الغمان الشيعة.. من هم؟
عدنان أبوزيد
استخدم السياسي العراقي عزة الشابندر، مفردة (غمان الشيعة) في تغريدة له، فيما يتلقف الكثير من الكتاب الشيعة هذه المفردة، ودأب غيرهم ايضا على وصمهم بها.
لكن لماذا يطلق الشيعة صفة “الغمان” على قياداتهم وطلائعهم؟..
لم يطلق أحد على بعض قيادات الشيعة، صفة “الغمان” سوى الشيعة أنفسهم، وهم يوصمون بعضهم البعض به، إمعانا في جلد الذات، والتحقير المتبادل، فيسمعه حتى أطفالهم، ويشبون على عقدة الدونية التي قادتهم إلى الانكفاء، دهورا.
لم يعرف العراقيون هذا التعبير الا بعد العم ٢٠٠٣، وقد انتقل من كونه مفردة عمومية سوقية، الى بروزه مصطلحا متداولا ومفضلا تتداوله النخب الشيعية، السياسية والإعلامية والثقافية.
انتقلت المفردة من محدوديتها الشيعية الى خارج الطائفة، فما ان سمعها خصومهم ومنافسوهم حتى هللوا لها، وانبسطوا بها، وراحوا يقذفون الشيعة به، وهم الذين اخترعوه لإهانة قياداتهم، وشعبهم.
لا يمكن القول ان هذا الوصف الدوني، ليس مشاعا، بل هو كذلك فعلا، فما ان يختلف شيعي مع آخر، حتى يطلق عليه مدفع الغمان، حتى بات هينا على كل واحد، ان يقول عن خصمه السياسي والفكري، وحتى السلوكي بانه: أغم ، في هلوسة جمعية، تعكس نقص الثقة.
لا تنتقدوني، تصفحوا غوغل ستروا ان الكثير الكثير من الكتاب الشيعة امعنوا في استخدام هذه المفردة.
في إحصائية لاستخدامات المفردة، التي لا أصل لها في العربية الصحيحة، ولا جذر لها يؤدي الى نفس معنى استخدامها المشاع، فان الكثير من الخطاب “الشعبي”، يفخر باستخدام هذه الكلمة السوقية، متكئا على تعابير الأغلبية المطحونة والمظلومة، فيما وقع بعض الزملاء من الكتاب أسير اغراء المفردة، لكن آخرين من أصحاب الأقلام المهنية والأكاديمية، أكدوا لي رفضهم تشغيل هذا الاصطلاح الماكر في معاملهم.
أزخر من ذلك، فان هناك من لا يكتفي بالمفردة وحدها، بل يلحقها بتعبير “غمان الشيعة” التي انتقلت الى المساحات المفتوحة، وتلقفها الخصوم، ليوظفوا هذا الاختراع الشيعي، ضد الشيعة أنفسهم.
ان الانهيار المعرفي، والأمية الاجتماعية والسياسية، والدينية، بين الصفوة الطفيلية المتسلقة، واستسهال اناطة المسؤولية بالجاهلين، وتسلق الطحالب اليها، ومنح الشهادات العالية حتى لأرباع المتعلمين، تجعل من مفردات الخطاب اليومي، ضحضاحة، وخفيضة، الامر الذي يتيح تسلل مفردات أكثر دمامة، ودونية من مفردة الغمان، الى الخطاب العام والسلوك المجتمعي.
ان المستقبل خطير جدا، لأن اللوحة مقلوبة، فمن يجب ان يكون في الواجهة، والقيادة، ازيح قسريا الى الخلف، على النقيض من السياق الذي أوصل الأمم الى الذرى، لتكون النتائج كما ترون وتبصرون.