحزب التقدمي لم يعد يرى فائدة من الإنتظار، فالملف اللبناني غير مطروح حالياً على أي طاولة مفاوضات خارجية، وبالنسبة إليه فإن لبنان سيدفع ثمناً كبيراً للإنتظار.
من جهتها أبدت مصادر «تيار المستقبل» غضبها بشأن كلام جنبلاط الاخير، وما سبقه من مواقف تجعل المعطل والساعي لتشكيل الحكومة في كفّة واحدة، مشيرة إلى أن رئيس الحزب التقدمي ساوى بين الطرفين وهذا أبعد ما يكون عن الواقع، وتضيف المصادر: «يحق لجنبلاط التموقع في أي جهة يريدها، ولكن لا يحق له تكرار مواقف رئيس الجمهورية وجبران باسيل حول علاقة الحريري بالسعودية، لأن المملكة بنفسها اكدت مراراً انها تهتم لشكل الحكومة لا إسم رئيسها، ومن يحاول الربط بين هذه العلاقة وبين تعطيل ملف التشكيل هم الذين يعطّلون ويطالبون بالسيطرة على الحكومة المقبلة كشرط للتأليف».
سرت في الاوساط الإعلامية معلومات عن أن الإمارات طلبت من سعد الحريري الإعتذار عن تشكيل الحكومة، وهذا ما ترفضه مصادر «تيار المستقبل» جملة وتفصيلاً على اعتبار أن هذه التسريبات تصب جميعها في خانة محاولة حشر الحريري لدفعه إلى الإعتذار، كاشفة في الوقت نفسه أن خيار الإعتذار لا يزال مطروحاً على الطاولة امام الرئيس المكلف، ولكنه وحده من يختار التوقيت المناسب بحال أراد الإقدام على هذه الخطوة.
وتؤكد المصادر أن أحداً من الخارج لم يُفاتح الرئيس المكلف بموضوع الإعتذار، مشيرة إلى ان النصائح التي تصل إلى بيت الوسط تصب في مكان واحد وهو الدفع باتجاه تسريع تشكيل الحكومة.