بعد الحريري.. باسيل إلى موسكو قريباً
محمد علوش-الديار
بعد أن أصبحت الصورة واضحة بشأن زيارة ديفيد هيل إلى لبنان، فإن الحكومة لم تكن سبباً لزيارته، وربّما كانت الإشارة إليها من باب رفع العتب ليس إلا، إذ تبيّن أن الاميركيين لم يزوروا لبنان لدفع عملية التشكيل إلى الأمام، بل بسبب الحدود البحرية مع فلسطين المحتلة.
تؤكد مصادر سياسية مطّلعة أن تقديم موعد زيارة هيل إلى بيروت كان بسبب ملف الحدود البحرية ومرسوم تعديلها، وهو الامر الذي نجح في ضبطه ومنع إصداره بعد قرار بعبدا المفاجىء بشأنه، والذي جاء بعد حملة إعلامية شعواء بوجه من وصفهم العهد بمعرقلي صدور المرسوم، مشيرة إلى أن الكلام الحكومي في زيارة هيل كان عمومياً جداً ولم يخرج عن المسلمات القائلة بتشكيل حكومة اختصاصيين قادرة على تبنّي الإصلاح، مما يؤكد أن واشنطن لا تضع الحكومة اللبنانية في أولويات عملها بالمرحلة الحالية، وهي تركز بشكل خاص على الملف الإيراني الذي يتسارع.
طبعاً لا تُريد الولايات المتحدة الأميركية الخروج من لبنان وترك الساحة للروسي الذي يتحرك، ولكنها بالمقابل لم تعد ترغب بالعمل بنفس الإندفاعة وفي كل الملفات، لذلك كان التركيز على الملف الحساس والإستراتيجي بالنسبة إليها وهو ملف الحدود، وتُشير المصادر إلى أن رئيس الجمهورية سلّف الاميركيين موقفاً كبيراً بتعليق المرسوم، على أمل أن يردّ الاميركي المعروف برفع العقوبات عن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل.
بعد زيارة المبعوث الأميركي إلى بيروت، عادت السجالات السياسية لتسيطر مجدّداً على المشهد العام، وعادت الإتهامات المتبادلة بين تيار المستقبل والتيار الوطني الحر لتكون طريقة التخاطب الوحيدة بين الفريقين، ما يُوحي بأن الزيارات الخارجية للبنان، أو اللبنانية للخارج لم تتمكن بعد من تغيير الوضع القائم.
بموازاة العمل الأميركي في المنطقة، والذي يحمل تغييرات جوهرية، تعمل روسيا بدورها على رسم الصورة الجديدة، ويبدو بحسب المصادر أنها قررت دخول تفاصيل الملف اللبناني، وما زيارة سعد الحريري إلى موسكو سوى البداية، إذ كشف مستشار رئيس الجمهورية امل أبو زيد أن رئيس التيار جبران باسيل سيزور موسكو قريباً.
وتكشف المصادر أن موسكو ستدعو المزيد من القوى اللبنانية لتزورها، وتحاول تقريب وجهات النظر، مشددة على أن روسيا لا تحمل مبادرة خاصّة بها بل تؤيد وتدعم المبادرة الفرنسية، مشيرة إلى أن التحدّي الأول لموسكو هو في ردة الفعل الاميركية، وهنا ستُظهر ردة الفعل هذه نوايا الإدارة الجديدة برئاسة بايدن، فهل فعلاً تريد الخروج من المنطقة والتمسك فقط بملفات استراتيجية؟
تؤكد المصادر أن لا جديد في الملف الحكومي في المدى المنظور، بانتظار ما ستسفر عنه اللقاءات الخارجية، وبالتالي فإن السلطة تُكمل مسلسل ضرب صورتها، بالمقابل هناك من يستعد من قوى المعارضة والمجتمع المدني لخوض الإنتخابات النيابية المقبلة، فهل تنجح قوى السلطة باستلحاق نفسها وتشكيل حكومة تبدأ طريق الإنقاذ؟