الحدث

رسالة عون.. تصعيد يرسم نهاية حكومية غير سعيدة!…   

 

 غسان ريفي-سفير الشمال

تطوران بارزان سيطرا على المشهد السياسي اللبناني أمس، الأول من صنع وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الأعمال شربل وهبي، والثاني من بنات أفكار رئيس الجمهورية ميشال عون وفريقه الاستشاري.

في التطور الأول، أمعن الوزير وهبي في ضرب علاقات لبنان مع دول الخليج وفي مقدمتها السعودية بمواقف أطلقها في مقابلة تلفزيونية خرج فيها عن الأعراف والأصول الدبلوماسية وعن اللياقة وأدب التخاطب، فبدا كناشط حزبي “موتور” تصرف بردات فعل ورمى الاتهامات جزافا، وأكمل بالتالي الصورة السيئة للوزراء المحسوبين على فريق العهد وقاد حكومة حسان دياب الى “إنجاز” جديد هو التوجه نحو عزل لبنان بالكامل عن محيطه، لولا المواقف اللبنانية المستنكرة والمستهجنة لكلامه والتي حاولت إحتواء الأزمة المستجدة.

أما التطور الثاني فتمثل بالرسالة التي وجهها الرئيس عون الى رئيس مجلس النواب نبيه بري حول مسؤولية الرئيس سعد الحريري عن عرقلة تأليف الحكومة ومطالبته بمناقشتها في مجلس النواب وإتخاذ التوصية المناسبة بشأنها.

وبغض النظر عن دستورية وقانونية خطوة رئيس الجمهورية والتي ستشهد نقاشا واسعا خلال الأيام المقبلة، فإن عون لعب آخر أوراقه لاحراج الحريري وإخراجه، حيث ذهب الى التصعيد ورفع السقف الى أعلى مستوى، الأمر الذي سيؤدي الى مزيد من التعقيد والعرقلة ومن تأخير تشكيل الحكومة في ظل تشبث الأطراف المعنية بمواقفها.

بدا واضحا أن رسالة عون ليست بنت ساعتها أو وليدة ردة فعل معينة، بل هي مدروسة من ناحية المواد الدستورية التي تعطي رئيس الجمهورية الحق باللجوء الى مخاطبة مجلس النواب للضغط من أجل تشكيل حكومة تعالج الأزمات، وهي تضمنت كل ما يحمله فريق المستشارين برئاسة سليم جريصاتي من “غلّ” للرئيس الحريري بتحميله المسؤولية الكاملة عن عدم تشكيل الحكومة، متناسين 18 جلسة عقدها الرئيس المكلف مع عون، والتشكيلة التي قدمها له بعد أربعين يوما من تكليفه وما تزال أسيرة أدراج مكتبه.

وبدا أيضا، أن رئيس الجمهورية إستند في رسالته الى سحب فرنسا لمبادرتها حول تشكيل الحكومة بعدما فشلت وذلك بإعتراف وزير خارجيتها جان إيف لودريان، والايحاء بأن الحريري فقد السبب الرئيسي الذي ترشح على أساسه وهو تشكيل حكومة “مهمة” وفقا للمبادرة الفرنسية، وبالتالي بات عليه أن يختار إما أن يشكل حكومة بالتشاور والتوافق مع عون وليس بالضرورة هذه المرة أن تكون من الاختصاصيين بل يمكن أن تكون تكنوسياسية، أو سياسية أو أن يتجه للاعتذار وإفساح المجال أمام شخص آخر قادر على التعاون مع رئيس الجمهورية.

واللافت أن رسالة عون أدخلت البلاد في مرحلة جديدة من الصراع، فبعدما كانت الكرة في ملعب عون والحريري دخل إليه لاعبا ثالثا هو الرئيس نبيه بري الذي بات لزاما عليه أن يدعو مجلس النواب لمناقشة رسالة رئيس الجمهورية، والتي تتوقع مصادر سياسية أن تصب نتائج مناقشتها في مصلحة الحريري خصوصا أن الوضع لا يحتمل أي إستفزاز لأي طائفة وخصوصا السنة، كما أن الأكثرية النيابية لن ترضى بإضعاف الحريري أمام عون ولا بكسر رئيس الجمهورية أمام الرئيس المكلف، ما يعني التفتيش عن حلول وسطية لن تفضي الى الخروج من الأزمة، في وقت تزداد فيه التعقيدات في العلاقة بين عون والحريري بما يجعل تشكيل الحكومة من المستحيلات، إلا من خلال تطورات دولية وإقليمية من شأنها أن تفرض الحل على الطرفين.

تقول مصادر سياسية مطلعة: إن الرئيس عون يستقوي اليوم بحلفائه أكثر من أي وقت مضى، مستفيدا من تقدم “محور المقاومة” في ظل العدوان الصهيوني على غزة، لذلك إستغل اللحظة المناسبة للانقضاض على الرئيس المكلف والضغط عليه لتشكيل حكومة وفق شروطه أو تحميله مسؤولية الانهيار الحاصل، لكن وبحسب تلك المصادر فقد فات عون أن الحريري يشكل خيار “محور المقاومة” أقله في لبنان، ما يعني أن الحريري لن يتنازل وسيذهب نحو تصعيد مماثل، ما سيؤدي الى طريق مسدود ونهايات حكومية غير سعيدة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى