تحقيقات - ملفات

خليل العالول: كيف نفسر ظاهرة الانحطاط والتصهين بين العرب ولاسلاميين

 

خليل العالول

نهضة الفكر الاسلامي بدأت في النصف الاول من القرن العشرين مع انتشار النهضة العلمية والتي تلازمت مع نهضة الفكر القومي العربي والتي كانت اهدافهما مشتركة وليست متناقضة وهي التحرر من الهيمة الاستعمارية وتوحيد شعوبنا وتحقيق النهضة الاقتصادية لشعوبنا العربية، ما يؤكد ذلك كانت جميع الثورات المسلحة للشعوب العربية ضد الجيوش الاستعمارية الغربية في اواسط القرن الماضي ذات طابع عروبي اسلامي.

الدول الاوروبية التي استعمرت الوطن العربي وقسمتة فيما بينها كانت قد درست الدين الاسلامي من خلال جامعاتها ومن خلال إرسال المستعربين الغربيين الذين تعلموا العادات العربية ودرسوا وتفهموا الدين الاسلامي وطوائفة كي يستخدموة في خدمة مصالحهم الاستعمارية ضد المسلمين مثل زرع الفتن والنزاعات في المجتمعات العربية والاسلامية.

عندما إضطرت الدول الاستعمارية سحب جيوشها من الدول العربية نتيجة المقاومة الشعبية والمسلحة كانت قد أعدت عائلات عربية موالية لها لتحكم الدول العربية وبقيت تشرف على الانظمة العربية التي صنعتها وتوجة سياساتها من خلال السفارات والخبراء والمستشاريين العسكريين والمدنيين.

قامت إنقلابات عسكرية ضد بعض الانظمة الملكية التي أقامتها الدول الاستعمارية في العراق وسوريا ومصر وليبيا والسودان لهدف تحرر الشعوب العربية ونهضتها واستقلالها ووحدتها كما كانت تدعي ولللاسف الشديد فشلت فشلا ذريعا في تحقيق أي هدف من أهداف وتطلعات الشعوب العربية، وصارت حكوماتها تمارس الفساد والاستبداد والقمع والقتل ضد الشرفاء الذي كانوا يطالبون بأللاصلاح.

منذ قرن من الزمان والشعوب العربية تعاني الامرين من أنظمة الفساد والاستبداد والارهاب ضد شعوبها نعم الانظمة العربية تمارس الارهاب ضد شعوبها ، وهي في تراجع وانحطاط رغم أن الشعوب العربية والوطن العربي يملك كل مصادر ومقومات النجاح والتقدم ليصبح من أفضل شعوب العالم .

صحيح ان الدول الاستعمارية الغربية لا زال لها نفوذ قوي على الانظمة العربية وصحيح أن اسرائيل التي زُرعت في فلسطين قلب الوطن العربي تعمل ليل نهار مع الدول الغربية الاستعمارية لمنع تحرر الشعوب العربية ووحدتها حتى لا تقوم قائمة لللامة العربية لان ذلك يتناقض مع مصالحها ، وصحيح ان الدول الغربية الاستعمارية ( ألديمقراطية) هي التي تدعم الانظمة العربية الفاسدة والمستبدة وهي التي تحافظ على بقائها كما قال الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، رغم كل ذلك تبقى ألنخب العربية من أحزاب وحركات ونقابات وغيرهم هي المسؤولة والتي تتحمل المسؤولية الكاملة عن الفشل والانحطاط العربي لللاسف لاننا لا نستطيع أن نلوم الاعداء بل نلوم انفسنا

السلاح الاقوى الذي تستخدمة الدول الاستعمارية والانظمة العربية التابعة لها والتي لها نفس الاستراتيجية ، السلاح الذي تستخدمة هوسلاح الفتنة والتشتت والصراعات الداخلية بين افراد الشعب الواحد وذلك باستخدام المال والاختراق المخابراتي.

لقد استطاعت بريطانيا توظيف قيادات فلسطينية من عائلات فلسطينية متنفذة ضد الثورة الفلسطينية عام 1936 ، كما استطاعت اجهزة المخابرات المعادية اختراق أجهزة منظمة التحرير الفلسطينية منذ تأسيسها وجعلتها منظمة فاسدة وفاشلة رغم اندفاع ملايين من الشباب العربي ألمتعطش لللانخراط في القتال ضد الكيان الصهيوني، إلاً ان كل ذلك أُجهض من قبل القيادات الفاسدة، القيادات التي أعلنت استسلامها لاسرائيل بدون اي مبرر والتي صارت تتعاون أمنيا مع الاحتلال الاسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني .

كيف يمكن أن نفسر قيادات اسلامية في فلسطين المحتلة استطاعت تقسيم الوحدة الفلسطينية داخل الخط الاخضر واعلان انضمامها الى اليمين الصهيوني والذي وصفة الاعلام الصهيوني بألتصهين بحجة انها تريد خدمة الفلسطينيين داخل الخط الاخضر( 1948) .

