القدس توجه البوصلة الفلسطينية.. فهل تستثمر الفصائل الفرصة؟ (تحليل) سياسي فلسطيني ومحللان شددوا على ضرورة استثمار الأحداث الأخيرة في حشد موقف دولي ينهي احتلال المدينة
رام الله / عوض الرجوب / الأناضول
شهدت مدينة القدس خلال الأيام الأخيرة مواجهات بين فلسطينيين وقوات الشرطة الإسرائيلية التي استخدمت ضدهم العنف، ما أدى إلى إصابة العشرات وسط دعوات المستوطنين إلى اقتحام المسجد الأقصى والبلدة القديمة.
ويرى مراقبون أن تلك الأحداث تؤكد مكانة القدس بالنسبة إلى الفلسطينيين، وتعيد مجددا توجيه بوصلة الكل الفلسطيني نحو معاناتها.
فبينما يقول سياسي فلسطيني بارز إن ما يجري في المدينة يتطلب توفير حماية دولية للقدس والأراضي المحتلة، يؤكد محللان آخران أن المدينة تنفض غبار الاحتلال عن هويتها الحقيقية.
وردا على أحداث الساعات الأخيرة وإصابة واعتقال عشرات الفلسطينيين، تداعت مدن الضفة الغربية وقطاع غزة والفصائل إلى وقفات تضامنية مع المدينة في ظل ما يرونه محاولات لتهويدها.
وتصدى فلسطينيون لمئات المستوطنين الذين هاجموا منازلهم، في عدة مناطق بمدينة القدس خلال ساعات مساء الخميس وفجر ومساء الجمعة.
وفي حين قالت مصادر جمعية “الهلال الأحمر” الفلسطيني في تصريح صحفي مقتضب، إنها سجلت 105 إصابات مساء وفجر الجمعة، قالت الشرطة الإسرائيلية إنها اعتقلت 50 مقدسيا.
وكان فادي الهدمي وزير شؤون القدس الفلسطيني، قال في تصريح مكتوب أرسله في وقت سابق الجمعة، للأناضول، إن “الجماعات (الإسرائيلية) المتطرفة أعلنت مسبقا عن نيتها الاعتداء على المواطنين المقدسيين، ومع ذلك فإن الشرطة الإسرائيلية لم تحرك ساكنا لوقف هذا الاعتداء بل قامت بتوفير الحماية للمستوطنين”.
ودعا الهدمي المجتمع الدولي إلى “التحرك السريع والفاعل لوضع حد لاعتداءات المستوطنين والشرطة الإسرائيلية على المواطنين المسالمين”.
** حماية دولية
يقول عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية واصل أبو يوسف، إن الهبة الشعبية في المدينة المقدسة جاءت “رفضا لكل الضغوط التي يقوم بها الاحتلال والجرائم المتصاعدة، ودعوات المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى والبلدة القديمة في القدس”.
وأضاف، للأناضول، أن مواجهات الجمعة جاءت أيضا “دفاعا عن الحق الفلسطيني في المدينة المقدسة، ولا بد أن تستمر وتتطور لانتفاضة عارمة ضد الاحتلال”.
وأردف: “أرادت إسرائيل الحديث عن العاصمة الموحدة وجرى نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الشرقية لكن كل ذلك ذهب أدراج الرياح، لأن القدس بشعبها الفلسطيني ومواطنيها وتراثها وتاريخها وكنائسها ومساجدها فلسطينية ولن تكون سوى عاصمة فلسطين”.
وتابع: “الهبة اليوم تقول: لا للجرائم المتصاعدة، لا للظلم ولا للاعتداءات، الحرية والاستقلال للشعب الفلسطيني”.
وفي ظل “الدعوات لقتل السكان الفلسطينيين من قبل المنظمات اليمينية المتطرفة الصهيونية التي تحاول فرض أجندتها في المدينة المقدسة” شدد أبو يوسف “على أهمية توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتحديدا في القدس التي يتعرض سكانها الفلسطينيون للتضييق والاعتقال والقمع ومحاولة كسر إرادتهم”.
وأضاف: “هذه الدعوة يجب أن تُلبى من أجل حماية شعبنا في المدينة المقدسة، وأيضا التأكيد على أهمية إنهاء الاحتلال وجرائمه وجرائم المستعمرين عن الأراضي الفلسطينية المحتلة جميعها وإقامة دولتنا المستقلة وعاصمتها القدس”.
** القدس توجه البوصلة
من جهته، رأى أستاذ الإعلام في جامعة الخليل (جنوب) سعيد شاهين، أن القدس “بوصلة الفلسطينيين جميعا، وبوصلة كل فصائل منظمة التحرير والتيارات الإسلامية، التي ترى فيها ثابتا لا يمكن أن يتغير بالمطلق”.
وأضاف شاهين، للأناضول، أن للقدس دورا أساسيا في توحيد الفلسطينيين “وهذا لمسناه من خلال عدة أنشطة منها هبات القدس المتتالية التي وحدت وجمعت كلمتهم من جديد، في الوقت الذي كانت كلمتهم مبعثرة في ظل حالة الانقسام والتشرذم السياسي”.
وشدد على “ضرورة استثمار أحداث القدس في موضوع الانتخابات التي يحاول الاحتلال إخراج القدس منها”.
ويقول الفلسطينيون إن إسرائيل لم ترد على طلب لإجراء الانتخابات المقرر يوم 22 مايو / أيار القادم، داخل القدس الشرقية.
وتابع شاهين: “رغم كل المحاولات التي تجري الآن من قبل إسرائيل تجاه القدس، يقابلها إصرار جماهيري على التمسك بالقدس كعنوان لفلسطين والدولة الفلسطينية وبالتالي إعادة القضية الفلسطينية إلى الطاولة الإقليمية والدولية”.
** حراك بلا قيادة
من جانبه، لفت أستاذ الإعلام بجامعة القدس، الكاتب الصحفي محمود فطافطة، إلى أن ما وصفه بـ “الحراك” الحالي في القدس “جاء في أوج انشغال الفصائل الفلسطينية بالانتخابات دون توجيه أي منها”.
وأضاف للأناضول: “لا يوجد محفزات فعلية وعملية يمكن من خلالها توظيف الحراك الحالي لصالح القضية الفلسطينية عموما”.
وهنا، وفق فطافطة، “يستحضر ضياع فرص وهبات سابقة لأن الفصائل ضعيفة بنيويا، ليس في القدس فقط، وإنما في الضفة الغربية عموما، نظرا للملاحقة والمنع من قبل الاحتلال”.
واعتبر أن “الفصائل بوضعها الحالي وانشغالها في الانتخابات ليس لها قدرة على توظيف مثل هذه الأحداث”.
ورأى فطافطة، أن ما يجري في القدس “حراك جماهيري شعبي محلي محدود، جاء كردة فعل تفتقد للقيادة”.
وأشار إلى “الاستفادة من شبكات التواصل الاجتماعي كأداة للحشد، مقابل حشد مماثل دعا له المستوطنون في القدس، ما أوقع المواجهة”.
وقال فطافطة، إن “أي هبة ذات تأثير تحتاج إلى أمرين: التنظيم والتعميم”.
والخميس، أفادت القناة “13” العبرية الخاصة، أنّ متظاهرين إسرائيليين حاولوا الوصول إلى منطقة “باب العامود” بالقدس وهم يهتفون “الموت للعرب”.
وبث ناشطون تسجيلات مصورة لفلسطينيين يتوافدون إلى “باب العامود” لمنع هذا التجمع.