نون -اللواء
فشل زيارة الوزير الفرنسي جان إيف لودريان لم يُفاجىء أحدا، لأن الأجواء المتوترة في باريس التي سبقت الزيارة، والتي أحاطت بالمحادثات «الناشفة» في بيروت، حملت أكثر من إشارة عن الغضب الفرنسي من الساسة اللبنانيين، الذين تسببوا بأقسى خيبة أمل للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.
عوض أن تؤدي الزيارة إلى حصول خرق في الأزمة الحكومية، وإنقاذ المبادرة الفرنسية المترنحة، فقد إنتهت لقاءات لودريان المقتضبة في بيروت بدفن مبادرة ماكرون، وطي صفحة الآمال العريضة التي عُلّقت على زيارتي الرئيس الفرنسي إلى لبنان، وما أسفرت عنه من خريطة طريق لإنقاذ وطن الفرانكوفونية في المشرق من الإنهيارات التي يتخبط فيها.
الوضع السياسي في لبنان بعد الخروج الفرنسي المدوّي ليس مثل ما قبله، لأن المبادرة الفرنسية كانت عنوان المرحلة الحالية، والتي تم على أساسها ترشح الرئيس سعد الحريري لرئاسة الحكومة بدعم مباشر من الرئيس الفرنسي الذي إتصل أكثر من مرة بالرئيس اللبناني لتمرير تكليف الحريري بتشكيل الحكومة بأسرع وقت ممكن.
العقبات التي اعترضت جهود الرئيس المكلف في إنجاز التأليف، وحالة التباعد والنفور التي غلّفت علاقته برئيس الجمهورية وفريقه السياسي، مرشحة للتزايد في الفترة المقبلة، الأمر الذي يُعقّد مهمة الحريري، ويجعل من الولادة الحكومية ليس إحتمالا عسيراً وحسب، بل ويكاد يكون مستحيلاً، ولعل هذا ما دفع الرئيس المكلف إلى التفكير بالاعتذار، ومغادرة مركب السلطة مرة ثانية في أقل من سنتين.
هذه التطورات السلبية المتسارعة من شأنها أن تُضاعف تداعيات الانحدار المخيف، والذي يدخل مداراً خطراً الأسبوع المقبل مع زحف العتمة إلى مختلف المناطق اللبنانية، والاستعداد لرفع الدعم عن السلع الأساسية، وتعثر مسار البطاقة التمويلية التي لن ترى النور في فترة وشيكة، بسبب الخلافات المستفحلة بين الأطراف التي تعمل على إنجازها منذ فترة ليست قصيرة.
كل ذلك ولبنان ما زال أسير عزلة عربية وغربية غير مسبوقة في تاريخه، وضحية سلطة عاجزة، حتى عن إدارة الأزمة الخانقة، إلى جانب فشلها الموصوف في وضع خطة إنقاذية قبل فوات الأوان.
01203766656584
124 دقيقة واحدة