أحدث الأساليب السعودية غير الإنسانية لتعذيب المعتقلين السياسيين والحقوقيين
الوقت- خلال السنوات الماضية تعرض وضع حقوق الإنسان في السعودية لانتقادات واسعة من قبل مختلف الدول والأوساط الدولية، ولكن على الرغم من هذه الانتقادات؛ كانت اوضاع حقوق الإنسان والحقوق المدنية الأساسية في أسوأ حالاتها في السعودية وعلى مدى السنوات الأربع الماضية على الأقل في عهد “ترامب”، لم يخفف القادة السعوديون مطلقًا عقوبة النشطاء المدنيين والسياسيين، ولكنهم خلال الفترة القليلة الماضية قاموا بعدد من الخطوات غير المسبوقة لتخفيف بعض الاحكام على ناشطين مدنيين سعوديين وهذا الامر أدى إلى ظهور بعض الاستنتاجات حول هذا التغيير في سلوك القادة السعوديين المرتبط بتغيير الحكومة في أمريكا.
وحول هذا السياق، أفادت مصادر اخبارية، بأن مسؤولين سعوديين يطورون أساليب جديدة لمعاقبة معتقلي حرية التعبير والمعتقلين السياسيين. وبحسب عدد من التقارير، يحاول المسؤولون السعوديون ابتكار أساليب جديدة لتعذيب السجناء السياسيين في انتهاك واضح لقانون حقوق الإنسان. وفي هذا الصدد، زعمت المديرية العامة للسجون السعودية، أنه باعتمادها هذه الطريقة الجديدة، تحافظ على السجناء الجنائيين والسجناء الذين يعانون من أمراض نفسية في قسم معتقلي حرية التعبير. ولقد ورد في تغريدة نشرها حساب “حرية التعبير” للمعتقلين السعوديين، أن عددا من السجناء السياسيين مضربون عن الطعام منذ 7 مارس / آذار لأن المجرمين والمختلين عقليا في الجناح نفسه معهم. وأفادت مصادر مطلعة بأن النزلاء المجرمين في هذه السجون يضربون معتقلي حرية التعبير وكبار السن. ولفتت تلك المصادر إلى أن هناك أكثر من 30 سجينًا في سجن “حائر” السعودي، بينهم الناشط الحقوقي “محمد القحطاني”، مضربون عن الطعام حاليًا احتجاجًا على ظروفهم المعيشية السيئة.
وفي السياق نفسه، قالت “ميشيل باشيليه” مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان يوم الجمعة الماضي، في تصريحات علنية نادرة بشأن السعودية، إن هناك أشخاصا “محتجزون ظلما” في المملكة، وحثتها على احترام حرية التعبير والحق في التجمع السلمي. ورحبت “باشيليه”، خلال كلمة أمام مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة المؤلف من 47 دولة منهم السعودية، بالإفراج في وقت سابق من هذا الشهر عن الناشطة في مجال حقوق المرأة لجين الهذلول، مضيفة “لكنني آسف لاستمرار احتجاز آخرين ظلما”. ولم تشر “باشيليه” إلى عزم إدارة الرئيس الأمريكي “جو بايدن” إصدار تقرير حساس للمخابرات الأمريكية بشأن مقتل الصحفي السعودي جمال خاشقجي في 2018. ورحبت بالخطط التي أعلنتها السلطات السعودية لسن تشريع جديد لتعزيز ما وصفته بضمانات حقوق الإنسان المرتبطة بقانون الأسرة والأحوال الشخصية. وقالت في جنيف “أحث السلطات كذلك على صياغة أطر عمل تشريعية لدعم الحق في حرية التعبير والتجمع السلمي وتكوين الجمعيات في المملكة”. الجدير بالذكر أن الاتحاد الأوروبي عبّر في كلمة ألقاها السفير البرتغالي “روي ماسييرا” عن قلقه من استخدام السعودية لأجهزة مكافحة الإرهاب والأجهزة الأمنية لمحاكمة المدنيين والنشطاء الذين تعرضوا للاحتجاز لفترات طويلة، بما في ذلك الحبس الانفرادي. حيث قال السفير البرتغالي: “مع الوضع في الاعتبار إصلاحات نظام العقوبات والتراجع الكبير في استخدام عقوبة الإعدام، يدعو الاتحاد الأوروبي إلى مزيد من الاهتمام بحقوق العمال المهاجرين وحقوق المرأة وحرية التعبير والدين أو المعتقد”.
