تحقيقات - ملفات
شينكر بَعْد الإعلام العبري: «إسرائيل» غير مستعدة لترسيم الحدود
الأخبار- ميسم رزق
كانت «مستغربة» دعوة لجنة الشؤون الخارجية النيابية إلى جلسة، الخميس الماضي، لمناقشة ملف ترسيم الحدود البحرية جنوباً، والمفاوضات غير المباشرة مع العدو الإسرائيلي. المعلوم أن الملف في الداخل أصبَحت تعقيداته أكثر من تلكَ التي تُعيق المداولات على طاولة الناقورة، بسبب الخلاف حول توقيع تعديل المرسوم 6433، لإضافة 1430 كيلومتراً مربعاً إضافية إلى حقوق لبنان، إن كان لجهة الطرف المخوّل بالتوقيع، أو حتى بالنسبة الى مقاربة التعديل ككل. لكنها جلسة «ضرورة» كانَ من المفترض أن تحضرها وزيرة الدفاع زينة عكر، وحالَ انشغالها دون ذلك. والضرورة، كما فسرها النواب ورئيس اللجنة النائب ياسين جابر، هي «لأهمية الملف وحساسيته»، ثم «لملمته من الإعلام كونه صارَ مادة للأخذ والردّ ما لا يتناسب مع قضية بهذا الحجم»! الجلسة تحولت الى ما يُشبه الندوات التي عقدها الوفد العسكري – التقني المفاوض في عدد من الجامعات، من أجل شرح وجهة نظره في ما يتعلق بالخط 29 الجديد الذي طرحه لبنان. وسمِع النواب الحاضرون الكلام ذاته تقريباً من الوفد عن هذا الخط باعتباره «خطاً للتفاوض»، وعن «أهمية اعتماده استراتيجياً ومرتكزاته القانونية وفعاليته في حماية البلوك 9»، وذلِك من خلال الإشارة، الى أن «الخط 29 هو الحد الأقصى، والهدف هو تحصيل مساحة أكثر من المنطقة المتنازع عليها أي الـ 860 كيلومتراً». لكن بمعزل عن الشروحات التقنية التي قدمها الوفد، والنقاشات التي حصلت مؤكّدة «الوقوف خلف الوفد والدعوة الى تدعيم موقفه في المفاوضات»، كان الموقف السياسي الذي يُبنى عليه يخرج من مكان آخر. ففي أول تصريح أميركي علني، بعدَ الجلسة الخامسة الأخيرة، أعطى مساعد وزير الخارجية الأميركي السابق ديفيد شينكر (الذي تولى إدارة الملف في عهد الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب) إشارة إلى توقف المفاوضات نهائياً، قائلاً في مقابلة مع قناة «الحرة» الأميركية (تمولّها الحكومة الأميركية) إن «الموقف الذي قدمه لبنان في مفاوضات الترسيم لم يأتِ بحل. إسرائيل تستخرج الغاز وغبر مستعدة للتوصل إلى اتفاق مع لبنان، بينما الدولة اللبنانية تعتبر أن لديها كل الوقت». وتطرّق شينكر الى موضوع الترسيم مع سوريا، مكرراً سردية انتهاك سوريا سيادة لبنان وإبرامها اتفاقات مع شركات روسية للتنقيب واستخراج الغاز في المياه التابعة للبنان وهو لا يهتم بانتهاك سيادته». وأضاف أن «مفاوضات الترسيم سخيفة ولن تنجح».
هذا القدر الذي اكتفى به شينكر لاختصار تطورات ملف المفاوضات وما آلت إليه، يترك علامات استفهام حول مصير هذه المفاوضات، علماً أنه لم يعُد في موقع قرار. لكن من المعروف قرب شينكر من الإسرائيليين وعلاقته القوية بهم، ما يدفع لعدم إغفال هذا التصريح، والأخذ بالحسبان إمكانية أن يكون هذا الموقف رسالة اسرائيلية للضغط على لبنان ودفعه للتراجع عن موقفه، خصوصاً أن الإعلام العبري سبقَ وأن أوردَ في تقاريره بعدَ انتهاء الجولة الخامسة الأسبوع الماضي ما يُشبه النعي لهذه المفاوضات (راجع «الأخبار»، الخميس 6 أيار 2021: «إسرائيل «تنعى» مفاوضات الترسيم: وصلنا إلى طريق مسدود»).في المنطقة تطورات متدحرجة تجعَل من ملف المفاوضات ما بينَ مدّ وجزر. فرغم الغليان السائد فيها، تحوّل لبنان إلى «طبق بارد» حالياً. مع ذلك، يبقى الحديث عن توقف نهائي لملف الترسيم أمراً مبالغاً فيه، لأن التطورات يُمكن أن تذهب في اتجاه ضرورة إحيائه مجدداً، بحسب رغبة الإدارة الأميركية الجديدة. لكن حتى حينه، وبينما دخلت «إسرائيل» مرحلة التنقيب واستخراج الغاز، هل يبقى لبنان متفرجاً يناقش «خطوطه» في الغرف المغلقة؟