الهجرة الشمالية الى تركيا تتصاعد ..ومُغريات للعائلات «لتعيش بسلام»
جهاد نافع-الديار
باتت الهجرة الى تركيا سمة يومية، ومحور حديث يومي بين العائلات الشمالية التي سدت في وجهها ابواب الرزق ، وخسروا الرواتب بتدني القيمة الشرائية لليرة اللبنانية بحيث بات راتب الموظف لا يتجاوز المئة دولار، فكيف حال الذين يعملون في محلات تجارية من فتيات وفتيان رواتبهم لا تتجاوز باحسن الاحوال الثلاثمئة ألف ليرة لبنانية، وهو رقم يكاد لا يصدقه المرء لان البعض ممن يعملون في محلات ألبسة وأحذية ما زالوا يتقاضونها وهو راتب لا يكفي عائلة ليوم واحد…
يحدثنا مواطنون يئنون من الجوع والفقر ان الهجرة هي الحل الوحيد المتاح بعد انسداد آفاق الحلول الاقتصادية في لبنان . وقد لوحظ في هذا السياق، ان عشرات المحلات التي اقفلت في طرابلس ، هاجر اصحابها نحو تركيا ويقيم معظمهم في اسطنبول حيث توفر الدولة التركية تسهيلات للمهاجرين اللبنانيين وتقدم لهم عروضا تبدأ بشراء منازل باسعار خيالية وصولا الى منح الجنسية التركية لمن لا يتملك منزلا، وهي اغراءات جذبت عائلات من عكار ومن طرابلس اغلقوا محلاتهم، ومنهم من باع ممتلكاته وشد الرحال مع عائلته للاقامة في اسطنبول وبعضهم في أنقرة.
ويوضح مهاجرون انه يكفي الاستقرار والامان في تركيا كي تكون وجهتنا اليها، ورغم ان اوضاعها الاقتصادية ليست بالقدر الذي يغري، الا ان الاقامة في انقرة واسطنبول والعمل فيها يبقى أفضل من البقاء في لبنان، خاصة في الشمال المهمل وحيث البطالة متفشية وليس من باب رزق واحد يمكن الركون اليه، كما يكفي ان الدولة التركية تفتح ابوابها للبنانيين الراغبين بالهجرة اليها…
ويقول آخرون، ان تركيا حلت بديلا عن سوريا ، فلولا الازمة السورية لرأينا مئات العائلات، بل وألوف العائلات، من عكار وطرابلس تتجه الى سوريا ، لانها الدولة التي كانت قبل اندلاع الازمة فيها الحاضنة المثلى للبنانيين عامة ولابناء الشمال خاصة ، ولكن الازمة قلّصت من عدد اللبنانيين الذين يقصدون سوريا حين كانت الملاذ الآمن اقتصاديا ومعيشيا وأجتماعيا، وحاجيات العائلات من ملابس الى مواد غذائية واستهلاكية كلها كانت من سوريا، علما انه رغم الازمة، فان كثيرا من المواطنين الشماليين ما زالوا يرتادون اسواق حمص وطرطوس الى اليوم وإن كان العدد قد تقلّص نسبة الى ما كانت الحال عليه قبل الازمة…
لذلك فقد استطاعت تركيا ان تحل اسواقها بديلا عن اسواق سوريا، وباتت الرحلات الى اسطنبول تتصاعد، رغم جائحة كورونا التي اثرت في الحركة باتجاه تركيا، لكن يقدر عدد العائلات التي اتجهت من الشمال نحو تركيا حتى الآن ما يقارب الثلاثمئة عائلة من عكار وطرابلس، ولكن لا يوجد احصاء رسمي بأعدادهم، غير انه تكفي ملاحظة المحلات التي اقفلت في طرابلس خاصة في شوارع عزمي وقاديشا ونديم الجسر وتقدر باكثر من خمسين محلا، والنظر الى محلات في عكار حيث تبين ان اصحاب هذه المحلات اقفلوا محلاتهم وباعوا محتوياتها وانتقلوا للاقامة في تركيا والعمل فيها وسجلوا اولادهم بمدارس تركية حيث ينتظر انتاج جيل جديد يتكلم اللغة التركية ويعيشون تقاليد وعادات الاتراك عدا احتمال التزواج والمصاهرة …
كل ذلك نتيجة ما آلت اليه الاوضاع المعيشية والاقتصادية التي تسود لبنان وبعد أن لامس الفقر والجوع اكثر من خمسين بالمئة من ابناء الشمال.