صيغة الـ 24 “ماشية”… لكن الحكومة “مش ماشية”
لم تمض ساعات معدودة على تأكيد رئيس الجمهورية ميشال عون لقناة “الجديد” بأنّه مصرّ على تسليم “بلد أفضل من الّذي استلمته”، مبدياً خشيته من أن تكون “الكلفة مرتفعة جدّاً، وربما الفوضى قبل ذلك”، حتى لفت الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله إلى “جهود جادّة وجماعيّة لتذليل بقية العقبات الحكوميّة، لأنّ الجميع عليه أن يعلم أنّ البلد استنزف وقته وحاله وروحه”… قبلهما كانت الإدارة الفرنسية على لسان وزير خارجيتها جان ايف لودريان تتهم “القوى السياسية اللبنانية ككل، في تحمّل المسؤولية عن هذا المأزق”.
في الواقع، فإنّ المبادرة التي لم ينطلق بها بعد رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي “فصّلها” صديقه رئيس “الحزب التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط، هي القاعدة المتاحة راهناً لإعادة تنشيط المشاورات الحكومية ووصل ما انقطع على أمل التوصل إلى تفاهم يساهم في ولادة حكومة قادرة على وضع حدّ للانهيار الحاصل قبل أن يأكل الأخضر واليابس. ويتردد أن رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أبدى ليونة إزاء هذا الطرح بعد ممانعة استمرت أشهراً كان خلالها يرفض أي صيغة توسّعية.
وبالفعل، يقول نواب عونيون إنّ طرح توسيع الحكومة إلى 24 وزيراً هو سليم كونه يحقق أكثر من هدف: أولاً احترام التمثيل الكاثوليكي والدرزي من خلال توسيع قاعدة المشاركة لتصير عبر وزيرين لكل طائفة، ثانياً احترام مبدأ توزير الاختصاصيين فتوزع الوزارات على 22 وزيراً اذا ما استثنينا رئيس الحكومة ونائبه من قاعدة حمل حقيبة، وبالتالي لا داعي لأن يحمل أي وزير أكثر من حقيبة. وبذلك تحلّ أشكالية عدد الحكومة على قاعدة 12 وزيراً مسلماً (5 سنة و5 شيعة ودرزيان) و12 وزيراً مسيحياً (5 موارنة، 3 أرثوذكس، 2 كاثوليك، أرمني ووزير عن الأقليات). أقله هكذا يراها نواب عونيون، ذلك لأنّ توزير الأقليات من شأنه أن يثير خلافاً سبق لأكثر من حكومة أن وقعت فيه حين كان يرسو عديدها على 24 وزيراً.
المهم، العقدة ليست هنا، وإنما في الثلث المعطل الذي ترفض بقية الأطراف، الخصمة والحليفة، تجييره لمصلحة الفريق العوني فيما يُتهّم الأخير بأنّه يسعى للحصول عليه في حكومة يفترض أن تملأ الشغور الرئاسي حين يحلّ، بدليل الأوراق- المنهجية التي أرسلتها الرئاسة الأولى إلى رئيس الحكومة المكلف عشية لقائهما الأخير وقد تضمّنت ثلثاً معطّلاً في التصورات الثلاثة المرفوعة.
إلا أن للعونيين جواباً مغايراً. يؤكدون أن رئيس الجمهورية كما “التيار الوطني الحر” لا يسعيان لهذا الثلث وقد قالها الرئيس عون بالفم الملآن، معتبرين أنّ جلّ ما يطالب به الرئيس هو اعتماد قاعدة واحدة للتوزير تنطبق على كل الأطراف بمعزل عن طبيعة الوزراء وتصنيفهم، بمعنى أنّه اذا كان الثنائي الشيعي سيسمي وزراءه فلا يجوز أن يتولى رئيس الحكومة تسمية الوزراء المسيحيين تحت عنوان أنهم اختصاصيون بدليل التشكيلة التي قام بتوزيعها بعد اللقاء الأخير، وقد تضمنت أكثر من ثلاثة وزراء مسيحيين حسبهم على رئيس الجمهورية وهو لا دخل له بهم.
ويكررون أنّ العلة التي تحول دون قيام الحكومة في مكان آخر، وتحديداً في تردد الحريري في الإقدام على هذه الخطوة خشية من أي موقف سلبي من المملكة السعودية، ولو أن الأخيرة موقفها من التأليف ليس متشدداً أو رافضاً، لكن اللغز يكمن في موقف الحريري وحساباته.
ويشيرون إلى أنّ توسيع الحكومة إلى 24 وزيراً يعني قد يكون لتيار “المردة” وزيران، ووزير للحزب “السوري القومي”، ليبقى تسعة وزراء، ثمانية منهم موزعون بين حصة رئيس الجمهورية و”التيار الوطني”، أما الوزير التاسع فلن يسبب عقدة إذا صفت النيّات لتأليف حكومة، مشيرين إلى أنّه في حال نجحت الإدارة الفرنسية بإقناع الحريري بالسير بعملية التأليف وفق قواعد تحترم المعايير السابق ذكرها، سيكون من السهل جداً التوصل إلى صيغة حكومية يؤمل منها أن تكون انقاذية… وهو احتمال لا يزال ضبابياً.