هل يُدوّر ميقاتي الزوايا إذا ما جرى تكليفه غداً.. فيؤلّف الحكومة سريعاً ؟!
دوللي بشعلاني-الديار
يُفترض أن تتكشّف نتائج اللقاءات والإتصالات السياسية قبل يوم غد الإثنين، فيما يتعلّق بالإستشارات النيابية المُلزمة التي ستنتهي بتكليف الشخصية السنيّة التي ستنال أكثرية أصوات النوّاب الحاليين. وحتى الساعة يبدو واضحاً أنّ المرشحَين الأكثر حظّاً هما رئيس الحكومة الأسبق نجيب ميقاتي الذي بدأ مشاوراته مع جميع الأفرقاء بعد عودته الى لبنان من اليونان، والسفير السابق والقاضي الحالي نوّاف سلام. علماً بأنّ الدفّة تميل الى ميقاتي كونه «يجيد تدوير الزوايا، على ما قال رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، وهو من النوع المتعاون الذي يأخذ ويعطي»، على ألاّ تحصل عليه الضغوطات من قبل نادي رؤساء الحكومات السابقين للتشدّد وكسب الشارع السنّي، ما من شأنه العودة الى مسألة التكليف من دون إمكانية التشكيل.
وتقول مصادر سياسية عليمة بأنّ ميقاتي يريد التشكيل قبل التكليف، إذا ما جرت تسميته من قبل غالبية الكتل النيابية وتمّ تكليفه بتأليف الحكومة الجديدة.. فقد أصبح واضحاً أنّ «تيّار المستقبل» و»كتلة التنمية والتحرير» وعدد من النوّاب المستقلّين سيسمونه، و»حزب الله» لا يُمانع وصوله الى رئاسة الحكومة، و»الحزب التقدّمي الإشتراكي». فالثنائي الشيعي ينطلق من تسمية أي شخص يحصل على الإجماع السنّي من قبل دار الفتوى و»تيّار المستقبل» ونادي رؤساء الحكومات السابقين.. فيما يبقى خيار «تكتّل لبنان القوي» الذي يتّجه الى تسمية نوّاف سلام، رهن الساعة الأخيرة وكيفية تعاطي ميقاتي معه خلال الساعات المقبلة. علماً بأنّ حزب «القوّات اللبنانية» أعلن عدم تسمية أي شخصية كونه لا يودّ المشاركة في أي حكومة جديدة.
وأشارت الى أنّ لا شيء مؤكّدا حتى الساعة، فقد تبقى الأمور على حالها، حتى ولو جرى تكليف ميقاتي تشكيل الحكومة، إذا ما اعتمد المعنيون المنهجية ذاتها وتمسّكوا بالثلث المعطّل وبالمعايير وبالتسميات وغير ذلك… أمّا إذا اتفق الجميع على تأليف حكومة مؤقّتة للإنقاذ بما يُمكن، وإجراء الإنتخابات النيابية في موعدها، أي حكومة إنتقالية أو حكومة تكنوسياسية أو غير ذلك، فسيسعى عندها للتسهيل.
وفيما يتعلّق بالرئيس ميقاتي الذي سبق وأن شكّل حكومة أجرت الإنتخابات في العام 2005 بعد استقالة الحكومة آنذاك إثر اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ما قد يجعله يُوافق على تشكيل حكومة وقف الإنهيار ومواكبة الإنتخابات، لفتت المصادر نفسها الى أنّ الظروف مختلفة عمّا كانت عليه سابقاً. ولهذا فإذا لاقى ميقاتي الرئيس عون الى منتصف الطريق، فإنّ الأمور يُمكن حلحلتها خلال وقت قصير بدلاً من هدر المزيد من الوقت من عمر الوطن والعهد، هباء.
وأوضحت أنّ من سيُسمّي ميقاتي يعوّل على مرونته، وعلى تدويره الزوايا، وعدم معاداته لأي طرف سياسي، وعلى إمكانية تعاطيه مع جميع الأفرقاء، على عكس الحريري الذي رفض التشاور مع باسيل، على سبيل المثال، لتسهيل التشكيل. فإذا كُلّف ميقاتي للتشكيل، سيكون أمامه فرصة حقيقية، على ما ذكرت، لأن يكون «رئيس الحكومة الإنقاذي»، والى تبييض صفحته التي تلوّثت في فترة سابقة لدى اتهامه بتهريب أمواله الى الخارج وتحديداً الى بريطانيا، وبملفات أخرى تتعلّق بالفساد.
