وثائق: الجيش الصيني ناقش استخدام كورونا كسلاح بيولوجي عام 2015
إنجي مجدي – صحافية
كشفت وثائق حصلت عليها وزارة الخارجية الأميركية، أن علماء من الجيش الصيني ناقشوا عام 2015 استخدام الفيروسات التاجية كسلاح بيولوجي، وهو ما جاء في وثيقة عسكرية تنبأت بأن العوامل البيولوجية ستكون السلاح المستخدم في حرب عالمية ثالثة.
بينما يصارع العالم وباء كورونا وهو أحد الفيروسات التاجية، وسط انتقادات واسعة للصين بشأن أصل الفيروس والتعامل معه، كشفت الوثائق التي كتبها 18 عالماً وخبير أسلحة لدى جيش التحرير الشعبي الصيني، وصف الفيروسات التاجية بأنها “تنذر بعصر جديد من الأسلحة الجينية”.
ووفقاً لما جاء في صحيفة “ذا أستراليان”، فإن وثائق حكومية صينية مسربة بعنوان “الأصل غير الطبي للسارس والأنواع الجديدة من الفيروسات التي يصنعها الإنسان كأسلحة بيولوجية جينية”، كتبها عسكريون صينيون ومسؤولون من الصحة العامة في بكين، ناقشت استخدام الفيروسات التاجية كسلاح، إذ يمكن التلاعب بهذه الفيروسات ويتم إطلاقها كأسلحة.
وأفادت الصحيفة، أن الوثائق كانت جزءاً من تحقيق خاص لدى مسؤولي وزارة الخارجية الأميركية، يتعلق بمنشأ فيروس كورونا الذي يعرف علمياً بـ (SARS-CoV-2). وفي حين لم يعلق المسؤولون الأميركيون على ما جاء في الوثيقة، غير أن التفاصيل الجديدة تثير مجدداً أسئلة حول دور الصين في انتشار الفيروس القاتل مع مخاوف كبيرة بشأن شفافية الصين حول أصول ونشأة الفيروس.
“انهيار النظام الطبي للعدو”
تقول الوثائق الصادرة باللغة الصينية التي تم الكشف عنها في كتاب سيصدر قريباً بعنوان “ماذا حدث بالفعل في ووهان”، إن هجوماً بسلاح بيولوجي قد يتسبب في “انهيار النظام الطبي للعدو”. وتذكر أنه “بعد التطورات في المجالات العلمية الأخرى، حدثت تطورات كبيرة في إيصال العوامل البيولوجية. على سبيل المثال، فإن القدرة المكتشفة حديثاً على تجميد الكائنات الدقيقة وتجفيفها جعلت من الممكن تخزين العوامل البيولوجية وإطلاقها في الجو أثناء الهجمات”.
وأشارت الوثائق في مراجعها إلى عمل سابق للعقيد في سلاح الجو الأميركي مايكل ج. أينسكوف الذي توقع أن الحرب العالمية الثالثة سيتم خوضها بأسلحة بيولوجية. وبحسب الصحيفة فإن 10 من مؤلفي الوثائق هم علماء وخبراء أسلحة يتبعون لجامعة القوات الجوية الطبية في شيان بالصين.
وقال روبرت بوتر، المتخصص في الأمن الرقمي، إنه تم التحقق من صحة الوثائق وأنها صادرة عن باحثين وعلماء لدى جيش التحرير الشعبي الصيني. وأضاف بوتر الذي عمل مع حكومات الولايات المتحدة وأستراليا وكندا، “تمكنا من تحديد نشأتها على الإنترنت الصيني”.
اتهامات للصين
والأسبوع الماضي، أثار الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو أيضاً أسئلة جدية في انتقاده لتعامل الصين مع الفيروس. وأشار إلى أنه ربما قامت الصين بتطوير العامل الممرض في المختبر ونشره على أنه “حرب بيولوجية” لتحقيق مكاسب اقتصادية.
ووفقاً لصحيفة “برازيليان ريبورت”، فإن بولسونارو أثار شكوكاً حول أصل الفيروس التاجي وتساءل “ألا نواجه حرباً جديدة؟” وأشار إلى أنه بينما لا يعرف العالم حتى الآن أصل الفيروس “لكن الجيش (الصيني) يعرف كل شيء عن الحرب الكيماوية والبيولوجية والإشعاعية. هل يمكن أن نخوض حرباً جديدة؟ أتساءل. أي بلد نما الناتج المحلي الإجمالي أكثر؟”.
