قلق لبناني حيال تصاعد التوترات الأميركية ـ الروسية.. ودياب إلى الدوحة.. والحكومة «مطرحك يا ماشي»
على الرغم من كل ذلك، لم تحصل الملاقاة الرسمية من جانب فريق الحكم لكل هذه النصائح والمناشدات.
زيارة هيل إلى بيروت أحدثت خرقا في جدار ترسيم الحدود المائية جنوبا، وبإعلانه استعداد واشنطن لرعاية استئناف المفاوضات على الأساس التي انطلقت منها، مع إمكانية الاستعانة بخبراء دوليين، بناء لطلب الرئيس ميشال عون، لكنه جدد التأكيد على الموقف الأميركي المتشدد من حزب الله ومن الدور الإيراني الذي يلعبه في لبنان والمنطقة.
نصائح الدول، شقيقة أو صديقة، بتسريع تشكيل الحكومة في لبنان، لا زالت بعيدة عن الآذان. قالها الرئيس الروسي ڤلاديمير بوتين للرئيس المكلف سعد الحريري في موسكو، مع لفتات تكريسية له في هذا الموقع، وسبقه إليها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، مع خارطة طريق تتمثل بالمبادرة الفرنسية مأخوذة في الحسبان، وبمواكبة عربية، ومصرية خصوصا، وبالمصادقة الأميركية على حكومة الاختصاصيين الإنقاذية، التي نصح بها مساعد وزير الخارجية الأميركية للشؤون الديبلوماسية ديڤيد هيل، وخلاصتها انه حان الوقت لتأليف الحكومة وإجراء الإصلاح الشامل.
وكما خرج هيل حكوميا بخفي حنين، دخل الرئيس المكلف سعد الحريري، العائد من موسكو، والذي وجد في استقباله تصريحات للرئيس ميشال عون تشير إلى انه «مطرحك يا ماشي»، فقد رد الرئيس عون مسؤولية العرقلة، وكدأبه منذ ستة أشهر، إلى الرئيس المكلف «الذي يطلب إطلاق يده في تسمية الوزراء، وهذا أمر غير ممكن، ولا يؤمن ثقة برلمانية للحكومة»، ما يعني ان كتلة «لبنان القوي»، بزعامة جبران باسيل، لن تمنحها الثقة!
وأكد عون لصحيفة «نداء الوطن» غياب التواصل مع الرئيس الحريري، مشيرا إلى انه سبق للأخير ان غاب ثلاثة أشهر متواصلة «وهو يتابع جولات شم الهواء». والآن في روسيا التي سبق وقالت انها تؤيد تشكيل حكومة في لبنان، وتعمل على ذلك، كما الأميركيين والفرنسيين من قبل، لكن دون طائل.
وبرر عون عدم توقيعه المرسوم الخاص بالحدود المائية بكونه لم يكن موقعا من مجلس الوزراء، وانه جنَّب بذلك لبنان انعكاسات سلبية محتملة، وأعاد رمي كرة عرقلة تشكيل الحكومة إلى ملعب الرئيس المكلف، أما عن المطالبة باستقالته، فقد اعتبر ان رئيس الجمهورية لا يستقيل.
إلى ذلك، توقف قريبون من تيار المستقبل ورؤساء الحكومة السابقين أمام إعلان رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب عزمه زيارة الدوحة الأحد، يرافقه مستشاره السياسي خضر طالب ومدير عام المراسم لحود لحود، ودون مرافقة وزارية كما يبدو، واعتبر هؤلاء ان هذه الزيارة تشكل تعويما للحكومة المستقيلة، وانهم سيتعاملون معها على هذا الأساس.
في هذا الوقت، قال الكرملين الروسي ان الرئيس الحريري أطلع الرئيس بوتين، خلال المكالمة الهاتفية، على تطورات الداخل في لبنان، وعلى الاجراءات المبدئية لتشكيل حكومة جديدة لتتخطى الأزمة الاقتصادية، فيما أكد الرئيس بوتين على الموقف الروسي الداعم لسيادة لبنان واستقلاله ووحدة أراضيه، وتناول البحث عودة النازحين السوريين وتزويد لبنان بلقاح «سبوتنيك».
السفير اللبناني في موسكو شوقي أبو نصار أكد في اتصال مع إذاعة «صوت لبنان» ان «روسيا تدعم حكومة اختصاصيين دون ثلث معطل برئاسة الحريري».
المصادر المتابعة لفتت عبر «الأنباء» إلى ان موسكو استقبلت الرئيس المكلف سعد الحريري كرئيس حكومة بخمسة نجوم، استنادا إلى التكليف النيابي المعطى له، وإلى الإجماع الدولي والعربي، وتحديدا الأميركي ـ الروسي، على انه الحصان المناسب لجر العربة اللبنانية المتهالكة في هذه المرحلة، أما عن استبدال لقائه الرئيس بوتين باتصال هاتفي، فتقول المصادر ان الحريري أعلم بأن اللقاء سيكون عن بُعد قبل إقلاع طائرته من بيروت، بسبب تناول بوتين اللقاح للتو، وهكذا حصل مع رئيس حكومة ليبيا.
وصادفت زيارة الحريري عيد ميلاده هذا الأسبوع وقد فاجأه بوتين بالتهنئة، وأعاد إلى ذاكرته ان والده الشهيد الرئيس رفيق الحريري زار موسكو، في يوم صادف فيه عيد ميلاده، وقد قدم له، الرئيس بوتين، قالب كاتو بالمناسبة.
ولفتت المصادر إلى وعد بوتين للحريري بالتواصل مع الدول المعنية، منبها من الفوضى الأمنية في لبنان والمقصود إيران وحلفائها في المنطقة.
الحريري عاد من موسكو أمس، فيما غادر المبعوث الأميركي هيل الذي كان آخر لقاءاته مع حاكم مصرف لبنان المركزي رياض سلامه على مائدة غداء، في منزل سلامة في كسروان، وواضح ان في هذا رسالة مفتوحة لكل من يجيد القراءة.
الأوساط اللبنانية المراهنة على تقارب المواقف، بين واشنطن وموسكو، حيال لبنان، أقلقها التوتر المستجد على خط العاصمتين الكبيرين، نتيجة فرض الرئيس جو بايدن العقوبات على روسيا، إضافة إلى عدم توصل «المفاوضات النووية» مع إيران في ڤيينا إلى كلمة سواء، لكن ما يطمئن هو تأكيد هيل أن لبنان باق في صلب اهتمامات الرئيس بايدن، مع التشديد على تشكيل الحكومة، على الرغم من الخمول السياسي الرسمي الظاهر.