كيف يمكن أن نفسر تطبيع حكومة حزب العدالة والتنمية المغربي( الاخوان المسلمين) مع اسرائيل واعلان وزيرخارجيتها في اجتماعة مع اللوبي الصهيوني الامريكي( إيباك ) استعدادة للتعاون الاستراتيجي مع الصهاينة.

كيف يمكن تفسير القيادات ألسنية المهيمنة في لبنان والمدعومة سعوديا تبنيها الموقف الامريكي الصهيوني وإعلانها الحرب على حزب اللة اللبناني الذي يدافع عن أرض لبنان واستقلالة ومصالحة وكرامته واتهامة بأنة غير لبناني.

كيف يمكن تفسير موقف أعضاء البرلمان العراقي من الطائفة السنية رفضهم التصويت مع باقي أعضاء البرلمان العراقي لسحب القوات الامريكية والاجنبية من العراق من أجل استقلاله من الاحتلال الامريكي الصهيوني ، هل هذا فعلا موقف المسلمين السنة الذي يشهد لهم التاريخ في مقارعة المحتلين.

كيف يمكن تفسير تحالف حزب الاصلاح اليمني الاخواني مع العدوان السعودي الامريكي على اليمن وتدمير اليمن ،ورفضهم التحالف مع أنصار اللة الذين يطالبون بحرية اليمن واستقلالة، ومن المعروف ان السعودية هي العدو الاول التي تقف ضد تحرر الشعوب العربية وحريتها واستقلالها وتنفق بلايين الدولارات من أجل ذلك.

كيف يمكن تفسير تقسيم الاخوان المسلمين في الاردن الى موالي للنظام ومعارض يطالب بألاصلاح ، وكيف نفسر العداء بين القوميين واليساريين من جهة والاسلاميين من جهة اخري مع ان الجميع يمكن ان يتفقوا على أغلب المطالب الشعبية المطالبة بألاصلاح، إذا لماذا التشتت والتمزق والنزاع والجميع شركاء في الوطن، وهذا ينطبق على جميع الدول العربية.

مبادئ الدين الاسلامي العظيمة لا تقبل الخنوع للمحتلين والمستعمرين وهي مع الحرية والتحرر والاستقلال السياسي والاقتصادي والوحدة ، وهي نفس مبادئ القوميين العرب واحرار العالم، مبادئ الدين الاسلامي تمثلها الثورة الاسلامية في ايران وثورة المقاومة الاسلامية في قطاع غزة ضد الاحتلال الصهيوني.

إذا ما تفسير هذا ألتشتت والتفكك والصراعات الداخلية في كل البلاد العربية مع أن جميع الشعوب العربية تريد الحرية والتحرر والاستقلال والتنمية والتقدم والمواطنة المتساوية وبناء الديمقراطية والوحدة. والشعوب العربية في أحوج ما تكون الي تجميع كل القوى الوطنية في كل بلد عربي لتحقيق هذة الاهداف.

التفسير ألوحيد في رايي لهذا التشتت والتمزق والصراعات الداخلية والتي نتيجتها الانحطاط والتخلف يرجع لسببين رئيسيين:

السبب الاول هو الاختراق المخابراتي لللاحزاب والحركات السياسية والنقابات وخاصة في القيادات عن طريق زرعها والتي يمكن استخدامها في الوقت المناسب لإبطال فعالية الاحزاب والحركات السياسية في التغيير مثل توظيفها في خلق الفتن والخلافات ومنع الحوار البناء الذي يمكن ان يحل كل الخلافات بين القيادات الوطنية المخلصةعلى أُسس المصالح الوطنية، كما هو معروف يوجد تنسيق أمني ومخابراتي بين اسرائيل ومعظم الدول العربية المرتبطة مع المشروع الامريكي وهي ذات قدرة وخبرة مهنية عالية.

السبب الثاني هو الرشاوي المالية الكبيرة التي تقدم لبعض القيادات والتي يتم احتوائها وتوجيهها لصالح القوى المعادية لمصالح الشعوب العربية وتحررها وهناك أقلية من القيادات الملتزمة التي ترفض هذة الاغراءات ، وهناك أمثلة كثيرة على هذة الممارسات تحدث في عدة دول عربية بشكل واضح في لبنان والعراق وتونس ومعظم الدول العربية ولا نريد التوسع في التفاصيل.

الذي يتحمل المسؤولية كاملة عن هذا الانحطاط العربي هي النخب العربية والاسلامية من احزاب وحركات وغيرها التي تبنت مطالب الشعوب العربية في الحرية والتحرر والوحدة والتي لا يوجد امامها إلا الحوار والتوحد من أجل التغيير السلمي في الوطن العربي ليكون الشعب هو مصدر جميع السلطات.

كاتب سياسي فلسطيني في كندا

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى