هل باركت “المملكة” مبادرة “3 تمانات” الجنبلاطية؟
جوزفين ديب – أساس ميديا
بعد قصر بعبدا، حطّ سفير المملكة العربية السعودية وليد البخاري في المختارة، ضيفاً على وليد جنبلاط. كانت المائدة عامرة بمازة الإنهيار اللبناني، من تبّولة الوضع الإقليمي، إلى طبق الحكومة الرئيسي، وصولاً إلى مقبّلات يمنية ضرورية.
بحضور تيمور، حفيد “المعلّم” كمال، يحيط به وائل أبو فاعور ونعمة طعمة، استفاض الضيف في الحديث عن العلاقة التاريخية بين المملكة وبين الراحل كمال جنبلاط. ليس هذا وحسب، بل صنع السفير من اللقاء “حدثاً” أكبر من مجرّد زيارة. فاستفاض في الحديث عن كتاب “أديب الحياة” لجنبلاط الجدّ، وصلّى في مسجد الأمير شكيب أرسلان، وأتى على سيرة كنيسة المختارة، ليخلص إلى أنّ ما يجمع المملكة بلبنان، عبر المختارة، بما تمثّل من إرث تاريخيّ وعروبيّ: “أنّنا كنّا وسنبقى عرَبًا، مسيحيين ومُسلمين”.
عروبة لبنان مسؤولية تاريخية مشتركة، قال البخاري، بعدما قرأ الفاتحة عن روح “المعلّم”. ومن “العروبة” “ميّلَ” على اليمن، وعلى مبادرة السلام التي طرحتها المملكة للحلّ السياسي. وكما في بعبدا كذلك في المختارة، وجد السفير ترحيباً بها. فالمملكة حريصة، بحسب معلومات مواكبة، على تسويق مبادرتها تجاه اليمن، وعلى الإعلان عن رغبتها بالسلام تناغماً مع رغبة الإدارة الأميركية الجديدة.
لنعد إلى لبنان:
بحسب معلومات “أساس”، أكّد جنبلاط لضيفه أنّه في موقع وسطيّ. ربما لهذا كان لا بدّ من زيارة بعبدا: لتسويق “التسوية”، وللتموضع في الوسط، حيث يمكن للبَيك أن يصير “وسيطاً”.
وكشفت مصادر مطّلعة أنّ جنبلاط أوفد لتسويق مبادرته النائب وائل أبو فاعور والوزير السابق غازي العريضي إلى بيت الوسط حيث التقيا الرئيس المكلّف سعد الحريري. ومفاد المبادرة تأليف حكومة من 24 وزيراً، على قاعدة “لا غالب ولا مغلوب”، وفق توزيعة “تلات تمانات”. وأعلن أنّه عرضها على الرئيس نبيه برّي، على أن يعيد رئيس مجلس النواب تزييت محرّكاته في هذا الاتجاه، لمحاولة إحداث خرق، لاسيما بعدما تحدثت معلومات عن حصوله على دعم عربي وفرنسي للانخراط في مبادرة حكومية جديدة.
الحريري لم يعطِ جواباً بعد لموفدي جنبلاط، الذي يعم على ترحيب سعودي بمبادرته. بل واجه الحريري ضيفاه بالعتب من زيارة جنبلاط بعبدا. وبعد العتب، انتهت الزيارة بترطيب الأجواء بين الفريقين، لكن من دون إحداث خرق في موقف الحريري.
ما فشل فيه الوفد الجنبلاطي نجح فيه الرئيس برّي. فقد أفادت معلومات “أساس” أنّه استقبل الرئيس المكلّف بعيداً من الإعلام وأقنعه بالتفكير في المبادرة الجديدة على قاعدة أن “لا ثلث معطلاً فيها لأحد”.
بالعودة الى السفير السعودي، فهو فضّل عدم الدخول في التفاصيل لجهة “قبول” المملكة برئاسة سعد الحريري أو رفضه. وقال لجنبلاط كما سبق أن قال في بعبدا: “المملكة لا تتدخل في التفاصيل”. في حين أوحت الأجواء بأنّ “حكومة اختصاصيين” ستكون بمثابة “امتحان”، على الحريري تجاوزه.
في الكواليس همس عن اصطدام الصيغة المطروحة باعتراض فريق رئيس الجمهورية، بحجّة أنّها تسمح للحريري بالحصول على النصف زائداً واحداً، مع حلفائه. وهناك من يردّ: “هل صارت حصّة الرئيس برّي من ضمن هذا النصف زائداً واحداً؟”.
خرج البخاي من اللقاء وأطلق كلاماً لافتاً. تحدّث عن “لوثة القوى الظلامية التي تقتات على إلقاء مسؤوليّة خياراتها السياسية على جهات خارجية هروباً من الفشل”. في تصويب مباشر على من يتّهمون المملكة بأنّها تعرقل الحلّ. وهي رسالة مباشرة من المختارة إلى بعبدا وحارة حريك بعد اتهامهما المملكة بالوقوف خلف تعذّر تشكيل الحكومة على الحريري.
السفير البخاري سيستكمل جولته على المسؤولين اللبنانيين، لكنّه حتّى اللحظة يستثني سعد الحريري من جدول مواعيده.
وهذا ليس تفصيلاً.