التحالف بين القاهرة وأنقرة مستبعد
اعتبر الخبير في الشؤون الدولية صلاح لبيب، أن التحالف الاستراتيجي بين مصر وتركيا “أمر مستبعد”، مرجعا ذلك إلى “اختلاف المشروعين وتناقضهما”.
ويقول لبيب في تصريحات لموقع “سكاي نيوز عربية”، إنه “لم يحدث تقارب سياسي بين البلدين حتى الآن، وفي المنظور القريب لن يتم ذلك، لكن ما يتم هو تفاهمات على المستوى الأمني، الهدف منها قياس مدى التزام تركيا بالتوقف عن دعم التنظيمات والجماعات الإرهابية التي تعمل على الإضرار بمصر من على أراضيها”.
ويضيف، “كما تهدف هذه التفاهمات إلى توقف تركيا نهائيا عن مشروعها الداعم للقلاقل والمشكلات في المنطقة، لصالح أجندتها”.
وحول أهم مجالات التعاون بين البلدين، يقول لبيب إن تركيا “تسعى جاهدة نحو مصر لإعادة ترسيم الحدود معها فيما يتعلق بمياه شرق المتوسط، لكن الخطوة التي اتخذتها مصر بترسيم حدودها مع اليونان وقبرص يقطع عليها الطريق في هذا المجال، وإن كان هناك مجال محدود لمناقشة الأمر بين الطرفين ولكن في حدود ضيقة”.
ويشير لبيب إلى أن التصريحات الرسمية من تركيا بشأن رغبتها في التوافق مع مصر على المستوي الرئاسي والحكومي، لم تقابلها سياسات مماثلة من مصر، معللا ذلك بالقول إن “العداء بدأ من الجانب التركي وليس العكس، كما أن تركيا اتخذت سياسيات عدائية تجاه مصر خاصة بتعمد دعم الإرهاب وتقديم الدعم المادي واللوجيستي للجماعات المعادية لمصر”.
ويتابع، “حكومة العدالة والتنمية لن تتخلى عن مشروعها الداعم للإسلام السياسي والثورات والقلاقل في المنطقة، مقابل التوافق الاستراتيجي مع مصر”، مؤكدا أن مشروعي القاهرة وأنقرة “متناقضان ولا يمكن التقريب بينهما، خاصة على مستوى التحالفات الخارجية والملفات الإقليمية”.
ويرى لبيب أن تركيا قدمت خطوات تبدو إيجابية فيما يتعلق بالملف الليبي والتواجد العسكري التركي هناك، وهو الأمر الذي سبب إزعاجا للقاهرة، عبرت عنه بوضع خطوط حمراء في سرت والجفرة، وكذلك حشد القوى الدولية لمناهضة التواجد العسكري للقوى الأجنبية، وفي مقدمتها المرتزقة المدعومين من تركيا على الأراضي الليبية.
وعبر الخبير المصري عن رغبة بلاده في “تصفير مشكلاتها على المستوي الإقليمي، وتقليل حدة الخلافات مع الجيران والقوى الدولية وتوحيد الجهود حول ملف سد النهضة بهدف مواجهة التحدي المصيري المتعلق بأزمة السد، وفي المقابل تسعى أنقرة إلى احتواء السياسة الخشنة التي كانت بين البلدين”.
وبالتوازي مع الجهود الدبلوماسية التي تبذلها تركيا للتقارب مع مصر، وتكثيف التصريحات الرسمية من جانب المسؤولين لتلطيف الأجواء مع القاهرة، وإبداء مرونة في الملفات المتقاطعة بين البلدين، يظل ملف استضافة أنقرة لعناصر جماعة الإخوان المطلوبين لدى مصر على أراضيها، ووقف دعم الجماعات الإرهابية المعادية لمصر بأذرعها السياسية والإعلامية، محض خلاف بين الدولتين يهدد أي جهود للتقارب، مالم تتخذ الحكومة التركية إجراءات حاسمة بهذا الصدد.
ويزور وفد استخباراتي ودبلوماسي تركي رفيع، القاهرة مطلع مايو المقبل، في إطار الإجراءات التي تتخذها تركيا للتقارب مع مصر، ويأتي اللقاء بعد سنوات من القطيعة بين البلدين بسبب الرعاية التركية لجماعة الإخوان، لكن مراقبون لا يعولون على أهمية الحوار إذا لم تتخذ أنقرة إجراءات حاسمة بهذا الملف. ويرجع بعض المراقبون تأخر التفاهمات إلى “بطء الإجراءات التركية فيما يتعلق بملف تسليم قيادات جماعة الإخوان المقيمين على أراضيها، وعدم الإعلان رسميا عن وقف كافة المنصات الإعلامية التي تبث خطابا معاديا لمصر”.
من جانبها، أكدت تركيا “جدية” التعامل مع كافة الشروط التي وضعتها مصر، وبدأت خطوات تدريجية بوقف الإعلام الإخواني، فيما أفصحت مصادر عن نية الحكومة وقفه نهائيا في مايو المقبل، بالتزامن مع زيارة الوفد الاستخباراتي التركي للقاهرة، بينما لوحت أنقرة مرارا برغبتها في التنسيق الأمني مع القاهرة لتسليم المطلوبين لدى جهات التحقيق.