الحدث

مع غادة عون

الأخبار- حسن عليق

القاضية غادة عون تُخطئ؟ نعم. إذا استثنينا قلّة قليلة من القضاة، فكلّهم خطّاؤون.
غادة عون تظلم؟ نعم. إذا استثنينا قلّة قليلة من القضاة، فكلّهم ظالمون.
غادة عون تخالف القانون؟ نعم. إذا استثنينا قلّة قليلة من القضاة، فكلّهم مخالفون.
غادة عون محسوبة على فريق سياسي؟ نعم. إذا استثنينا قلّة قليلة، فكل القضاة بأمر السياسة.
الأهم، أنه إلى جانب الخطأ ومخالفة القانون والظلم والسياسة، ففي أداء غادة عون الكثير من الشجاعة، والكثير الكثير من روح العدالة. يقف أغلب القضاة مذهولين أمام أداء عون، معتبرين أنها تهشّم صورة القضاء، كما لو أنها صورة ناصعة نظيفة «مهفهفة»، فيما هي صورة تشبه أحوال البلاد، لا بل أسوأ. هالهم ما قامت به، لكنهم لم يعترضوا على أن الملف الذي أعادت فتحه (دور مصرف «سوسيتيه جنرال» ومصرف لبنان في تهريب الدولارات إلى الخارج) نظر فيه القاضي شربل أبو سمرا الذي لم يستشعر أيّ حرج في كون شقيقته موظفة كبيرة في «سوسيتيه»، وزوج شقيقته هو النائب جان طالوزيان، التابع لأنطون صحناوي، صاحب «سوسيتيه». شربل أبو سمرا قاضٍ نظيف، في نظر زملائه ووسائل الإعلام والسياسيين والناشطين، ولا يحتاج إلى اجتماع لمجلس القضاء الأعلى للنظر في الموبقة التي ارتكبها، إذ أصدر قراراً لمصلحة رب عمل شقيقته وصهره. أما غادة عون، فتضرّ بصورة القضاء، ولا بد لمجلس القضاء الأعلى من أخذ زمام المبادرة لمنعها من الاستمرار في ما تقوم به.
الأمر لا يحتاج إلى كثير تمحيص وتدقيق، ولا إلى «شلبنة». المعركة أمس كانت بين غادة عون وعصابة المصارف، وعلى رأسها رياض سلامة الذي لم يتجرأ عليه أحد كما تجرّأت عليه المدّعية العامة لجبل لبنان. مجلس القضاء الذي لم يجد نفسه معنياً بملاحقة من تسبب بانهيار الاقتصاد الوطني بعد نهب أموال الناس (مدّخراتهم ومداخيلهم وضرائبهم ومالهم العام) وإفقارهم، قرّر أن يكون درع العصابة، فيما غالبية القوى السياسية ووسائل الإعلام تقف خلف العصابة دعماً لها. لم ينتفض مجلس القضاء لأن غادة عون تخطئ، ولا لأنها تخالف القانون، ولا لأنها تظلم، ولا لأنها محسوبة على فريق سياسي، بل لأنها تجرأت على المسّ بالآلهة. وفي هذه المعركة تحديداً، لا في غيرها التي تخوضها نيابة عن التيار الوطني الحرّ، لا بد من الوقوف مع غادة عون، في مواجهة العصابة ودرعها وحماتها. مع غادة عون، ولو في مواجهة القانون. فهذه النصوص المقدّسة، لم نصنعها نحن، ولا صنعها المدافعون عن مصالحنا، بل أوجدتها العصابة وحُماتُها للدفاع عن مصالحهم المباشرة، عن مصالحهم الشخصية، عن أموالهم وثرواتهم وعقاراتهم واعتدائهم على الملكية الخاصة والأملاك العامة. غادة عون تجرّأت على كسر قدسيّة هذه النصوص، فتقرر أمس كسرها. ولأجل ذلك، الوقوف إلى جانبها، في هذه المعركة ضد عصابة المصارف، لا في غيرها، هو أضعف الإيمان.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى