هذه هي النصائح التي أبداها ديفيد هيل
سيفتقد وكيل وزارة الخارجية الاميركية ديفيد هيل اصدقاءه الكثر في لبنان، وحفاوتهم وكرم الضيافة. لن ينسى الديبلوماسي المتعاطف مع لبنان كيف ان زيارته الوداعية الاخيرة قبل تعيين خلف له لم تسعفه في اكتشاف القطبة المخفية في التأخير بتشكيل الحكومة. صارحهم بضروة التلاقي والتفاهم وابدى الاستعداد للمساعدة. حضر هيل محصناً بعبارات التمني والنصح التي لا يملك غيرها. سيقول في تقريره ان ثمة اطرافاً في البلد متعنتون لا يرغبون بالحل بدليل استنفاد كل السبل، وان العقوبات ستكمل مسارها ووجهتها ستكون اوروبا وليس اميركا فحسب. تلا هيل سيرة الوداع ورحل مخلفاً ارباكاً فوق الارباك. اعطى اشارات بالليونة وغض الطرف عن تمثل “حزب الله” الذي تجنب ذكره في لقاءاته الا نادراً. بمعنى آخر ابدى ليونة وعدل عن لهجة إملاء الشروط خلال الاجتماع بشكل مختلف عما تلاه بعد عدد من لقاءاته.
لافتاً كان اللقاء الذي جمعه بالنائب الياس ابو صعب ومستشار رئيس الجمهورية الوزير السابق سليم جريصاتي. تجنب هيل الاجتماع مع رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل مباشرة واستعاض عنه بلقاء مع الاشخاص المقربين منه وكان طيفه حاضراً، سواء على مستوى العقوبات الاميركية المفروضة عليه او تشكيل الحكومة وكذلك ترسيم الحدود. المعروف عن هيل تعاطفه مع لبنان وميله للمساعدة وتقريب وجهات النظر في سبيل تذليل العقبات. يختلف عن الديبلوماسيين الاميركيين الآخرين فيتجنب الحديث بصيغة الاملاءات ويردد باستمرار عبارات النصح ويحافظ على الاصول البروتوكولية في تعاطيه ولذا أصر على لقاء وزير الخارجية شربل وهبي.
في اللقاءات التي عقدها مع الجميع ردد نصيحة واحدة وهي التفاهم على تشكيل حكومة. كأنه يقول ان هناك فرصة سانحة لذلك فاستغلوها ولا تتوقفوا عند امور خارجية ولا عند بيانات معدة مسبقاً. شدد على الاصلاحات وان الاهم من تشكيل حكومة هو العمل الاصلاحي الذي ستقوم به الحكومة والا كان لبنان امام حكومة فاشلة سترتد بالسوء على اوضاعه.
لم يأت هيل بأي طرح جديد، بل استمع ونقل رغبة الحريري في تشكيل حكومة طبقاً لرؤيته ولا يطلقون يده في ذلك، شكوى نقلها الى رئيس الجمهورية الذي صارحه بان تشكيل الحكومة انما يتم بالاتفاق بينه وبين الرئيس المكلف الذي لا يمكن له ان يستعدي الكتل النيابية والا كيف تنال حكومته الثقة؟ وجهة نظر الحريري هنا ان الحكومة اذا سقطت تنتقل الى تصريف الاعمال. استنتج ان التعطيل مسؤولية مشتركة تقع على عاتق اكثر من طرف وان على كل طرف ان يتراجع افساحاً للحل لان مصلحتكم ومصلحة لبنان هي في التفاهم والاتفاق، وابدى امتعاضه من تعاطي بعض الاطراف المحسوبة على 14 آذار ورغبتها في المضي بالتصعيد.
في موضوع الحدود ابدى ارتياحه لعدم تعديل مرسوم الحدود البحرية وقال ما على الرسول الا البلاغ لو أن لبنان عدل مرسوم حدوده لرفضت اسرائيل العودة الى طاولة المفاوضات وامتنعت عن وقف اعمال التنقيب الذي باشرته وهذا كلام جدي”.
بالمحصلة فتحت زيارة وكيل وزارة الخارجية الباب امام العودة الى استئناف المفاوضات، وأظهر أن بلاده مستعدة كي تعمل على الملف وهذه نقطة جيدة،. لقاؤه مع حاكم مصرف لبنان رياض سلامة كانت له مدلولاته واولها إصراره على الاستماع لوجهة نظره حول الازمة المالية والتي سيرفعها الى الادارة الاميركية بوضوح كما قال.
شرح مسألة امكانية دعم الجيش اللبناني وهي الخطوة التي تسعى اليها الادارة الاميركية لولا وجود وجهة نظر في الكونغرس تعارض ذلك بقوة وتمنع التصديق على صرف الميزانية لذلك. بعض ممثلي الكونغرس تربطهم علاقات مع جهات لبنانية على قناعة ان الجيش لا يواجه “حزب الله” وبالتالي فمساعدته ليست ضرورية.
ويبقى الموضوع الاهم وهو العقوبات الاميركية التي فرضت على شخصيات لبنانية من بينها باسيل، وقد فهم من كلام هيل ان هذه العقوبات سياسية بالدرجة الاولى ومعالجتها لا تكون الا بالسياسة وانه لا يجوز حصرها بجماعة بعينها متوقعاً ان تنزل عقوبات أوسع سواء من اميركا او من اوروبا. وتنقل اوساط التقت هيل تلميحه الى انزعاج اميركي من زيارة الحريري الى موسكو، ومن رغبة البعض في لبنان المضي في تأزيم الاوضاع ومعارضة ابداء الرئيس المكلف مرونة ازاء تشكيل حكومة.