الحدث

بقرادوني: لو أن للرئيس فريقاً بديلاً عن خلية السبت

بقرادوني في زيارة إلى القصر

غادة حلاوي-نداء الوطن

كلما انسحب، أو ابتعد، أو انقلب، حليف قديم على رئيس الجمهورية ميشال عون حضر لقاء “خلية السبت” إلى الذاكرة مجدداً لاستطلاع من بقي من بين أعضائها إلى جانب الرئيس، ومن انقلب عليه أو غادره على زعل. تلك المجموعة التي واكبت الجنرال عون حتى صار رئيساً للجمهورية، لم يعد لها وجود. نظرياً، من يخوض معركة الرئيس ليس بالضرورة أن يحكم معه، بل ربما من الأفضل له أن يستعين بفريق عمل مختلف. قالها كريم بقرادوني في أحد الاجتماعات عن قناعة “إذا وصل الى الرئاسة فلا يمكن ان نستأثر بالجنرال وهناك قوى أخرى ومتنوعة ستكون الى جانبه”. وهذا ما يفعله الآن كما فعله سابقاً بعد انتخاب بشير الجميّل رئيساً للجمهورية.

“خضنا معه المعركة الرئاسية وفي اليوم الثاني عاودت العمل مجدداً في مكتبي كمحام، فاذا بالرئيس بشير يتصل بي “أين أنت؟” أجبته: اعمل في مكتبي. قمنا بما يجب القيام به وقد أصبحت رئيساً”.

كلقاء عفوي ولد لقاء خلية السبت في الرابية قبل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية بنحو ثلاث سنوات. ثبّت أعضاؤها: إيلي الفرزلي، كريم بقرادوني، سليم جريصاتي، عبد الله بو حبيب، حبيب افرام، والزميل جان عزيز، موعداً عند الحادية عشرة من نهار كل سبت، يناقشون خلاله على امتداد ساعتين أموراً اقتصادية وسياسية، مشكلين الحلقة الأقرب للجنرال.

في السبت الذي سبق انتخاب عون رئيساً قال الجنرال لأصدقائه “لا تؤاخذوني لن أستطيع إستقبالكم السبت المقبل حيث أكون قد اصبحت في القصر الرئاسي وعليّ أن أرتب اموري، لكن موعدنا في السبت الذي يليه حكماً”. وبالفعل انعقد اللقاء الاول لكنه كان الأخير، وبعدما اعتاد على أن يكون مستمعاً، استهل الجنرال هذا اللقاء شاكراً الحضور على جهدهم ومساعداتهم طالباً من كل شخص من الحضور طرح مطلب يود تحقيقه. بحسب رواية بقرادوني بدأ بالفرزلي الذي طلب منه المساعدة ليصبح نائباً فأجابه عون “من كل بد، لكن بدها تفاهم مع الحريري”، وتمنى جريصاتي أن يصبح مستشاره للشؤون القانونية او وزيراً للعدل. وحين وصل الدور اليه قال جان عزيز أنا حقي وصلني (كان مدير تلفزيون otv، ومستشاره الاعلامي)، بينما تمنى رئيس الرابطة السريانية حبيب افرام أن يكون مستشاره لشؤون الأقليات أو وزيراً عن الاقليات في الحكومة، وطلب عبد الله بوحبيب بوصفه سفيراً سابقاً ان يكون مستشاره للشؤون الاميركية، وحين وصل الدور الى بقرادوني أجابه “مسرور بوصولك وحين تحتاجني ستجدني الى جانبك حكماً”. ختم عون ذاك اللقاء بثلاث عبارات: “الشكر للحضور على جهودهم، والوعد بتلبية طلباتهم قدر الإمكان ولكن بدكم تطولوا بالكم عليي، وكلما دعت الحاجة وشعرت ان هناك امراً يحتاج الى مشاورتكم سأستدعيكم”.

