الجمهوريّون في انتخابات «الشيوخ»: خطر مذبحة بحجم «ووترغيت»!
الأخبار
أصبحت معركة السيطرة على مجلس الشيوخ الأميركي، الآن، أكثر تنافسية من أيّ وقت مضى. مبالغ قياسية تَدفّقت لدعم المرشّحين، فيما وصل الإنفاق الخارجي في بعض الولايات إلى مستويات غير مسبوقة. وفي ظلّ كلّ ذلك، يبدو أن فرصة تلوح أمام الديموقراطيين من أجل استعادة المجلس الذي خسروه منذ 11 عاماً
يحظى الجمهوريون بغالبية 53 مقعداً في مجلس الشيوخ، مقابل 47 للديموقراطيين. وفي الوقت الحالي، ثمّة 35 مقعداً مطروحاً لإعادة الانتخاب، من بينها 23 مقعداً يشغلها جمهوريون، و12 ديموقراطيون. وعليه، سيحتاج الأخيرون إلى الفوز بثلاثة أو أربعة مقاعد من أجل الحصول على الأغلبية في مجلس الشيوخ. وإذا فازوا بهذه المقاعد، وبالبيت الأبيض، فسينتزع الحزب مجلس الشيوخ، بينما يكون لنائبة الرئيس، كامالا هاريس، القول الفصل في حال تعادل الأصوات (50 مقابل 50). هذا الواقع دفع بالسيناتور عن ديلاوير، كريس كونز، الحليف المقرّب من بايدن، إلى الإعراب عن تفاؤله حيال فرص الديموقراطيين، في وقت أشار فيه موقع التحليلات الإحصائية «فايف ثيرتي إيت. كوم» إلى أن فرص الديموقراطيين في استعادة مجلس الشيوخ تبلغ 68 من 100. وحتى السيناتور المحافظ، تيد كروز، الموالي لترامب، حذّر من أن الجمهوريين قد يواجهون «مذبحة بمقاييس ووترغيت».
من بين الشخصيات الجمهورية التي تواجه صعوبات، السيناتور ليندسي غراهام. يترأس هذا الأخير جلسات الاستماع لتثبيت مرشحة ترامب للمحكمة العليا، إيمي كوني باريت. ويخوض معركة من أجل مسيرته السياسية في ساوث كارولاينا، في وجه خصم يحظى بتمويل كبير. ومن المعروف أن هذه الولاية جمهورية، ولم يفز فيها أيّ ديموقراطي بمنصب سياسي منذ عام 2002. إلّا أن هذا السباق سيقرّر ما إذا كان المرشّح الديموقراطي، جايمي هاريسون، قادراً على تغيير الواقع. وسيحتاج هاريسون إلى توسيع دائرة الناخبين، عبر حشد الناخبين الأميركيين من أصل أفريقي والأصغر سنّاً بأعداد قياسية، بينما سيظلّ بحاجة إلى كسب بعض الناخبين الجمهوريين. وما يساعد الديموقراطيين هناك، مواقف غراهام المتقلّبة من ترامب. فبينما تحوّل أخيراً إلى أبرز المدافعين عنه، عزّز ذلك دعمه من الناخبين الأكثر تحفّظاً، الذين نظروا إليه، تاريخياً، بشكل مريب بسبب عمله مع الديموقراطيين، بينما أزعج الأمر الديموقراطيين والمستقلّين الذين غالباً ما صوّتوا له. أيضاً، يرى البعض أن مواقفه هذه ساهمت في إبعاد الجمهوريين المعارضين لترامب عنه.
كذلك، تُعدّ أريزونا وكولورادو وجورجيا وآيوا الولايات الأربع التي تميل إلى الديموقراطيين منذ أشهر، ويخشى الجمهوريون من أن يضرّ بهم الرئيس فيها. وبالنسبة إلى أريزونا، فهي ولاية جمهورية منذ عقود من الزمن، على الرغم من أن السيناتورين جون ماكين وجيف فليك كانا يوصفان بأنهما جمهوريّان غير تقليديين إلى حدّ ما. في عام 2018، تفوّقت المرشحة الديموقراطية كيرستن سينيما، على الجمهورية مارثا ماكسالي، لتصبح أول سيناتور ديموقراطية عن الولاية، منذ منتصف التسعينيات. أمّا في عام 2020، فتدافع ماكسالي عن المقعد الذي شغله ماكين سابقاً، والذي تمّ تعيينها فيه بعد وفاته. وهي تتخلّف عن الديموقراطي مارك كيلي في استطلاعات الرأي. وبحسب معهد «بروكينغز»، قد يفسّر جمهور الناخبين المتغيّر كلّاً من سباقات مجلس الشيوخ، في أريزونا، في عامي 2018 و2020. فقد أدّت الاتجاهات على مدى العقود القليلة الماضية إلى وجود عددٍ أكبر من الناخبين اللاتين في الولاية، وعدد أكبر من الناخبين البيض الحاصلين على تعليم جامعي، وعدد أقل من البيض الذين لا يتمتّعون بهذه الدرجات. بالإضافة إلى ذلك، كشفت دراسة استقصائية أجرتها سمارا كلار وكريس ويبر من جامعة أريزونا، أن سكّان الولاية في كلا الحزبين هم أكثر اعتدالاً ممّا هو مفترض.