وعلى صعيد متصل، أعربت الدكتورة “أنيل شيلين” أستاذة العلوم السياسية الأمريكية قبل عدة أيام، أن أوضاع حقوق الإنسان في السعودية فظيعة ولا تزال مقلقة للغاية. وعددت “شيلين”، جرائم الحاكم الفعلي للسعودية ولي العهد “محمد بن سلمان”، مثل الحرب على اليمن والاغتيال الوحشي للصحفي السعودي المعارض “جمال خاشقجي” في قنصلية بلاده في تركيا واختطاف رئيس الوزراء اللبناني “سعد الحريري”، واعتقال المعارضين والنشطاء الحقوقيين داخل المملكة، وكذلك ملاحقة المعارضين خارج حدود المملكة. وحذرت “شيلين” من الخطورة القانونية للناشطة الحقوقية “لجين الهذلول”، فهي لا تزال معرضة لخطر الملاحقة القانونية، كما سيظل العديد من مئات الأشخاص قابعين في السجن ظلما.
وفي السياق نفسه، وجهت أكثر من ثلاثين دولة غربية انتقادات صريحة إلى السعودية خلال الفترة الماضية بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة. وفي جنيف دعت تلك الدول الرياض في بيان إلى إطلاق سراح الحقوقيات المعتقلات وإلى القيام بتحقيق شفاف ومستقل بشأن مقتل “خاشقجي”. حيث انتقدت 36 دولة، من بينها ألمانيا، السعودية أمام مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بسبب ملف حقوق الإنسان في المملكة. ونيابة عن الدول الـ 36، قرأ “هارالد أسبيلوند”، ممثل أيسلندا في جنيف بيانا جاء فيه “نحن قلقون بشكل خاص حول تفعيل قوانين مكافحة الإرهاب وغيرها من الأحكام المتعلقة بالأمن ضد الأفراد، الذين يمارسون حقوقهم وحرياتهم سلمياً”. وأضاف البيان “المدافعون عن حقوق الإنسان ومجموعات المجتمع المدني يجب أن تؤدي دورا مهما في عملية الإصلاح، التي تنتهجها المملكة”. كما دعت تلك الدول السعودية مرة أخرى إلى القيام بتحقيق يتمتع بالاستقلال والشفافية في قضية مقتل الصحفي المعارض “جمال خاشقجي” في القنصلية السعودية في إسطنبول وقالت: “نحن ندعو السعودية لنشر جميع المعلومات وإلى التعاون مع جميع التحقيقات، وكذلك مع التحقيق الذي يجريه المقرر الخاص المعني بقضايا الإعدام التعسفي والإعدام خارج نطاق القضاء”.
وعلى صعيد متصل، كشفت العديد من التقارير أن سلطات الرياض مارست خلال السنوات الماضية العديد من الانتهاكات الفادحة لحقوق الإنسان من اعتقالات تعسفية وإعدامات للمواطنين وحصار وحروب مع الدول المجاورة بشكل يومي، كذلك تعمل المنظمات الحقوقية على تسليط الأضواء على الانتهاكات والتي بدأت تؤثر على سمعة سلطات الرياض وتؤرق كبار المسؤولين. كما أكدت تلك التقارير أن الأمير “محمد بن سلمان” شن حملة اعتقالات تعسفية واسعة ضد أمراء ورجال الأعمال ورجال الدين والكفاءات والنخب من كل المناطق والتيارات والتوجهات والمهن، وامتلأت السجون بالمعتقلين والمعتقلات وهذه أول مرة يتم فيها اعتقال عدد كبير من النساء لأسباب تتعلق بحرية الرأي والعمل الحقوقي. إن سياسة التهميش والتغييب والاستخفاف بالشعب لم تتغير في عهد الملك سلمان وابنه ولي العهد الأمير “محمد” الذي يروج للانفتاح والترفيه، فهو في الحقيقة كبقية العهود السابقة الحاكمة في السعودية من حيث عقلية الاستبداد وتهميش للشعب المغيب والمطلوب منه في كل عهد وسلطة أن يطبل ويمجد سياسة الملك سلمان وابنه ولي العهد.
وعليه، فإنه يمكن القول.. في السعودية، لا يزال التعبير عن الأفكار المخالفة للتيار الوهابي الأيديولوجي والديني محظورًا ويرتبط بتكاليف باهظة على المواطنين، وبعض الإجراءات الأخيرة السطحية والمحدودة، مثل تخفيف العقوبة وإطلاق سراح العديد من السجناء والنشطاء السياسيين والاجتماعيين، لن يكون له تأثير على الأوضاع المتردية لحقوق الانسان في السعودية. إن هذه الاجراءات الاخيرة جاءت من أجل تهيئة المناخ مع الإدارة الأمريكية الجديدة، حيث بادرت الرياض بتسريع عملية إغلاق الملفات الساخنة والمثيرة لدى الإدارة الأمريكية والعالم، وفتح صفحة جديدة مع الرئيس الجديد “بايدن” بأقل الخسائر، وبالخصوص ملف اعتقال الحقوقيات والناشطات وبالذات ملف الحقوقية “لجين الهذلول”. ويبدو أن قرار تخفيف أحكام الإعدام بحق عدد من الشبان ينصب ضمن المسار نفسه والطريق الذي بدأت الرياض تسير به لعلها تجد حلاً مع إدارة “بايدن”.