منذ ذلك الحين وحتى اليوم لم يستدع الرئيس أصدقاءه وقد تفرق شمل غالبيتهم من حوله، إما عن زعل او عن خصومة “لأن الحلقة الحقيقية حوله هي جبران باسيل الذي تحوّل وحده الى فريق مؤثر” يقول بقرادوني. هذا لا يلغي ان عون حقق ما استطاع من رغبات، فصار الفرزلي نائباً، وجريصاتي وزيراً للعدل ثم مستشاراً للشؤون القانونية، وجان عزيز مستشاراً اعلامياً، بينما لم تتحقق رغبة بوحبيب وافرام ولم يتسلّما منصبيهما المتفق عليهما مع الرئيس وابتعدا، لحق بهما بعد عام ونصف تقريباً جان عزيز لان الحلقة المحيطة بالرئيس عن قرب لم تكف عن محاربته، أما الفرزلي فصار خصماً يدعو للانقلاب على عون ويطالب بتنحيته. وحده بقرادوني حافظ على علاقته مع عون، وبقي يتردد لزيارته في اوقات مختلفة “لم اقطع مع الرئيس. يجب الا ننسى ان لبنان هو البلد العربي الوحيد الذي يرأسه رئيس مسيحي يمكن ان يكون صلة تواصل داخل هذه الدول حيث الأقليات المسيحية”. يؤكد بقرادوني أن “أهمية المسيحيين في لبنان أنهم موجودون في الحكم، بينما هم في غير دول مقرّبون من الحكم، العيش المشترك والحكم المشترك هما اللذان يميزان لبنان ويجعلانه رسالة تحدث عنها البابا، برئيس غير مسيحي يفقد لبنان هذه الصورة”.

يعارض بقرادوني مواقف الفرزلي الأخيرة ودعوته الجيش لتسلم مقاليد الحكم “لم يحدث أن شهد لبنان انقلابات رغم كونه في منطقة انقلابات متواصلة منذ عهد عبد الناصر باستثناء محاولتين للقومي لم يكتب لهما النجاح. لبنان ضد الانقلابات لا سيما مع وجود العقيدة العسكرية اللبنانية التي تؤمن بالتعايش. كل رؤساء الجمهوريات جاؤوا بالانتخاب ولذا الدعوة لان يتسلم الجيش “ما بتزبط” لان الانقلاب في لبنان لا ينجح بسبب صيغة العيش المشترك التي وعلى علاتها تحمي لبنان. الفرزلي نال ما يريد فلا مبرّر لما قام به”.

كان بقرادوني من ضمن الحلقة الضيقة التي احاطت بخمسة رؤساء موارنة “لكلّ منهم بصمته. أسس فؤاد شهاب مشروع لبنان والتنمية والمؤسسات، كان اميل لحود يفكر بالأمن والاصلاح، حقق الأمن فيما علقت مشكلة محاربة الفساد بينه وبين رفيق الحريري. مع الياس سركيس بدأت الحرب ولكن لم يعان البلد من ضائقة مالية، لكن من الصعب ان نحكم على عهد عون لكونه لم ينته بعد ولا يزال امامنا عام ونصف العام وهو رجل مفاجآت”. ورغم ذلك يقول “ثمة امور كثيرة سارت ضمن مسارها الطبيعي في عهده لكنه عهد صعب بلا شك، شهد العديد من الكوارث، انفجار المرفأ وكورونا والديون المتراكمة ولكن بتقديري إن اكبر تحدّ لعهد عون هو تحقيق التدقيق الجنائي، واذا توقف عن تحقيقه كأنه لم يفعل شيئاً”. يفضل بقرادوني لو أن للرئيس فريقاً بديلاً عن فريق خلية السبت، أي عن فريق للحكم، فلا يكتفي بجبران فقط. “كان الى جانب الرئيس الياس سركيس فريق عمل موسع من جوني عبدو وأحمد الحاج ورينيه معوض الذي كان يلقب ببارومتر مجلس النواب وميشال اده وكريم بقرادوني وفؤاد بطرس. كلنا كان يعلم ان سركيس يتشاور مع الجميع ولكن قراره يتخذه بناء على مشورة فؤاد بطرس. كل رئيس كان لديه شخص مميز الى جانبه يثق به اكثر من غيره. أمين الجميل كان يثق بجوزف ابو خليل، اميل لحود وثق بالياس المر، نقطة ضعف ميشال عون عدم وجود هذا الفريق واسناده المهمة الى جبران بمفرده وهذا لا يكفي”.

العبء الاكبر برأيه سيقع على عاتق خليفة عون، حيث الانفجار الوشيك على خلفية تردي الاوضاع المالية والاقتصادية “لكن لب المشكلة اللبنانية من أساسها هو في النظام الهرم” ولذا يؤيد الذهاب الى “نظام علماني، وتطبيق الطائف بحذافيره، وحياد لبنان إلا في عداوة اسرائيل”.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى