فلسطين.. الاحتلال يخنق “الخليل القديمة” ورمضان ينعشها (تقرير)
**الأناضول تجولت في واحدة من أكثر مناطق فلسطين قيودا على الحركة
الخليل/عوض الرجوب/الأناضول
**الأناضول تجولت في واحدة من أكثر مناطق فلسطين قيودا على الحركة
* تحسين المحتسب: الحركة التجارية تنشط في رمضان لوجود المسجد الإبراهيمي
* نسيم الشلودي: في غير رمضان قد يمر يوم كامل دون أن أبيع شيئا
* يوسف الجعبري: مئات المحلات التجارية مغلقة بقرارات عسكرية إسرائيلية
يُشكل شهر رمضان المبارك ملاذاً لسكان البلدة القديمة في مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية، من أجل إنعاش اقتصادهم الذي أنهكته الإجراءات الأمنية الإسرائيلية المشددة.
وعادة ما تشدد إسرائيل إجراءاتها في محيط الخليل القديمة وأزقتها، وتعيق وصول الفلسطينيين إليها بوضع حواجز على مداخلها، الأمر الذي يضعف الحركة داخل أسواقها، ما يجبر أغلب متاجرها على إغلاقها، لتبقى فارغة إلا من سكانها.
لكن حلول شهر رمضان، يعيد للبلدة التي يسكنها نحو 7 آلاف فلسطيني، شيئا من الحيوية التي تحرم منها باقي أشهر السنة، ويساعد على ذلك وجود ثاني أهم معلم إسلامي بفلسطين وهو المسجد الإبراهيمي.
وتاريخيا ظلت البلدة القديمة، القلب النابض لجنوبي الضفة، تعج بالحركة وتنتشر فيها مختلف الاسواق، لكن مع احتلالها من قبل إسرائيل عام 1967 بدأت المعاناة، ثم تفاقمت بعد مجزرة المسجد الإبراهيمي عام 1993، حين قتَل مستوطن إسرائيلي 29 فلسطينيا خلال صلاة الفجر.
وبدل معاقبة الجاني وتقييد حركة المستوطنين، شددت إسرائيل إجراءات وصول الفلسطينيين إلى البلدة القديمة والمسجد، وأغلقت أسواقا بأكملها خاصة الحسبة (السوق المركزي) وشوارع حيوية مثل شارع الشهداء.
المحطة الثانية التي قصمت ظهر البلدة، كانت الإجراءات العسكرية التي فرضت عليها مع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000، إذا أغلقت إسرائيل مزيدا من الأسواق وأضاف مزيدا من الحواجز الملموسة والنقاط العسكرية.
وتقول معطيات تجمع شباب ضد الاستيطان (غير حكومي) إن الجيش الإسرائيلي ينشر في أزقة وشوارع البلدة القديمة فقط أكثر من 120 حاجزا وعائقا ماديا ومأهولا.
** بعض الحياة في رمضان
الأناضول تجولت في الخليل القديمة، وتحدثت إلى تجارها ومسؤول محلي عن واقع الحركة التجارية، والتأثير الإيجابي لحلول خلال شهر رمضان في المدينة، رغم الخنق الإسرائيلي.
يعمل تحسين المحتسب (بائع حلوى ومكسرات) في البلدة القديمة من الخليل منذ نحو 15 عاما، ويرى في حلول شهر رمضان خير وبركة يلقي بظلاله على مهنته.
تضاعفت معاناة المحتسب، وغيره من التجار بسبب جائحة كورونا العام الماضي، لكن تخفيف الإجراءات هذا العام، خلافا للعام الماضي، ساهم في تنشيط الحركة التجارية.
ويضيف المحتسب: “هذا العام أفضل، الحركة التجارية كويسة (جيدة) في رمضان، هناك إقبال من الناس”.
وأشار إلى دور المسجد الإبراهيمي في إحياء المدينة “طبعا هو معلم تاريخي وتراث إسلامي، الحركة كويسة لوجود المسجد الإبراهيمي الشريف في البلدة القديمة”.
