النزوح السوري الى لبنان: ذاك الجرح النازف!
اندريه قصاص-لبنان24
ما حصل أمس الأول في لبنان في “يوم مبايعة الرئيس السوري بشار الأسد” يعيد مجدّدًا طرح مسألة الوجود السوري الكثيف على مختلف الأراضي اللبنانية والسبب الذي لا يزال يحول دون عودة الأغلبية الساحقة منهم إلى المناطق السورية التي اصبحت آمنة، بعدما تبيّن أن معظم الموجودين في لبنان، وبحسب ميولهم نتيجة الإقتراع، يحبذّون بقاء النظام الحالي، مما يعني أن في إمكان هؤلاء العودة إلى المناطق الخاضعة لسيطرة النظام من دون تردّد، مع الأخذ في الإعتبار كيفية تأمين هذه العودة بكرامة ومن دون عراقيل لوجستية، الأمر الذي من شأنه أن ينعكس إيجابًا على لبنان وسوريا معًا.
فما حصل من إشكالات بين السوريين الذين كانوا متوجهين إلى مقر السفارة السورية في اليرزة للإدلاء بأصواتهم، وهم يرفعون صورًا للرئيس الأسد، وبين عدد من اللبنانيين الذين إستفزهم هذا المشهد يطرح أكثر من علامة إستفهام عن مستقبل العلاقة بين السوريين النازحين وبين قسم من اللبنانيين، خصوصًا أن النازحين موجودون بكثافة في كل المناطق اللبنانية.
مصادر أمنية توجسّت مما حصل يوم الخميس، ولم تستبعد أن تتصاعد التطورات وأن تذهب إلى أبعد من ذلك وصولًا إلى مسلسل الفعل وردّات الفعل، مع تأكيدها على جهوزية القوى الأمنية في مختلف المناطق، حيث تسود الحساسيات، القديم منها والجديد، للحؤول دون الإصطياد في المياه العكرة، وقطع الطريق على محاولات إثارة الفتن المتنقلة، خصوصًا أن الخلايا الإرهابية النائمة جاهزة دائمًا وتتحين الفرص لإقتناصها من أجل تحقيق غاياتها، التي لم تعد خافية على أحد.
بالأمس الأول إنقسم اللبنانيون، كما في كل مرّة، حول كيفية التعاطي مع ملف النزوح السوري في لبنان، بعدما تبيّن من خلال الإشكالات التي حصلت في غير منطقة أن ثمة تباعدًا عميقًا في الرؤية بين اللبنانيين حول أمور كثيرة، ومن بينها ملف النزوح السوري، الذي إستحوذ على جدل واسع على المستويات الرسمية والحزبية والشعبية، من دون التوصل إلى ما يخفّف العبء عن النازحين أولًا، وما يريح لبنان إقتصاديًا وإجتماعيًا وأمنيًا وديموغرافيًا ثانيًا.
فلو إتفق اللبنانيون منذ اليوم الأول لإندلاع الحرب في سوريا وبدء توافد النازحين السوريين إلى لبنان بكثرة ومن دون رقابة أو تنظيم ، لما كان الوضع قد وصل إلى ما وصل إليه اليوم، ولكان وجود النازحين في لبنان، كما هم في تركيا أو في الأردن، منظمًا وغير متداخل مع العنصر اللبناني في الشكل الذي هو عليه اليوم، ولما كان حصل ما حصل أمس الأول من إحتكاك لم يكن في محله، لا زمانًا ولا مكانًا.
فاللبناني، إلى أي فئة سياسية إنتمى، يريد أن يعود النازح السوري إلى بلاده معزّزًا ومكرّمًا، لا أن يبقى عائشًا في الخيم منتظرًا المساعدات الشهرية من الأمم المتحدة وغير واضح المصير في لعبة الأمم ومصالحها، على أن يبقى الخوف الأكبر من أن ترسو التسويات على إبقاء النازحين حيث هم، وهذا ما ألمح إليه وليد جنبلاط في حديثه الأخيرإلى برنامج “صار الوقت”. وهنا الطامة الكبرى. وسيبقى جرحًا زافًا لأجيال وأجيال.