في كولورادو، سيساعد السباق بين السيناتور الحالي كوري غاردنر (جمهوري)، والحاكم السابق جون هيكنلوبر (ديموقراطي)، في تحديد توازن القوى في مجلس الشيوخ الأميركي. وقد أظهر استطلاع، في أوائل تشرين الأول/ أكتوبر، أجراه مختبر أبحاث السياسة الأميركية في جامعة كولورادو، أن هيكنلوبر يتقدّم 8 نقاط على غاردنر (48٪ – 40٪) بين الناخبين المحتملين، في حين أفاد 11٪ من المستطلعين بأنهم «متردّدون». يمتدّ هذا الهامش وينعكس في أرقام الاستطلاع المرتبطة بالمسابقة الرئاسية، والتي تعطي جو بايدن صدارة على ترامب. بالتالي، هل يستطيع غاردنر الهروب من ترامب؟ في المناظرات والإعلانات، حاول غاردنر، مراراً وتكراراً، أن ينأى بنفسه عن الرئيس، مؤكداً أوراق اعتماده لدى الحزبين، وأنه يعمل نيابة عن جميع سكان كولورادو. من جانبه، حاول هيكنلوبر ربط غاردنر بترامب، مذكّراً بتصريحاته السابقة ضدّ قانون الرعاية الصحية.
أخيراً، جورجيا، التي لطالما اعتُبرت حمراء بامتياز، ولم تصوّت لمرشّح ديموقراطي للرئاسة، منذ عام 1992، يبدو السلوك الحزبي فيها أكثر تعقيداً، في ظلّ مؤشرات إلى تزايد القدرة التنافسية هناك. وفق «بروكينغز»، وفي حين أن الانتخابات الخاصة في جورجيا تضمّ أكثر من عشرة مرشحين، فقد بقي ثلاثة منهم. ومن هؤلاء، ظهر رفائيل وارنوك، راعي كنيسة إبنيزر المعمدانية لمارتن لوثر كينغ، كمرشّح ديموقراطي بارز. أمّا المرشحة كيلي لوفلر، التي تمّ تعيينها لتحلّ محل السيناتور الجمهوري جوني إيساكسون، فتواجه منافسة شديدة من عضو الكونغرس دوغ كولينز، على أصوات الجمهوريين. ولكن بالنظر إلى عدد المرشّحين في السباق، معطوفاً على التفويض في جورجيا بأن يحصل الفائز بالانتخابات على أغلبية واضحة من الأصوات، يُتوقّع أن يتّجه هذا السباق إلى جولة الإعادة في كانون الأول/ ديسمبر. وفي السياق، يبدو تقدّم وارنوك مؤكّداً. إلّا أن السؤال هو: أيّ منافس جمهوري سينتهي به المطاف في المركز الثاني؟ استطلاعات الرأي تفيد بأنّ النتيجة متقاربة بين المنافسَين الجمهوريَّين الأساسيَّين.
السؤال التالي الذي يطرح نفسه: ماذا لو فاز الديموقراطيون فعلاً؟
إذا تمكّن الديموقراطيون من الاحتفاظ بمجلس النواب، واستعادة مجلسَي الشيوخ والبيت الأبيض، فسيكون للحزب السيطرة الكاملة على الحكومة الفدرالية، لأول مرّة منذ 11 عاماً. إصلاح الشرطة، وتغيّر المناخ، والرعاية الصحية، كلّها على جدول أعمالهم. ولكن قبل ذلك، من المرجّح جداً أن يمرّروا حزمة إغاثة لمواجهة جائحة فيروس «كورونا»، والأزمة الاقتصادية المرتبطة بها. بعدها، من المتوقّع أنّ يعمدوا إلى إحداث تغيير جذري في كيفية عمل التصويت، والحكومة في الولايات المتحدة، من خلال توسيع حقوق التصويت، وتقليل تأثير المال في السياسة، وتعزيز القيود الأخلاقية، وربّما حتى إنهاء تعطيل مجلس الشيوخ، وهي من الإصلاحات التي يأملون أن تجعل الديموقراطية في أميركا تعمل أفضل، وبقية أجندتهم أسهل في التنفيذ.