ونشرت عالمة الفيروسات الصينية الهاربة لى مينغ يان، على حسابها على “تويتر”، بعض أجزاء التقرير قائلة إن “الوثيقة التي تتوقع حرباً عالمية ثالثة بالأسلحة البيولوجية تعد كتاباً مدرسياً جديداً (صدر عن الجنرال ديغونج شو، 2015)”، مشيرة إلى أنها ستترجمها إلى الإنجليزية مع متطوعين صينيين.
ومينغ يان هي واحدة من العلماء الصينيين الذين زعموا أن الفيروس تم تطويره من مختبر. وقالت في مقابلة صحافية مع صحيفة “ذا ويك” في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، إن العلماء الذين يرفضون نظرية النشأة في المختبر، يكذبون. وانتقدت الدراسات العلمية التي تقترح التطور الطبيعي للفيروس.
وتقول مينغ يان، إن عائلتها تتعرض لمضايقات من قبل الحكومة الصينية بسبب آرائها. وفي الشهر الذي أصدرت فيه ورقتها البحثية الثانية حول أصل الفيروس، قائلة إنه ناتج من دمج اثنين من فيروسات كورونا ذات الصلة بالخفافيش، احتجزت الحكومة الصينية والدتها البالغة من العمر 63 سنة.
ونقلت صحيفة “ذا أستراليان” عن النائب والسياسي الأسترالي جيمس باترسون قوله، إن هذه الوثائق “تثير مخاوف كبيرة بشأن طموحات بعض أولئك الذين ينصحون القيادة العليا للحزب (الحزب الشيوعي الصيني الحاكم)”. ووصف اهتمام الصين الواضح بالأسلحة البيولوجية بأنه “مقلق للغاية”، مشيراً إلى أن “هذه الأسلحة خطيرة” حتى في ظل أعلى القيود.
الصين تنفي
ولم تعلق بكين على التقارير الأخيرة، لكن لطالما رفضت السلطات الصينية الاتهامات الخاصة بتطوير فيروس كورونا داخل مختبر في مدينة ووهان، التي ظهر فيها الفيروس أولاً. وفي فبراير (شباط) الماضي، أصدرت منظمة الصحة العالمية تقريراً يستبعد تسرب الفيروس من مختبر، ويقول، على الأرجح فإنه انتقل من الخفافيش إلى البشر عبر حيوان وسيط. ومع ذلك فإن مدير منظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبريسوس، عاد وأشار إلى أن الأمر يحتاج إلى مزيد من التحقيقات الواسعة للتعرف على أصل نشأة الفيروس.
وفي حين أكد فريق الباحثين المكون من علماء صينيين وخبراء منظمة الصحة العالمية، أن الأمر الأكثر احتمالاً لانتقال فيروس كورونا يشمل الخفافيش وغيره من الحيوانات البرية، مستبعدين في دراسة مشتركة احتمال تسرب الفيروس من مختبر، فإن الأمر قوبل برد من 24 عالماً وباحثاً من أوروبا والولايات المتحدة وأستراليا واليابان باتهام الدراسة أنها “مسيسة”. وبحسب وكالة “رويترز”، فإنه في خطاب مفتوح، في مطلع أبريل (نيسان) الماضي، طالب العلماء والباحثون بتحقيق جديد في منشأ الفيروس سواء بمشاركة أو غياب الصين.
والأسبوع الماضي، أفادت صحيفة “واشنطن بوست”، الأميركية، أن عدداً من أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس الأميركي، بدأوا تحقيقات خاصة في أصل فيروس كورونا، مطالبين الوكالات الحكومية الأميركية بكشف ما لديهم من معلومات أمام الشعب الأميركي.
وسابقاً كشف مسؤول رفيع من فريق التحقيق التابع لمنظمة الصحة العالمية، المعني بالبحث عن منشأ فيروس كورونا، أن تفشي الفيروس في مدينة ووهان الصينية خلال ديسمبر (كانون الأول) 2019، كان أوسع كثيراً مما يُعتقد سابقاً، مضيفاً أن المحققين يسعون بشكل عاجل للوصول إلى مئات الآلاف من عينات الدم التي لم تسمح الصين بفحصها.
وتعهدت الصين بالشفافية في تحقيق منظمة الصحة العالمية. ورداً على انتقادات البيت الأبيض الذي طالب بكين بإتاحة بيانات عن الأيام الأولى لتفشي الفيروس، وقال متحدث باسم السفارة الصينية في واشنطن، في بيان شديد اللهجة، في فبراير الماضي، إن الولايات المتحدة أضرت بالتعاون متعدد الأطراف وبالمنظمة خلال السنوات الأخيرة، ولا ينبغي لها أن “توجه أصابع الاتهام” إلى الصين وغيرها من الدول التي دعمت منظمة الصحة خلال الجائحة.