أزمة تسريبات ظريف ما زالت في بدايتها.. هل تكتب نهايته السياسية؟
ترجمة فاطمة معطي-لبنان24
لن تنتهي أزمة تسريبات وزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف، قريباً. العوامل كثيرة، ومن أبرزها توقيت التسريبات الحرج، حيث تعقب الهجمات التخريبية الإسرائيلية وتتزامن مع انطلاق محادثات فيينا واقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ثم احتدام النقاش بين الإصلاحيين والمتشددين، وأخيراً سجل ظريف في اتخاذ خطوات مماثلة.
فبكشفه كواليس الديبلوماسة الإيرانية وانتقاده اللاذع والصريح لهامش تدخّل قائد فيلق القدس في الحرس الثوري السابق، اللواء قاسم سليماني، أعاد ظريف فتح الباب واسعاً أمام جدل محلي ودولي حول دور وزارة الخارجية في صياغة السياسات. سيناريو مشابه حصل في شباط العام 2019، وحينها، فاجأ ظريف الإيرانيين بإعلانه عن استقالته، فترواحت التحليلات بين مناورة ورد اعتبار، قبل أن تنقل وسائل إعلام إيرانية عن المتحدث باسم وزارة الخارجية آنذاك، بهرام قاسمي، أن وزير الخارجية قدم استقالته، بسبب عدم إبلاغه بزيارة الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران. هذه المرة، كانت بداية الردود على تصريحاته من الداخل الإيراني بطبيعة الحال، فهاجمت وكالتا “فارس” و”تسنيم” المواليتان للحرس الثوري ظريف، ثم دخل رئيس البرلمان الإيراني محمد باقر قالیباف على الخط. أمّا على المستوى الدولي، فكان وزير الخارجية الأميركي السابق، مايك بومبيو، من أوائل المعلقين.
في قراءتها، تناولت صحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية تأثير التسريبات على محادثات فيينا من جهة، ومنصب ظريف من جهة ثانية. ونقلت الصحيفة عن محللين تحذيرهم من أنّ تسجيل ظريف الصوتي سيقوّض سلطة الديبلوماسيين الإيرانيين في فترة حساسة من مفاوضات العودة إلى الاتفاق النووي الإيراني. من جهتها، أوضحت الزميلة غير المقيمة في “المجلس الأطلسي”، سينا أزودي، أنّ التسريبات “ستقيّد أيدي المفاوضين (الإيرانيين)”، مشيرةً إلى أنّها تقدّم ظريف باعتباره شخصية لا يمكن الوثوق بها محلياً وترسم صورة عامة تفيد أنّ السياسة الخارجية الإيرانية تخضع لإملاءات سياسات العسكر وأنّ “ظريف نكرة”.
باتريك وينتور، مراسل صحيفة “الغارديان” الديبلوماسي، تطرّق إلى تسريبات ظريف في مقالة عنَونَها “وزير الخارجية الإيراني ينتقد نفوذ قاسم سليماني في مقابلة مسربة”. وكتب وينتور: “يقول البعض إنّ التسريبات تهدف على ما يبدو إلى تشويه سمعة ظريف في الداخل، إلا أنّ آخرين سيدّعون أنّ المقابلة هي بمثابة محاولة لظريف لتبرئة نفسه من إخفاقات السياسة الخارجية الإيرانية”.
وفي تعليق على نفي وزارة الخارجية الإيرانية أن يكون محتوى مقابلة ظريف مخصصاً للنشر، قال وينتور: “هذه المرة الثانية خلال 4 أيام التي تُضطر فيها الخارجية الإيرانية إلى إصدار بيانات تندد باجتزاء وسائل الإعلام لدوافعها”؛ دافعت وزارة الخارجية الإيرانية بشدة الخميس الفائت عن الوفد المشارك في فيينا بعدما ألمح التلفزيون الرسمي (القناة الناطقة بالفارسية) إلى أن الدبلوماسيين الإيرانيين خدعوا من قبل الأميركيين لدى إبرام اتفاق عام 2015 وقد يقدمون التنازلات مجدداً.
من جانبها، رأت صحيفة “واشنطن بوست” أنّ تعليقات ظريف “غير المنمقة” وتسريب التسجيل الصوتي “غير المبرر” سلطا الضوء على “التنافس الحاد العلني في أوساط الدوائر السياسية الإيرانية، في وقت تنخرط فيه طهران إلى جانب القوى العالمية في محاولة جديدة لإحياء الاتفاق النووي، وذلك مع اقتراب الانتخابات الإيرانية”.
وبحسب ما كتبت الصحيفة، فإنّ ظريف يُسمع يطلب من محاوره الصحافي والاقتصادي سعيد ليلاز، عدم نشر أجزاء من المحادثة؛ إشارة إلى أنّه سبق لليلاز أن عمل مستشاراً للرئيس السابق محمد خاتمي. كما لفتت الصحيفة إلى أنّ قناة “إيران انتناشيونال” التي سرّبت المقابلة ألمحت إلى وجود نية بنشرها بعد مغادرة الرئيس حسن روحاني منصبه في آب المقبل.