ولهذا أوضح أنه حرص على تنويع وزيادة بضائعه المعروضة، مشيرا إلى أن الحركة تنشط بشكل ملحوظ أيام الجمعة في رمضان.
* متاجر لا تفتح إلا في رمضان
أما نسيم الشلودي (بائع مخللات) فيقول إن بعض الأيام قبل رمضان كانت تمر دون أن يبيع شيئا، لكن مع حلول الشهر الفضيل نشطت حركة المتسوقين.
ويضيف: “الحركة أفضل في رمضان، الناس بتيجي (تأتي) تزور الحرم الإبراهيمي في البلدة القديمة، الكل يفتح محلاته، والبعض يفتحها في رمضان فقط”.
ويشاطر الحاج نعيم النتشة (صاحب بقالة)، زملاءه في دور المسجد الإبراهيمي في تنشيط الحركة التجارية، ويدعو المواطنين لترك الخوف من إجراءات الاحتلال والمستوطنين، والتوجه إلى البلدة القديمة.
ويحظى المسجد الإبراهيمي باهتمام خاص لدى المسلمين، لاعتقادهم بأنه بُني على ضريح نبي الله إبراهيم عليه السلام.
وفي يوليو/تموز 2017، قررت لجنة التراث العالمي التابعة لمنظمة “يونسـكو” إدراج الحرم الإبراهيمي، والبلدة القديمة في الخليل على لائحة التراث العالمي.
* إغلاقات وحواجز عسكرية
نائب رئيس بلدية الخليل، المهندس يوسف الجعبري، يقول إن الخليل القديمة تعاني منذ نحو 20 سنة “بسبب سياسات الاحتلال (الإسرائيلي) ضد المواطنين والحرم الإبراهيمي والبلدة القديمة”.
وقال إن تلك الإجراءات أدت إلى إغلاق عشرات المحلات التجارية، نتيجة نشر عشرات الحواجز الإسرائيلية.
وأضاف: “عادة تعود الحياة إلى البلدة القديمة في شهر رمضان المبارك، هناك آلاف الزوار من الخليل والمدن الأخرى بشكل عام، لكن –للأسف- باقي الأيام خلال السنة يكون هناك انقطاع للمواطنين”.
وأشار الجعبري إلى جهود لجنة إعمار الخليل (رسمية) في إعادة تسكين مواطنين اضطروا لمغادرة البلدة، مبينا أن ” عدد السكان لم يكن يصل 400 نسمة قبل 20 عاما، اليوم وبفضل لجنة الإعمار وبلدية الخليل يصل عدد السكان 5 آلاف”.
وقال إن مئات المحلات التجارية مغلقة بقرارات عسكرية، ولا يتمكن أصحابها من فتحها، إضافة إلى مئات المحلات المغلقة بفعل السياسات الإسرائيلية.
* 800 مستوطن
ووفق تجمع شباب ضد الاستيطان (غير حكومي) تسببت إجراءات الاحتلال والاستيطان في قلب الخليل بإغلاق جميع محلات البلدة القديمة وعددها نحو 1800 محل تجاري، 530 منها مغلقة بأوامر عسكرية أصدرها الجيش الإسرائيلي.
وحسب التجمع يوجد في قلب الخليل نحو 800 مستوطن يسكنون خمس بؤر استيطانية أقاموها في ممتلكات فلسطينية في قلب الخليل، إضافة إلى الاستيلاء على منزلين لعائلتي أبو رجب والزعتري.
وبحسب اتفاق الخليل (1997) بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، قُسمت المدينة إلى منطقتين “خ1″ وتخضع لسيطرة فلسطينية، و”خ2” وتخضع لسيطرة إسرائيلية، وتقدر الأخيرة بنحو 20 بالمئة من مساحة المدينة، وتقع فيها البلدة القديمة والمسجد الإبراهيمي.