وحتى الساعة، تشير المعطيات الى أنّ ميقاتي لن يُمانع من قبول هذه المهمّة إلّا أنّه يريد أن يحصل على التعاون الداخلي معه قبل الخارجي لكي يتمكّن من لعب دور الإنقاذي الفعلي للوضع الإقتصادي والمالي والمعيشي الآيل الى الإنهيار الكلّي. وترى المصادر عينها، بأنّه لن يضع شروطاً للقبول بالتكليف، إلّا أنّه لا يريد أن يتكرّر معه ما حصل مع الحريري الذي وضع ورقة التكليف في جيبه نحو تسعة اشهر من دون أن يتمكّن من تشكيل الحكومة بسبب عدم وجود أي نيّة أو إرادة لدى المعنيين بالتأليف. أمّا اليوم، فإذا كان هناك نيّة فعلية داخلية وخارجية لولادة الحكومة سريعاً، لا سيما من قبل الولايات المتحدة وفرنسا، فلا بدّ من تقديم التسهيلات لميقاتي، وعدم وضع العراقيل أمام مهمّته.
وبرأيها، إنّ الحماس الدولي لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب اللبناني لا سيما عن طريق عقد المؤتمر الدولي الثالث لدعم الشعب اللبناني بمبادرة من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وبدعم من الأمم المتحدة، في الرابع من آب المقبل، بدلاً من 20 تمّوز الجاري، على ما كان مقرّراً، لما لهذا التاريخ من رمزية كونه يُصادف الذكرى الأولى لانفجار مرفأ بيروت، إذا ما ترافق مع تسهيل الحكومة، فستولد قريباً. ولكن في حال لم تقم دول الخارج بالتسهيل، وأصرّت على بقاء الوضع في لبنان على حاله، وعلى الغرق في المزيد من الفوضى على الصعد كافة، فإنّ ميقاتي في حال جرى تكليفه سيعتذر عن التشكيل، ونعود عندها الى نقطة الصفر، والى استمرار البلاد في ظلّ الحكومة المستقيلة التي لا تقوم بتصريف أي أعمال.
أمّا إذا وافق ميقاتي على التكليف، على ما أضافت، فإنّه سيكون رئيس الحكومات المقبلة، وليس فقط الحكومة الحالية، سيما إذا ما نجح في تشكيل حكومة التوازنات، واتخذت لاحقاً قرارات حاسمة فيما يتعلّق بوقف الإنهيار الإقتصادي وبمساعدة الناس على حلّ مشاكلهم العالقة، وسعت بالتالي الى المحافظة على الإستقرار السياسي والأمني في البلاد. غير أنّ كلّ ذلك يتوقّف على نوايا الداخل والخارج. فالجميع يعلم بأنّ الحريري لم يُشكّل لأنّ أحداً لم يكن يريد ولادة حكومة جديدة في لبنان خلال الأشهر الماضية، بسبب لعبة المصالح الشخصية والدولية في لبنان والمنطقة. فأي دولة لم تسعى فعلياً أو تضغط لتغيير الجمود القائم، وقد اكتفى الإتحاد الأوروبي بالتلويح بالعقوبات على السياسيين من الصف الثاني من دون أن يفرض اي منها. علماً بأنّ فرض العقوبات الأميركية على عدد من الشخصيات اللبنانية لم يؤثّر لا على أدائها ولا على مواقفها السياسية، أي أنّه لم يأتِ بالنفع على البلاد، لا بل على العكس أدّى الى حصول الإنهيار الإقتصادي والى معاناة جميع اللبنانيين غير المعنيين بها.
وختمت المصادر ذاتها بأنّه ثمّة إمكانية فعلية اليوم، بعد اعتذار الرئيس الحريري عن التشكيل، لإنقاذ البلد أو على الأقلّ لوضعه على السكّة الصحيحة له، من خلال تشكيل حكومة جديدة تبدأ بالإصلاحات المطلوبة وتُفرمل الإنهيار الحاصل. ومن سيُوافق على تحمّل هذه المسؤولية، أي على أن يكون رئيس الحكومة الإنتقالية، أمامه فرصة للبقاء في مكانه في المرحلة المقبلة الى حين تحقيق الإصلاحات الشاملة. فهل سيُوافق ميقاتي على خوض هذه المغامرة الإنقاذية، أم سيصطدم، كما سلفه، بالشروط والشروط المضادة، وبالعراقيل الآتية من الداخل والخارج؟