فخامة الرئيس إطمئن… المثالثة أصبحت واقعًا سياسيًا!
اندريه قصاص-لبنان24
“لولا عون ما كنا هون”.
هذا كان شعار النواب الذين إجتمعوا في الطائف قبل 32 سنة. وهذا الشعار – الكليشيه لم يكن ليرد على ذهن الذين أقروا إتفاق الطائف بصيغته النهائية لو لم تسبقه سلسلة من الأحداث، وأهمها وأبرزها إصرار الجنرال عون على إستمرار وضع يده على قصر بعبدا، وهي سياسة إمتدّت إلى ما بعد إنتخاب كل من الرئيسين رينيه معوض والياس الهراوي.
فبحجّة الدفاع عن حقوق المسيحيين تصرّف رئيس الحكومة الإنتقالية يومذاك بما يخالف المواثيق والأعراف، وأقدم من دون مقدمات على حلّ مجلس النواب، ومنع النواب المسيحيين من السفر إلى الطائف، ودفع القسم الأكبر من النواب الباقين إلى توجس ما يمكن أن يقدم عليه من خطوات قد تورّط البلاد في مشاكل في غاية الخطورة. وهذا ما كانت توحي به تصرفاته غيرالمدروسة على اساس أن الصلاحيات المعطاة لرئيس الجمهورية ما قبل الطائف إنتقلت إليه طوعًا وتلقائيًا.
من المعلوم أن أيًّا من رؤساء الجمهورية ما قبل الطائف لم يمارسوا بالحرف الصلاحيات الدستورية المعطاة لهم، وذلك حرصًا منهم على التوازنات الدقيقة القائم عليها البلد، ولكن ذلك لم يطمئن الشريك الآخر في المواطنة إستنادًا إلى “ديكتاتورية” الجنرال عون في تطبيق محرّف للصلاحيات الرئاسية. فكانت ردّة الفعل الطبيعية من قبل المتخوفين من تكرار تجربة الجنرال عون في الحكم أن تقلّصت صلاحيات رئيس الجمهورية، ونقلت بالتالي إلى مجلس الوزراء مجتمعًا.
وهكذا ساهم الجنرال عون، من حيث لا يدري، بالسماح بقضم حقوق المسيحيين، بعدما تحوّلت هذه الحقوق لاحقًا إلى ما يشبه قميص عثمان في التركيبة السياسية للعماد عون وتياره، منذ ما قبل عودته من منفاه الباريسي.
ومنذ العام 2005 حتى اليوم لا نزال نسمع الشعارات نفسها، وهي تكررّت في الآونة الأخيرة على لسان النائب جبران باسيل، وبالأخص في معاركه الوهمية داخل الساحة المسيحية، مع ما لاقته هذه المواقف الإستفزازية من “نقزة” مبررّة لدى الشريك الآخر.
وكما الأمس كذلك اليوم. المواقف نفسها تتكرر والنتيجة واحدة. المزيد من تقليص حقوق المسيحيين. الجديد في هذا المجال أن الجنرال عون (الرئيس)، ومن حيث يدري أو لا يدري، قد سهّل تمرير ما كان يتخوّف منه المسيحيون غير “العونيين”، عندما كان الحديث يدور عن “مؤتمر تأسيسي” والسير بمعادلة “المثالثة ضمن المناصفة”.
فعندما يُحكى عن صيغة “الثلاث ثمانات” في حكومة الـ 24 وزيرًا كمخرج يُعمل عليه حاليًا، بموافقة ومباركة الرئيس عون، الذي يرفض صيغة الـ 18 وزيرًا، تكون المثالثة ضمن المناصفة قد تحققت في الواقع السياسي، على رغم المحافظة الشكلية على المناصفة العددية.
مرّة جديدة يتكرّر السيناريو الدراماتيكي نفسه. ومرّة جديدة يدفع المسيحيون ثمن أخطاء الإستراتيجيات الدونكيشوتية والسياسات القائمة على مصالح شخصية وآنية.
فليطمئن فخامة الرئيس ومعه فريقه السياسي إلى أن التاريخ سيذكر يومًا، ولو بعد حين، أنه في زمن الحكومة الإنتقالية إنتقلت صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء، وهذا ما يعتبره مناصرو عون تهميشًا لدور المسيحيين في لبنان والمشرق العربي، وأنه في زمن “الرئاسة القوية” تحققت المثالثة ضمن المناصفة… والحبل على الجرار.