“إسرائيل” عالقة في برزخ الانتخابات.. السيناريوهات المحتملة
الوقت- فشلت الانتخابات النيابية الرابعة على التوالي في الأراضي المحتلة في أقل من عامين، والتي كانت في الواقع استفتاءً على شرعية بنيامين نتنياهو، في إنهاء الأزمة والمأزق السياسي للكيان الصهيوني، وفي أعقاب فشل الخصوم في الفوز بالمقاعد اللازمة لتشكيل الحكومة ويأس سكان الأراضي المحتلة من الاستقرار، تتربص الانتخابات الخامسة قبل نهاية عام 2021.
وفي هذه الجولة من الانتخابات، حاول نتنياهو تمديد فترة ولايته كرئيس للوزراء وإنقاذ حياته السياسية من خلال تسليط الضوء على إجراءات مثل التطعيم العام ضد الكورونا وتطبيع العلاقات مع بعض الدول العربية، ومع ذلك، انتقد العديد من منتقديه أداءه الذي تمثل بالفشل في منع تفشي الوباء في بداياته وكذلك رفض التنحي بعد اتهامه بالفساد.
الى ذلك أعلنت لجنة الانتخابات الصهيونية أنه بعد فرز 100٪ من الأصوات، فازت الأحزاب اليمينية، بما في ذلك حزب الليكود وحلفاؤه الطبيعيون ، بـ 52 من أصل 120 مقعدا في الكنيست، وحصلت مجموعة من الأحزاب الملتزمة بإسقاط نتنياهو ايديولوجيا، على 57 مقعدا. حيث بدأ قادة الأحزاب بالفعل محادثات من المتوقع أن تستمر لأسابيع. وإذا فشل ائتلاف منهم في الفوز بأغلبية لا تقل عن 61 مقعدا، فستنتقل إسرائيل إلى انتخابات خامسة. وهناك عدة سيناريوهات في هذا الصدد وهي على الشكل التالي.
أزمة الليكود.. والإجماع على خليفة نتنياهو
يتمثل أحد السيناريوهات المحتملة بإبقاء السلطة في يد الليكود واليمين بشكل عام. حيث انه لا يزال حزب الليكود أكبر حزب في البرلمان بحصوله على 30 مقعدا، ومن خلال تحالفه مع أحزاب ائتلافية أخرى موالية لنتنياهو يمكن أن يفوز بما يصل إلى 57 مقعدا. في غضون ذلك، من المحتمل جدا أن يفكر قادة حزب الليكود في استبدال نتنياهو من أجل تعزيز أصوات الأحزاب اليمينية الأخرى المعارضة له. وفي هذا الصدد، أعلنت القناة الثانية عشرة للكيان الصهيوني أن كبار أعضاء حزب الليكود قد وافقوا بالفعل على التزام الصمت والقيام بما قاله نتنياهو حتى يتمكن من إيصال الحزب إلى السلطة، ولكن للمرة الرابعة (خلال عامين فقط) لم يحدث ذلك، وانتقل الكيان الإسرائيلي إلى انتخابات أخرى وحكومة انتقالية أخرى.
وقال جدعون سار، احد اعضاء حزب الليكود الذي فاز بستة مقاعد في الانتخابات بعد انفصاله عن الحزب: “من الواضح أن نتنياهو لا يملك الأغلبية لتشكيل حكومة تحت قيادته. يجب الآن اتخاذ إجراءات لتمكين تشكيل حكومة من أجل التغيير.”
كما بدأ العديد من معارضي نتنياهو مناقشة مشروع قانون لاستبعاده سياسياً بموجب لائحة اتهام تتعلق بمهمة تشكيل الحكومة، وهي خطوة تهدف إلى منع نتنياهو من شغل منصب رئيس الوزراء لفترة طويلة. وقد تم اقتراح مشروع قانون مماثل سابقا في مارس 2020، لكن لم تتم الموافقة عليه.
موازين الائتلافات والوزن المرجح للممثلين العرب.. التحالف التاريخي المناهض لنتنياهو
من أهم المكونات والعناصر الحاسمة في الانتخابات الأخيرة كان الموقف الحاسم للممثلين العرب، الذين على الرغم من أنهم واجهوا انخفاضا كبيرا في عدد الأصوات مقارنة بالانتخابات السابقة، إلا أن انضمامهم إلى أي تحالف يمكن أن يزيد بشكل كبير من فرص تشكيل حكومة لاي جانب ينضمون اليه. هذا وأدت الانقسامات الداخلية وتراجع نسبة التصويت بين عرب “إسرائيل” إلى تراجع عدد المقاعد في القائمة المشتركة للأحزاب العربية التي يتزعمها منصور عباس. ونتيجة لذلك، تم تقليص القائمة المشتركة من 15 إلى 6 مقاعد.
الأحزاب العربية لم تنضم قط إلى أي ائتلاف حاكم. وأعلن حزب الليكود الآن أن مثل هذه الكتلة ستكون “معادية للديمقراطية” في خطوة ضد التحالف العربي ومعارضي نتنياهو.
تضم هذه الكتلة ثاني أكبر حزب في الكنيست، يش عتيد بقيادة يائير لبيد ، بـ 17 مقعدا. وهناك عدد لا يحصى من الأحزاب الأخرى على اليمين واليسار والوسط في الكتلة، لكل منها ستة إلى ثمانية مقاعد على التوالي ، بإجمالي 57 مقعدا.
ويمكن لمجلس النواب العربي الآن على الأرجح تحديد طبيعة حكومة “إسرائيل” المقبلة. ومن العوامل التي زادت من فرص تشكيل مثل هذا التحالف غير المسبوق الخوف العربي من استمرار حكم نتنياهو الذي وعد باحتلال مستوطنات الضفة الغربية، والتركيز الأكبر للأحزاب الصهيونية على القضايا الداخلية مثل الجريمة، العنف والأزمة الاقتصادية.
استمرار حالة الضياع والانتخابات الخامسة
بعد عدة جولات من الانتخابات غير المثمرة، أصبح من الواضح تماما أن النظام الانتخابي للكيان الصهيوني لديه نقاط ضعف متأصلة في حل الجمود السياسي، ما أدى إلى تفاقم نقاط الضعف الأساسية والهيكلية مع “عامل نتنياهو”. وفاز ما مجموعه 13 حزبا بعدد كافٍ من الأصوات لدخول الكنيست – وهو أكبر عدد منذ انتخابات عام 2003 – بما في ذلك الأحزاب فوق الأرثوذكسية والعربية والعلمانية والوطنية والليبرالية، والتي جعلت من الضروري تشكيل حكومة ائتلافية.
وفي غضون ذلك، لا يُنظر إلى أي من قادة الحزب الآخرين على أنه منافس معروف ومتفق عليه لهزيمة نتنياهو، وتواجه الأحزاب المعارضة لليكود انقسامات عميقة في الأيديولوجيا والسياسة الداخلية.
على سبيل المثال، رفض نفتالي بينيت، رئيس حزب يمينا اليميني، الانضمام إلى ائتلاف يائير لبيد كسياسي معتدل، والذي يقود الكتلة المناهضة لبيبي، على الرغم من معارضته استمرار نتنياهو في رئاسة الوزراء. وعليه، فإن استمرار الأزمة إذا أصر نتنياهو على الحفاظ على السلطة وعدم التنحي هو السيناريو الأكثر ترجيحا في المشهد السياسي الإسرائيلي في المستقبل.